مع حلول الشتاء .. تجار الحطب يحرقون البيئة
مع بداية حلول فصل الشتاء تنشط تجارة الحطب لاستخدامه في التدفئة، ويبدأ معها المحتطبون في مارثون لتجريد الأودية والغابات من الأشجار عبر الاحتطاب الجائر الذي أصبح يهدد الكثير من الغابات السعودية بالانقراض.
وعلى الرغم من القرارات الكثيرة التي تصدرها وزارة الزراعة والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، وكذلك الدفاع المدني والتي تدعو إلى عدم الاحتطاب الجائر لما له من دور كبير في تدمير البيئة وحدوث آثار سلبية على البشر والحيوان والنبات، إلا أن هؤلاء المحتطبين لا يزالون يتجاهلون كل هذا القرارات غير عابهين بما يسببه من أضرار.
وهنا حذر الدكتور عبد العزيز حامد أبو زنادة الأمين العام للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، من خطورة الجور على أهم عناصر البيئة وهي الأشجار التي توجد في الأودية، لما لذلك من آثار سلبية وتدميرية على البيئة والغابات، حيث يتسبب ذلك في فقدان المياه الجوفية كون الأشجار والنباتات هي التي تحد من سرعة جريان المياه وتأثيراتها الهدامة وتبقيها لتتسرب وتتغلغل إلى جوف الأرض مالئة بذلك الخزانات الجوفية التي تحتاج إلى سنوات عديدة لتستعيد مخزونها.
الإرهاب البيئي
ووصف أبو زنادة في حديثه لـ "الاقتصادية" تجارة الحطب بأنها نوع من أنواع الإرهاب البيئي الخطير الذي يتغلغل بعنف هادئ لا تظهر آثاره التدميرية إلا بعد فوات الأوان، حيث يجرد المجتمع من الحقوق دون أن يترك حقا للأجيال المقبلة في هذه الموارد.
أنانية مفرطة
وأضاف قائلا: " إن هذا السلوك العدواني على البيئة ربما لا ينبع فقط عن قلة وعي بيئي لدى البعض بل يعود أيضاً إلى الجشع والأنانية وحب الذات على حساب المجتمع.
وزاد: في الحقيقة أن الحاجة إلى حماية البيئة وعناصرها من جراء الأنشطة الهدامة للإنسان ظهرت منذ القدم، إلا أن المشكلة تفاقمت مع تنامي قدرة الإنسان على تدمير البيئة بامتلاكه الأدوات والمعدات الحديثة التي تمكنه من الوصول إلى أي بقعة والقيام بما يحلو له دون تفكير واع في النتائج المترتبة على أفعاله وأنشطته، فهو فقط ينظر إلى كسب مادي سريع ووفير دون دفع تكلفته البيئية، وحتى دون إشراك المجتمع المحلي في الاستفادة ولو بالقدر اليسير من هذه المكاسب التي هي في واقع الأمر خسائر فادحة بالنسبة لهم بشكل خاص وبالنسبة للمجتمع بشكل عام.
وأوضح أبو زنادة أن هناك جملة من الأخطار المحيطة ببيئتنا الصحراوية الهشة، والتي من أهمها الاحتطاب غير المنظم والجائر بإفراط شديد وأحيانا بانتقائية تؤثر سلبا في أنواع معينة رئيسية من الحيوانات الفطرية.
لا بد من التصدي لهذه التجاوزات
وأفاد أبو زنادة بأنه كي نحافظ على هذه الموارد لا بد من تعاضد كافة الجهود الحكومية والأهلية والتي تتمثل في التنفيذ الفعال للأنظمة والتشريعات الخاصة بالمحافظة على كافة مكونات البيئة الأحيائية وغير الأحيائية، والتعامل بحزم مع المتورطين في تدمير البيئة إلى جانب مراجعة تلك النصوص وتعديلها وفقا لمستجدات العصر، ودعم الهيئات الحكومية العاملة في هذا المجال، وإنشاء جمعيات أو أندية أو أمناء للبيئة في كل منطقة وعلى مستوى القرى والهجر.
شجون البيئة
وفي الوقت الذي عبر فيه أبو زنادة عن الكثير من شجون البيئة، إلا أنه قال تنتابه سعادة غامرة كون قضايا البيئة بدأت أخيرا تأخذ قدرا طيبا من فكر وهموم الكتاب والمتخصصين وانخراطهم ذاتيا في مناقشة وطرح مثل هذه القضايا الملحة والتي كانت تعد شيئا من الترف بصورة واقعية ملموسة بل إن وسائل الإعلام المقروءة قد أفردت صفحات للموضوعات البيئية، "لكن ما زلنا ننتظر الكثير من مفكرينا وكتابنا ومشايخنا وصحافتنا وكافة الأجهزة الإعلامية للإسهام في نشر الوعي البيئي في ربوع الوطن".
مكاسب شخصية سريعة
وأشار الأمين العام للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها إلى أنه يجب أن يدرك الجميع أن جهود المحافظة على البيئة لا يمكن أن تتم بمعزل عن عجلة التنمية المستدامة وأن استمرار واستدامة التنمية لا يمكن أن تتحقق دون الأخذ في الاعتبار المعايير البيئية. وقال "لا بد أن يتنازل الإنسان عن بعض مكاسبه الشخصية السريعة من أجل الصالح العام لمجتمعه ووطنه، كما يجب أيضاً أن تحترم الأجيال الحاضرة حقوق الأجيال المقبلة في الانتفاع من البيئة ومواردها".