المخالفون القدامى.. حنين إلى أيام الصبا في "مرور وسط البلد"
الأماكن المحرك الأقوى للذاكرة، ليست الوجوه بتجاعيدها المتغيرة بفعل الزمن، ولا الكلمات التي قد لا تدون وتُنسى، بل هي الأماكن التي يمكن أن تعيدهم إلى أيام زمنهم الماضي بتفاصيلها الدقيقة، من هذه الأماكن أحد أقسام المرور القديمة في الرياض وقد يكون أقدمها، وهو "قسم مرور وسط البلد" الواقع في شارع العطايف الشهير الذي يعد من أقدم شوارع الرياض، حيث ما زال مبنى مرور وسط البلد حاضرا في بداية الشارع من الشمال رغم هجر رجال المرور له منذ سنوات طويلة.
هذا المبنى الذي ما زال صامدا رغم قدم بنائه، يظل محركا لذاكرة كبار السن، وخصوصا هؤلاء الذي دخلوه إما مراجعين وإما حتى ممن ارتكبوا مخالفات، من هؤلاء "أبو فهد" الذي وجدناه في أحد المحال القريبة من المقر القديم للمرور، واتضح لنا أنه يحمل ذكريات جميلة مع هذا المبنى، يقول ضاحكا: "نعم دخلته كثيرا، ولن أخبركم لماذا دخلته"، وحول ما إذا كانت مخالفاتهم في ذلك الوقت تشابه مخالفات شبان هذا الوقت، قال: "أغلب المخالفات المرورية التي تقيد ضد جيلنا كانت تتعلق بالوقوف الخاطئ أو قيادة السيارة عكس المسار الصحيح، وهي مخالفات نفعلها دون تعمد، فالنظام في ذلك الوقت لم يكن واضحا، خصوصا أننا قوم في بداية عهدنا مع السيارات والأنظمة المرورية".
"أبو فهد" أكد في حديثه لنا أن "فطرتهم" تمنعهم من القيام بمخالفات للهو أو العبث، فلا يذكر أنه أو أحدا من أصدقائه تمت مخالفته لأنه مارس التفحيط، أو هرب من رجال المرور بعد مخالفة مرورية "فطرية" كما سماها، ويذكر "أبو فهد" أن أول سيارة اشتراها كانت "وانيت" لا يتذكر سنة صنعها ولا ماركتها، ولم يكن يحمل رخصة قيادة حين اشتراها، ولذلك كانت تلك السيارة سببا في حصوله على كثير من المخالفات، حتى استخرج رخصة القيادة بعد سنوات برسم حكومي قدره ريال واحد فقط لا غير.