عقول عربية تبدع في أول الطريق وتتوه في النهاية!

عقول عربية تبدع في أول الطريق وتتوه في النهاية!

"عقلان أفضل من واحد، وخمسة أفضل من اثنين" مقولة أجنبية يستخدمها البعض لترسيخ العمل الجماعي، هذه المقولة كل يوم تبثت نفسها أكثر، عند الذين استطاعوا فهمها جيداً في جميع المجالات والتخصصات سواء علمية أو اجتماعية أو فنية.
في العمل الفني العربي خصوصا نفتقد كثيراً ترسيخ العمل الجماعي وأهميته، رغم وجود عقول رائعة تخصصت بتأليف الأعمال الدرامية الضخمة، إلا أن بريق الأعمال الدرامية يخف تدريجيا مع أجزاءه الأخرى حتى يتلاشى، ولا يستمر المسلسل أو أجزاءه بنفس الوهج مع دخول موسم آخر وجديد منه، وذلك قد يكون ناتجا فقد التركيز مع مرور الوقت أو نفاد الأفكار، حتى يصبح اسمه من أساطير الأولين يتذاكره معجبوه في جلسات السمر.
في المقابل نرى المؤلفين الغرب يستمرون إبداعا عاماً بعد عام بلا انقطاع، ونرى القنوات الأجنبية تعرض كثيراً من مواسم المسلسلات الرائعة، والمنافسة تشتد على مدار العام. والسبب في ذلك أنهم لا يعملون بشكل منفرد، بل يستعينون ببعضهم البعض. في مسلسل "القانون والأوامر" الذي يعرض له الآن موسمه الـ 18 على قناة NBC، سئل مؤلف المسلسل ديك والف عن سر نجاح المسلسل واستمراره حتى الآن، رد قائلاً: "نحن مجموعة من المؤلفين نجلس على طاولة واحدة ونبدأ تبادل الأفكار، ونكون فكرة واحدة من عدة أفكار، كما أننا نلجأ إلى الصحف ومتابعة أخبار الجرائم، ونستعين بخبراء في القانون وعالم الجرائم".
هذا ما قاله المؤلف الأول لمسلسل "القانون والأوامر" وما ذكره كان سبباً مقنعاً في استمرار المسلسل حتى يومنا هذا، كما أن تنوع مخرجي المسلسل في الموسم الواحد، أضاف طعما جديداً في كل حلقة يتابعها المشاهد، ولكن ما يجري عندنا العكس، الكل يبحث عن مجد واحد له وحده ضاربا بعرض الحائط المقولة التي تقول "يد واحدة لا تصفق"، فيخرج المؤلف العربي بمسلسله في الموسم الأول ليكون ناجحاً، ثم يخرج الموسم الثاني أكثر نجاحا، ليأتي الموسم الثالث ضعيفاً ومكررا ولا يوجد فيه أفكار جديدة، وببحث بسيط عن سبب المشكلة ستجد أن لا سبب إلا ثبات أسماء طاقم العمل! التجديد والبحث عن جديد يتطلب جرأة في الاستعانة بمن يساعد ويمد يد العون بعقول جديدة، وهذا لا يعني كما يفهم البعض فشلا للمخرج الأصلي أو المؤلف الأصلي، بل من النجاح أن تكرس فكرتك الأصلية بأفكار متجددة تصب في صالج العمل الكلي.
مسلسل "الهروب من السجن" المعروض على قناة فوكس الأمريكية يعتبر مثالاً آخر للنجاح الموسمي المتجدد، هل كان ليستطيع مخرج العمل بول شورينج الخروج وحده بهذا المسلسل المليء بالحيل والخدع التي تفوق التوقعات؟ بول استعان بكل ما يستطيع من خبراء سواء في الهندسة المعمارية التي كانت العامل الأساسي في المسلسل، ولجأ إلى خبراء وأحيانا مجرمين لمعرفة حالة العيش في السجون الأمريكية، كل هذا عن طريق طاقم متجدد يشاركه العمل في المسلسل.
صحيح أن لدينا مسلسلات استمرت لأعوام كثيرة مثل المسلسل المحلي طاش الذي امتد لـ 15 موسماً، إلا أن التذبذب في نسبة نجاحه رغم لجوئه إلى كتاب متعددين يعد سمة بارزة لهذا المسلسل، ليالي الحلمية (خمسة أجزاء) أيضا أحد تلك المسلسلات التي هبطت أسهمها إلى الحضيض في مواسمه الأخيرة بعد نجاح مواسمه الأولى، "باب الحارة" الذي ننتظر موسمه الثالث نتمنى له أن لا يفشل وأن يكون متجددا وعلامة بارزة للأعمال الموسمية، إلا أننا لا نستطيع الجزم بذلك، لأن الواقع يقول أن العقل العامل في ذلك المسلسل واحد فقط!

الأكثر قراءة