أفكار من سوق الأسهم
من خلال متابعة أحوال المستثمرين والمتعاملين في السوق المالية ورصد ردود أفعالهم تجاه بعض الأحداث في السوق، وجدت أن فئة لا بأس بها تشتكي من تأخر بدء تداول أسهم شركة تم طرح أسهمها للاكتتاب العام قبل شهر أو أكثر. والسبب أنه وضع جميع ما يملك في ذلك السهم أو اقترض لأجل الاستثمار. والبعض أيضاً يحاول إيجاد علاقة بين مناسبة معينة (كالأعياد أو بدء موسم الدراسة والإجازات) مع انخفاض مؤشر السوق. وإن وجدت علاقة فهي علاقة بالكاد تكون موجودة ولكن تضخيمها يؤدي إلى أن تكون سبباً فعالاً.
فأبسط النظريات الاقتصادية تتناول موضوع الاستهلاك على أنه الحاجة الأساسية التي تنبع من دخل الفرد والفائض المتبقي بعد الاستهلاك يسمى بالادخار. ومن خلال الادخار يمكن للفرد أن يستثمر أمواله بأي درجة من المخاطر يرغبها. وأية محاولة لاستقطاع جزء من الاستهلاك وتحويله إلى استثمار فإن كسر تلك النظرية سيؤدي إلى عواقب وخيمة. ومع استمرار تلك الظاهرة فإن أية زيادة في دخل الفرد ستتحول آلياً إلى استثمار دون الأخذ في الاعتبار جانب الاستهلاك والذي بدوره أيضا سيؤدي إلى الانخفاض في مستوى الرفاهية لدى تلك الفئة. فدخل الأفراد بازدياد وأسعار السلع ترتفع والجزء المخصص للاستهلاك ينخفض.
أما الجانب الآخر فيتمثل بالاقتراض لأجل الاستثمار. وبنفس الآلية السابقة وبما أن الاستثمار في الأسهم يعد استثمارا مرتفع المخاطر فإن أي انخفاض في قيمة تلك الاستثمارات أو خسائر ستجعل الفرد معرضاً لاستقطاع جزء من دخله لتغطية أقساط ومصاريف القروض نتيجة عدم التخطيط مسبقاً لمثل تلك التوقعات وعدم كفاية الجزء المدخر لتغطية مصاريف الاستثمار.
ومن خلال ما سبق، فكم هي النسبة المتوقعة من المليارات التي يتم تداولها يومياً في سوق الأسهم والموجهة حالياً لأسهم شركات ضخمة واستثمارات طويلة الأجل التي سيتم سحبها لأجل مواجهة مصاريف العيد ؟!...
بالتأكيد هناك نسبة، لكنها نسبة ضئيلة جداً لا تكاد تصل إلى 1 في المائة من الإجمالي. لكن من خلال عرض تلك المسألة على أنها ظاهرة مؤثرة. وتضمينها في التحاليل المالية والتوقعات المستقبلية ستؤثر في سلوكيات المتعاملين وتؤدي بهم إلى محاولة الخروج من السوق قبل الجميع وبالتوقيت الذي يرونه مناسباً. بغض النظر عن اقتناعهم أو عدم اقتناعهم بما يحدث.
ومن هنا يأتي دور الشركات المالية والمحللين الماليين في رفض مثل تلك الأفكار والعمل على المساهمة في حماية المستثمرين. فحتى لو أثبت الواقع عكس ذلك وانخفض المؤشر بسبب إجازة العيد. فهو بسبب عدم وصول المعلومة والفكرة الصحيحة لدى المتعامل . وإلا فسنكون من الرائدين في تغيير نظريات اقتصادية أو طرح نظريات جديدة تجعل الاستثمار جزءاً من الاستهلاك. وكل عام وأنتم بخير.
محلل مالي أول - مجموعة كسب المالية
[email protected]