الصناديق الاستثمارية.. الشفافية قبل الأرباح!!
صعدتْ أصول الصناديق الاستثمارية في سوق الأسهم المحلية مع بداية 2003 والتي لم يتجاوز عددها آنذاك 15 صندوقاً استثمارياً، من حدود 1.9 مليار ريال إلى أن تجاوزت قبيل اندلاع شرارة انهيار شباط "فبراير" 2006 سقف 120.7 مليار ريال، تعود إدارتها إلى 26 صندوقٍا استثماريا، أي أن أعدادها قد زادت بنحو 9 صناديق استثمارية! الزيادة الضخمة في أصول تلك الصناديق الاستثمارية تُشير على أنها تضاعفت خلال تلك الفترة الوجيزة في عمر الأسواق المالية بنحو 64 مرة! مقارنةً بتضاعف القيمة الرأسمالية لإجمالي السوق بنحو 10.8 مرة خلال الفترة نفسها، ما يعني من جانبٍ آخر أن قوتها النسبية قد ارتفعت خلال الفترة نفسها من 0.7 في المائة إلى أكثر من 4.0 في المائة، وتُعد نسبة لا يُستهان بها على الإطلاق، خاصةً إذا نسبنا تلك الأصول الضخمة "120.7 مليار ريال" إلى الحصة السوقية المتاحة للتداول! أيضاً ارتفع عدد المشتركين في تلك الصناديق الاستثمارية خلال الفترة نفسها من 60.6 ألف مشترك فقط إلى أكثر من 595.4 ألف مشترك قبيل اللحظات الأولى للانهيار؛ أي أن أعدادهم تضاعفت بأكثر من 9.8 مرة! مقارنةً بتضاعف أعداد إجمالي المستثمرين في السوق المحلية خلال الفترة نفسها بأكثر من 38.0 مرة، حينما قفزت أعدادهم من 79.8 ألف مستثمر في مطلع 2003 إلى أن تجاوزوا حدود 3.0 مليون مستثمر. الشاهد من تلك الحقائق أعلاه التي تحمل في أرحامها الكثير من الدلالات والمؤشرات؛ أنها لعبت دوراً رئيساً لا جدال حوله في صناعة التطورات الأخيرة لواقع سوقنا المحلية خلال الفترة الصاعدة 2003-2006، أشيرُ إلى أن ما أهتم به هنا منحصرٌ حول ما جرى في داخل تلك الصناديق الاستثمارية طوال تلك الفترة من تطورات، على أن الإشكالية ليست في ضرورة معرفة واكتشاف ما جرى في الماضي، بقدرِ ما أنني أركز هنا وأشدد على هذه النقطة تحديداً أن نكون على علمٍ تام وآني بما تقوم به صناديق الاستثمار اليوم وغداً، التي يقف عددها الآن عند 29 صندوقاً استثمارياً ويبلغ صافي أصولها نحو 26.3 مليار ريال.
من يجادلني ويثبت لي أن رفع مستوى الإفصاح والشفافية في السوق ليس جزءا محوريا من محاور إصلاحها وتطويرها؟! ومن يجادلني أيضاً ويثبت لي أن المطالبة بكامل المعلومات المتعلقة بعمل تلك الصناديق الاستثمارية العاملة في السوق المحلية، ليست واحداً من أهم متطلبات الإفصاح والشفافية المشار إليها أعلاه؟! آن لنا ونحن على الطريق الطويل المأمول من خلاله الارتقاء بواقع سوقنا المالية الناشئة إلى واقعٍ أكثر نضجا وتطورا، أن نهدم الجدران العازلة بين قواعد بيانات ومعلومات السوق من جهةٍ، وكل من هو بحاجةٍ إلى تلك المعلومات المهمة من جهةٍ أخرى. ليست مفاجأة أسبق بها غيري أن أؤكد إلزامية الإعلان والإفصاح والنشر عن كل معلومات السوق بما فيها معلومات الصناديق الاستثمارية؛ بموجب ما نصَّ عليه نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية! وأن هذا الأمر لم ولن يسمح له أن يكون مطوياً في ملفاتٍ سرية ليست للاطلاع، بقدرِ ما أنه الجزء الرئيس من المعلومات الواجب نشرها على موقع تداول بصورةٍ دورية ومستمرة، بصفته المصدر الرسمي لمعلومات السوق المحلية. لا أشكُّ أبداً أنَّ تحقق ما نطالب به أعلاه من معلوماتٍ حول تركزات وتوزيع أصول الصناديق الاستثمارية في السوق، وحول حجم وقيمة الصفقات المنفذة لتلك الصناديق الاستثمارية على أقل تقديرٍ بصفةٍ أسبوعية، وأحجام وقيمة الاشتراك والاسترداد وأعداد المشتركين على أقل تقدير بصفةٍ شهرية، أؤكد أنه سيكون بمثابة واحدٍ من أهم إنجازات السوق المحلية على الإطلاق! ليست مبالغةً أن أعرض هذه القضية المهمة بهذه الصورة، خاصةً إذا علمنا جميعاً في الوقت الراهن أن مجرّد التعرّف على سعر وحدة أي من تلك الصناديق الاستثمارية؛ يُعد إنجازاً بحد ذاته! أقولها بأسفٍ أمام تأخر بعضٍ من إداراتها عن تحديث التقييمات الأسبوعية للأسعار وصافي الأصول وفقاً لسياساتها الاستثمارية والأنظمة الحاكمة عملها، هذا عدا "التطنيش المتعمد" من بعضها لفترةٍ قد تتجاوز شهرا! وعليه؛ ألسنا محقين في أن نطالب إداراتها وتداول أيضاً "الجهة التنفيذية" بالشفافية والإفصاح قبل أي أمرٍ آخر؟!
عضو جمعية الاقتصاد السعودية