الأسواق الناشئة تصدر سندات بأسرع وتيرة منذ عقد للاستفادة من المخاطرة
الأسواق الناشئة تصدر سندات بأسرع وتيرة منذ عقد للاستفادة من المخاطرة
تُسارع الدول والشركات في الدول النامية إلى بيع سندات بأسرع وتيرة لها منذ عقد على الأقل، مستغلةً الإقبال الكبير على أصول الأسواق الناشئة، وسط ما يصفه المستثمرون بأنه تقلبات حادة في أسواق الدين العالمية.
شملت طفرة السندات التي تجاوزت 27 مليار دولار الأسبوع الماضي صفقات من السعودية، وتركيا، والبرازيل، وقد بلغ الطلب حدا دفع استراتيجيي "جيه بي مورجان" إلى رفع توقعاتهم لإصدارات الديون السيادية في الأسواق الناشئة، حيث يتوقعون حاليا عاما قياسيا لهذه الفئة من الأصول.
مدير محفظة الديون في "بي آي أسيت مانجمنت" إدواردو أوردونيز قال "إنها حفلة .. اغتنم الفرصة قبل أن يسود جو من العزوف عن المخاطرة".
أدى التضخم المترسخ وزيادة الاقتراض الحكومي إلى اضطراب أسواق الدين العالمية، حيث تخلى مديرو الأموال عن السندات بسبب مخاوفهم المتعلقة بالآفاق المالية لبريطانيا وعدم الاستقرار السياسي في فرنسا. وامتدت هذه المعاناة إلى آسيا أيضاً، حيث لامس عائد سندات حكومة اليابان لأجل 20 عاماً الأسبوع الماضي أعلى مستوى له منذ 1999.
انتعاش سندات أمريكا
انتعشت السندات الأمريكية يوم الجمعة، بعد أن شهدت تراجعا حادا نتيجة قلق المتداولين بشأن استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي ومسار أسعار الفائدة وسط موجة هجوم من الرئيس دونالد ترمب، وقد دفعت بيانات التوظيف المخيبة للآمال بعض المتداولين إلى المراهنة على خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في منتصف سبتمبر.
رغم إشارة رئيس البنك جيروم باول إلى خفض بربع نقطة في اجتماع هذا الشهر، إلا أن توقعات أسعار الفائدة تتوقف على المخاطر المحيطة بمزيج سياسات ترمب، بما فيها الرسوم الجمركية وعجز الموازنة وموقفه من الفيدرالي، هذا يعني أن عائد السندات لأجل 10 أعوام "المعيار العالمي للإقراض بالدولار" قد يرتفع، ما يؤدي إلى سعر أعلى لبيع الديون على الدول والشركات.
الرئيس المشارك لديون الأسواق الناشئة السيادية والعملات الأجنبية في "ناينتي ون" غرانت ويبستر قال "السبب الذي دفع الناس إلى عدم الانتظار هو أن التيسير النقدي تم تسعيره إلى حد كبير. من يدري ما إذا كانت نقاط العائد لسندات الخمس أو العشر أو العشرين أو الثلاثين سنة ستكون أقل ؟ لا يمكنك أن تعرف".
الأسواق الناشئة تتفوق على المتقدمة
على الرغم من التقلبات في ما يطلق عليها الأسواق الأساسية، ارتفعت إصدارات الاقتصادات الناشئة بالعملة المحلية 13% هذا العام، بينما ارتفعت السندات المقومة بالدولار بأكثر من 8%، وفقا لمؤشرات "بلومبرغ"، ويتفوق كلاهما على ديون الأسواق المتقدمة، التي ارتفعت 6.5%.
انكمش العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون للاحتفاظ بديون الأسواق الناشئة مقارنةً بسندات الخزانة الأمريكية المماثلة إلى 298 نقطة أساس في المتوسط، ليقترب من أدنى مستوى له منذ 2019، وفقا لمقياس "جيه بي مورجان".
بلغ التفاؤل مستوى دفع المستثمرين إلى ضخّ أموالهم في صناديق الدين المخصصة للأسواق الناشئة على مدار آخر 20 أسبوعا متتاليا، مضيفين 1.9 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 3 سبتمبر، وفقا لأحدث بيانات أبحاث صناديق المحافظ الناشئة (EPFR) التي جمعها "بنك أوف أميركا".
يشهد نشاط إصدار الديون الأسواق الناشئة إقبالا متزايدا، مسجلا أفضل بداية لسبتمبر منذ 2014، وفقا للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ"، فحتى البرازيل التي تعتمد بشكل كبير على الأسواق المحلية لتمويل ميزانيتها، أصدرت سندات بالدولار للمرة الثالثة في 2025، وهو الآن أكثر أعوامها نشاطا منذ أكثر من عقد، وتظهر البيانات أن حجم الإصدارات منذ بداية العام بلغ 511 مليار دولار، وهو الأكبر منذ 2021.
شهية هائلة على السندات الجديدة
كان الشهية هائلة على السندات الجديد، قدم المستثمرون طلبات شراء بـ 17.5 مليار دولار لصكوك سعودية بقيمة 5.5 مليار دولار، وتجاوز الطلب على سندات صندوق الثروة السيادية التركي البالغة مليار دولار، المعروض بعشرة أضعاف.
أيوش سونثاليا مدير محفظة في "بي جي آي إم فيكسد إنكوم" قال "نحن نتجاوز التوقعات بقليل، لذا فإن المعروض أكبر مما كان متوقعا"، مضيفا "إنهم يستبقون حدوث تقلبات محتملة".
قد يؤدي ارتفاع تقلبات أسعار الفائدة إلى تعقيد مبيعات السندات الجديدة للمصدرين منخفضي التصنيف الائتماني، ليس هذا فحسب، بل قد يصعب أيضا تمويل الديون القائمة، ما قد يؤدي في النهاية إلى موجة أخرى من الانهيارات في الدول النامية.
إصدارات مرتقبة
لا يزال مؤشر ويبستر التابع لشركة "ناينتي ون" يتوقع أن تبيع إندونيسيا والكويت وعُمان ونيجيريا سندات بنهاية العام، وتخطط عملاقة النفط السعودية "أرامكو" لإصدار صكوك بالدولار هذا الشهر، بينما من المرجح أن تلجأ المكسيك إلى الأسواق لجمع ما يصل إلى 10 مليارات دولار لتمويل إعادة شراء سندات شركة النفط الحكومية المتعثرة.
شهد سبتمبر بالفعل إصدارات سيادية بقيمة 8.5 مليار دولار "أي أكثر من نصف متوسط هذا الشهر البالغ 13.1 مليار دولار"، وفقا لما كتبه الخبيران الاستراتيجيان في "جيه بي مورجان" فريحة أحمد ونيشانت بوجاري، يوم الخميس، ويتوقع كلاهما أن تصل إصدارات السندات السيادية في الأسواق الناشئة هذا العام إلى 240 مليار دولار، ما يعني تسجيل رقم قياسي، وأضافا "أن الدول ذات التصنيف الائتماني المنخفض التي استعادت إمكانية الوصول إلى السوق قد تسعى لاقتناص الفرصة والاستفادة من مستثمري الديون"
كبير الخبراء الاستراتيجيين متعددي الأصول في "بيكتيت أسيت مانجمنت" أرون ساي قال "يبدو أننا نشهد فترة استقرار نسبي، لذا ليس من المستغرب أن يصبح المصدرون أكثر إيجابية بشأن تلبية احتياجاتهم التمويلية في هذه المرحلة".