ثبات الدولار يحفز المركزي الصيني على دعم اليوان ويقود المستثمرين نحو الذهب

ثبات الدولار يحفز المركزي الصيني على دعم اليوان ويقود المستثمرين نحو الذهب

ثبات الدولار يحفز المركزي الصيني على دعم اليوان ويقود المستثمرين نحو الذهب

شهد اليوان الصيني ارتفاعا ملحوظا في الأيام الأخيرة، مدفوعا بشكل أساسي بتوجيهات قوية من بنكه المركزي، أكثر مما هو ناتج عن قوى السوق الطبيعية، وفقاً لتحليلات خبراء اقتصاديين.

هذا التحرك يأتي في وقت يشهد فيه مؤشر الدولار الأمريكي استقرارا نسبيا، ما يعكس أن صعود العملة الصينية جاء نتيجة قرار سياسي واقتصادي مدروس.

على مدار خمسة أيام تداول فقط الأسبوع الماضي، دفع بنك الشعب الصيني سعر الصرف المرجعي لليوان مقابل الدولار من 7.1321 إلى 7.1030، وهي وتيرة تعادل مجمل التغير الذي سجّلته العملة خلال الشهرين السابقين، حسب "ساوث تشاينا مورنينج بوست".

في المقابل، لم يُظهر مؤشر الدولار الأمريكي أي ضعف يُذكر، إذ راوح بين 97.8 و98.6 حتى بعد أن ألمح رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى احتمال خفض الفائدة في سبتمبر المقبل.

يرى الخبير الاقتصادي هيي وي من مؤسسة جافيكال دومونيكس أن البنك المركزي الصيني "قرر دفع العملة للارتفاع رغم أن الأسواق لم تكن تتحرك في هذا الاتجاه". وأوضح أن هذا التحرك قد يكون استباقياً استعدادا لاحتمال تراجع الدولار الأمريكي مع تزايد التوقعات بخفض الفائدة، فضلاً عن القلق بشأن استقلالية الفيدرالي الأمريكي في ظل هجمات الرئيس دونالد ترمب.

ويضيف هيي وي أن "رفع العملة حالياً يساعد على تخفيف الضغوط المتوقعة (...) كما يمنح البنك المركزي مرونة أكبر لخفض الفائدة لاحقا دون المخاطرة بزيادة الضغوط الهبوطية على اليوان". كما يمكن أن يُفهم هذا الصعود التدريجي كـ"إشارة ودية" إلى واشنطن في خضم المفاوضات التجارية المستمرة، خصوصاً مع زيارة المفاوض الصيني الكبير لي تشنجقانج إلى العاصمة الأمريكية الأسبوع الماضي، حيث عقد اجتماعات مع وزارتي الخزانة والتجارة ومكتب الممثل التجاري الأمريكي.
ومن خلال إظهار أن الصين لا تلجأ إلى خفض عملتها لمواجهة الرسوم الأمريكية، قد يسهم البنك المركزي في خلق ظروف إيجابية تمهد لاتفاق تجاري محتمل مع الولايات المتحدة.

لكن تبقى المخاوف قائمة بشأن فقدان تنافسية الصادرات الصينية إذا استمر ارتفاع اليوان بوتيرة سريعة. أشار هيي إلى أن "الارتفاع المفاجئ في قيمة العملة" المسجل في أواخر أغسطس قد لا يدوم طويلا، خصوصا مع احتمال تأثير الرسوم الأمريكية بشكل أعمق في الطلب الخارجي خلال الأشهر المقبلة.

في الوقت ذاته، يتزايد القلق العالمي من استقرار الدولار وأصوله المرتبطة به، ما دفع المستثمرين إلى تعزيز مراكزهم في الذهب بوصفه ملاذا آمنا. فقد قفز سعر المعدن النفيس بنحو الثلث منذ بداية العام، ليسجل مستوى قياسيا عند 3,578 دولاراً للأونصة الأربعاء الماضي.

لم يقتصر الأمر على المستثمرين فقط، بل شمل أيضا البنوك المركزية التي رفعت حيازاتها من الذهب إلى مستويات تجاوزت للمرة الأولى منذ 1996 حجم استثماراتها في سندات الخزانة الأمريكية، وفق بيانات "بلومبرغ".

هذا التوجه يعكس إعادة تشكيل ملامح المشهد المالي العالمي، حيث تتداخل قوة العملة الصينية، الضغوط التجارية بين بكين وواشنطن، وصعود الذهب كخيار أكثر أمانا في ظل غموض مستقبل الدولار.

الأكثر قراءة