شيخوخة الثروة: يسيطر كبار السن على مليارات العالم والشباب ينتظرون دورهم
شيخوخة الثروة: يسيطر كبار السن على مليارات العالم والشباب ينتظرون دورهم
في المخيلة العامة، يُنظر إلى المليارديرات على أنهم شباب مهووسون بالتكنولوجيا، يطلقون شركات ناشئة بين ليلة وضحاها مثل إيلون ماسك أو مارك زوكربيرج. لكن في الواقع، يشكل المليارديرات الشباب دون سن الخمسين 10% فقط من تعداد مليارديرات العالم.
وفقا لتحليل أجرته مجلة فوربس تبيّن أن واحدا من كل 5 مليارديرات في الثمانينيات أو التسعينيات من العمر، بينما تحتضن الولايات المتحدة وحدها 36 مليارديرا تجاوزوا التسعين.
ومن بين أبرز الأسماء: ويلما تيش (98 عاما) التي تملك ثروة تُقدَّر بملياري دولار ورثتها عن زوجها وشقيقه مؤسسي شركة "لويس كوربوريشن"، وأليس شوارتز (99 عاما) مؤسسة شركة "بايو-راد لابوراتوريز" للعلوم والتشخيصات، والتي تبلغ ثروتها أيضًا ملياري دولار.
لكن هذه الظاهرة لا تخص طبقة المليارديرات وحدها، إذ أكد الاقتصادي إدوارد وولف من جامعة نيويورك في دراسة جديدة ذكرتها "بزنس إنسايدر" أن صعود الثروة لدى كبار السن ليس محصورا بالنخبة الثرية، بل بات اتجاها عاما في المجتمع الأمريكي. فقد أظهرت بياناته أن صافي الثروة النسبية للأسر الأمريكية ممن تجاوزوا 75 عاما ارتفع بشكل حاد بين 1983 و2022، بينما تراجع متوسط ثروة بقية الفئات العمرية، خصوصا من هم تحت 35 عامًا.
ويعود هذا التباين إلى 3 عوامل رئيسية: ارتفاع معدلات تملك المنازل بين كبار السن، تضاعف نصيبهم من الأسهم، وتراجع مديونياتهم العقارية مقارنة بجيل الشباب. فعلى سبيل المثال، ارتفع معدل ملكية المنازل لدى من هم فوق 65 عامًا بأكثر من 7 نقاط مئوية، في حين ظل شبه ثابت لدى الشباب.
والأهم أن جيل الطفرة السكانية لا يزال يحتفظ بمنازل كبيرة حتى بعد أن أصبحت "أعشاشا فارغة"، ما ضيّق الفرص أمام الأجيال الأصغر الساعية لشراء منازل لعائلاتها.
وفي الوقت الذي يواجه فيه الشباب صعوبة متزايدة في بناء ثرواتهم، يواصل عدد من كبار الأثرياء تعزيز مكانتهم والبقاء في قلب النشاط الاقتصادي. المثال الأبرز هو جورج جوزيف، مؤسس شركة "ميركوري جنرال" للتأمين، الذي يبلغ 103 أعوام وما زال يحضر إلى مكتبه بانتظام، محتفظًا بملكية تصل إلى 35% من أسهم الشركة، ليصبح أقدم ملياردير نشط في أمريكا، وفقا لـ "فورتشن".
ومن اللافت أن نحو 150 مليارديرا تراوح أعمارهم في الثمانينيات، بينهم أسماء بارزة مثل: ليز ويكسنر الرئيس التنفيذي السابق لشركة فيكتوريا سيكريت ومايكل بلومبرج، مؤسس "بلومبرغ".
لكن الشيخوخة في هذه الطبقة الثرية لا تعني فقط طول العمر في العمل، بل ترتبط كذلك بملف اقتصادي أكبر: "التحول العظيم للثروة". فبحلول 2048، من المتوقع أن تنتقل أصول تقدر بـ 124 تريليون دولار من جيل طفرة المواليد إلى الأجيال الشابة، ولا سيما جيل الألفية.
وحسب ماذكرت "فورتشن" فإن بيانات مؤسسة سيرولي تُظهر أن نحو 105 تريليونات من هذه الثروات ستذهب مباشرة إلى العائلات، بينما يُتوقع أن يذهب 18 تريليون فقط للأعمال الخيرية.
وتشير التقديرات إلى أن نصف هذا المبلغ تقريبا، أي نحو 62 تريليون دولار، سيأتي من المليارديرات والأثرياء الفاحشي الثراء. والأكثر حظا سيكون جيل الألفية، الذي يُتوقع أن يرث وحده نحو 46 تريليون دولار خلال الـ 25 سنة المقبلة.