وفاة مصمم الأزياء الإيطالي الملياردير جورجيو أرماني عن عمر ناهز 91 عاماً

توفي جورجيو أرماني، مصمم الأزياء الملياردير الذي أسس واحدة من أرقى علامات الموضة في العالم وساهم في ترسيخ شعار "صُنع في إيطاليا" كرمز للجودة لدى المستهلكين، عن عمر ناهز 91 عاماً.

قالت شركته إنه توفي يوم الخميس في منزله. وكان قد تغيّب عن عروض أزياء في يونيو الماضي بينما كان يتعافى من مرض لم يُكشف عنه، وفق ما نقلته وكالة "أسوشيتد برس".

أرماني درس الطب قبل أن يؤسس علامته التجارية التي تحمل اسمه عام 1975، ويبني إمبراطورية تجزئة نادراً ما تمكن منافسون من مجاراتها. فمن سترته الشهيرة غير المُهيكلة إلى الجينز والقمصان والنظارات والأحذية، تحولت شركة "جورجيو أرماني" (Giorgio Armani) التي يقع مقرها في ميلانو إلى ظاهرة ثقافية.

استقلالية رغم موجة الاندماجات
حافظ أرماني على سيطرة محكمة على شركته لعقود، إذ كافح للحفاظ على استقلالها في مواجهة موجة الاندماجات والاستحواذات التي أعادت تشكيل قطاع السلع الفاخرة. ورغم أن المصرفيين الاستثماريين في ميلانو طرحوا سيناريوهات متعددة للتعامل مع الشركة على مدى السنوات، فإن أياً منها لم يؤد إلى صفقات.

ظهر أرماني على غلاف مجلة "تايم" عام 1982 تحت عنوان "أسلوب جورجيو الرائع"، فيما ارتدت نجمات مثل جوليا روبرتس ونيكول كيدمان وبيونسيه ملابس من تصميمه على السجادة الحمراء في حفلات جوائز الأوسكار.

وقال أرماني لشبكة "سي إن إن" عام 2006: "أعتقد أن ملابسي يمكن أن تمنح الناس صورة أفضل عن أنفسهم، وأن تعزز ثقتهم وسعادتهم".

حققت المجموعة عبر علامات مثل "أرماني إكستشينج" و"إمبوريو أرماني" إيرادات بلغت 2.5 مليار يورو (2.7 مليار دولار) في 2023. فيما قُدرت ثروته الشخصية بنحو 9 مليارات دولار في 20 يونيو، بحسب مؤشر "بلومبرغ للمليارديرات"، ما جعله أحد أغنى أثرياء إيطاليا.

من الطب إلى هوليوود
شارك أرماني في تأسيس الشركة مع شريكه سيرجيو غاليوتي الذي توفي عام 1985 عن عمر 40 عاماً بعد صراع مع سرطان الدم. وساهم أرماني في نشر موضة البدلات الرجالية الفضفاضة بدلاً من القصات التقليدية الصارمة، وهو أسلوب جذب أيضاً نساء كثيرات كن يخضن غمار الحياة المهنية في الثمانينيات.

أرماني نال شهرة عالمية عندما ارتدى الممثل ريتشارد غير بدلات أرماني الأنيقة في فيلم "جيجولو أميركي" (1980). وحافظ على علاقة وثيقة مع هوليوود، إذ صمّم أزياء لأكثر من 100 فيلم منها "المنبوذون" (The Untouchables) (1987)، "أوشنز 13" (Ocean’s 13) (2007) و"ذا دارك نايت" (The Dark Knigh) (2008).

وقال في مقابلة مع "هاربرز بازار" عام 2009: "وقعت في حب الجمال المثالي لنجوم هوليوود".

ومع بلوغه أواخر الثمانينيات، ظل أرماني منخرطاً في أعماله وبقي المساهم الوحيد المستقل فيها. وفي 2016 أسس مؤسسة باسمه لـ"حماية حوكمة أصول مجموعة أرماني"، في إشارة إلى كيفية إدارة الشركة بعد رحيله.

مع اقتراب ميلاده التسعين في 2024، أكد تمسكه "بالاستقلال عن المجموعات الكبرى" لكنه لم يستبعد احتمال دمج شركته مع منافس أكبر أو إدراجها في البورصة مستقبلاً. وأعرب عن رغبته في أن تؤول الشركة إلى مجموعة من المقربين والمستشارين. ورغم أنه لم يُرزق بأبناء، فإن عدداً من أقاربه يشغلون مقاعد في مجلس الإدارة.

تأثير الأم
وُلد أرماني في 11 يوليو 1934 في مدينة بياشنزا شمال إيطاليا، وسط عائلة فقيرة. كان والده أوغو وأمه ماريا ريموندي، وله شقيق يُدعى سيرجيو وأخت تُدعى روسانا.

قال في مقابلة عام 2006 مع المصممة البريطانية ستيلا مكارتني: "كانت والدتي السبب الرئيسي في اهتمامي بالموضة، فقد كانت تحرص دائماً على أن نبدو أنا وأخي وأختي في أبهى صورة".

بدأ أرماني دراسة الطب قبل أن ينضم إلى الجيش، ثم عمل بائعاً في متجر "لا ريناشينتي" (La Rinascente) في ميلانو، وبعدها كمصمم لدى "نينو تشيروتي" (Nino Cerruti)، قبل أن يعمل بشكل مستقل مع شركات مختلفة.

وفي 24 يوليو 1975 أطلق مع غاليوتي خطاً للأزياء الجاهزة للرجال والنساء برأس مال لم يتجاوز 10 آلاف دولار، بحسب "هاربرز بازار".

توسع عالمي
وسع أرماني نشاطه على مر السنين مستفيداً من سمعته في عالم الموضة الراقية، فأضاف خط "إمبوريو أرماني" (Emporio Armani)، وخط الجينز والحقائب والساعات والنظارات والعطور، من أبرزها "أكوا دي جيو" (Acqua di Gio) الذي أصبح واحداً من أشهر العطور الرجالية عبر مجموعة "لوريال" (L’Oreal).

كما خاض تجربة الملابس الرياضية وصمم سترات لمنتخب إيطاليا لكرة القدم الذي فاز ببطولة أوروبا عام 2021.

فنادق "أرماني"
وتجاوزت نشاطاته عالم الأزياء ليطلق أثاثاً منزلياً، ويفتتح فندقين يحملان اسمه في برج خليفة بدبي وفي ميلانو.

نال "أرماني" جوائز عالمية منها جائزة الإنجاز مدى الحياة من "مجلس مصممي الأزياء الأميركي"، وجائزة ليوناردو من الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو عام 2006، ووسام جوقة الشرف من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عام 2008. كما احتفى به متحف غوغنهايم في نيويورك بمعرض عام 2000، وكرّمه "مجلس الأزياء البريطاني" عام 2019 بجائزة الإنجاز المتميز.

أعرب أرماني في مقابلة مع "هاربرز بازار" عن أسفه لعدم وجود شريكة في حياته تتقاسم معه النجاح، ولأنه فاته الاستمتاع بالحياة بسبب التزاماته المهنية. ورغم ظهوره في مطعم "نوبو" (Nobu) في ميلانو ليلاً، أشار إلى أن دائرة أصدقائه كانت ضيقة.

وقال: "لكن بعد أن وصلت إلى ما أنا عليه الآن، لا يمكنني أن أسمح لنفسي بالشك. ما أفعله اليوم هو ما كنت أطمح إلى فعله قبل 20 عاماً، وهذا يمنحني تلقائياً شعوراً بالسكينة تجاه خياراتي".