فيتنام.. النمر الآسيوي القادم يطمح لنادي الكبار بعد 4 عقود من بدء التحول الاقتصادي
فيتنام.. النمر الآسيوي القادم يطمح لنادي الكبار بعد 4 عقود من بدء التحول الاقتصادي
قبل نحو 40 عاما، كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في فيتنام 700 دولار فقط. لكن بعد نهاية الحرب الباردة وانفتاح البلاد على الاستثمار الأجنبي، ظل هذا الرقم يرتفع، إلى أن بلغ نحو 4500 دولار، بحسب بيانات البنك الدولي.
يعود الفضل في هذه الطفرة التي تحققت على مدى 4 عقود إلى خطة التجديد والابتكار "الدوي موي"، التي شملت مبادرات اقتصادية أطلقت عام 1986 لتأسيس اقتصاد سوق ذي توجه اشتراكي، إلى جانب الاتجاهات العالمية، ما أسهم في تحول فيتنام من إحدى أفقر دول العالم إلى اقتصاد متوسط الدخل.
تحقق فيتنام اليوم واحدا من أعلى معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي في العالم، والذي بلغ العام الماضي 7.1%، بينما وصل الفائض في ميزان المعاملات الجارية إلى مستوى قياسي عند 6.6%، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي.
في حين توقع البنك الدولي انخفاض هذا المعدل إلى 5.8% خلال العام الجاري، بسبب "زيادة حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية"، يرى صندوق النقد أن النمو قد يهبط إلى 5.4%. لكن على الرغم من هذا، تظل معدلات النمو المتوقعة من بين الأعلى في العالم.
فيتنام تسعى إلى دولة مرتفعة الدخل
حددت هانوي هدفا يتمثل في أن تصبح دولة ذات دخل مرتفع بحلول منتصف القرن الحالي. وفي أغسطس الماضي، أعلنت حكومتها أنها ستعزز الإنفاق على الأشغال العامة والتنمية الحضرية، في الوقت الذي تسعى فيه إلى اجتذاب سوق الأوراق المالية تقييمات متفائلة.
كان تو لام، الأمين العام للحزب الشيوعي الفيتنامي، أعلن العام الماضي "الدخول إلى عصر جديد من التنمية" وهو ما اعتبره المراقبون إشارة إلى إطلاق ما يمكن أن تكون خطة إصلاح اقتصادي، تعد الأكثر طموحا في تاريخ البلاد منذ عقود.
لكن هذا الطريق قد لا يكون مفروشا بالورود. فالاقتصاد القائم على الإنتاج والتصدير، بإجمالي حجم تبادل تجاري يصل إلى 800 مليار دولار، يواجه رسوما جمركية مرتفعة على صادراته إلى أحد أكبر الشركاء التجاريين، الولايات المتحدة.
في يوليو الماضي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب اتفاقا تجاريا مع فيتنام، ستفرض بموجبه رسوم جمركية نسبتها 20% على واردات بلاده منها، مقابل لا شيء على الصادرات الأمريكية إلى هانوي.
بلغ حجم الفائض التجاري الفيتنامي مع الولايات المتحدة وحدها العام الماضي 123.5 مليار دولار.
وبينما حقق الاقتصاد الفيتنامي نموا نسبته 6.9% في الربع الأول من العام الجاري، يقول صندوق النقد الدولي إن توقعاته "مقيدة بارتفاع حالة عدم اليقين العالمي بشأن السياسات التجارية والنمو الاقتصادي"، وإنه إذا هدأت التوترات التجارية العالمية، ستتحسن التوقعات الاقتصادية بشكل كبير.
حذر الصندوق في تقرير صدر خلال يونيو الماضي من أن مخاطر تراجع الناتج المحلي الإجمالي مرتفعة، قائلا إن المزيد من التصعيد في التوترات التجارية العالمية أو تشديد الظروف المالية العالمية قد يؤدي إلى إضعاف الصادرات والاستثمار.
كيف ستتغلب فيتنام على تحدياتها وتحقق طموحها؟
تشمل خطط الحكومة للتحول الاقتصادي المزمع أجندة إصلاحات طموحة، يمكن أن تعزز النمو على المدى المتوسط.
يرى صندوق النقد أن التركيز على الإصلاحات المؤسسية لتعزيز الكفاءة، وتعزيز نمو القطاع الخاص، وزيادة الاستثمار العام، كلها أمور ستمثل "خطوة كبيرة" إلى الأمام.
ترغب فيتنام في تطوير نظام مالي حديث يعكس قوى السوق بشكل أفضل، وبنك مركزي مناسب لمهمة إدارته.
كان رئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشينه دعا إلى إصلاح شامل للطريقة التي يدير بها البنك المركزي الاقتصاد، وطالب بالتخلي عن استهداف النمو الائتماني والتوصل إلى طرق أفضل لمراقبة القطاع المصرفي.
البنك المركزي قال الشهر الماضي إنه سيخفض متطلبات الاحتياطي لدى بعض مؤسسات الإقراض إلى النصف، في خطوة من المتوقع أن توفر سيولة نقدية يتم ضخها في الاقتصاد.