ما الخطوة التالية للذهب ولماذا يمتلك المشترون مفتاح السوق؟
ما الخطوة التالية للذهب ولماذا يمتلك المشترون مفتاح السوق؟
يحدث الطلب من لاعبين كبار فرقا كبيرا في أسعار الذهب، بحسب مذكرة حديثة من جولدمان ساكس. وهذا يعد خبرا إيجابيا لموجة ارتفاع الذهب، وليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن هؤلاء المشترين سيغرون مسارهم.
وفيما يشهد الذهب عاما رائعا، حيث ارتفعت الأسعار أكثر من 27% حتى الآن، انخفض المعدن النفيس يوم الاثنين نحو 0.1% ليصل إلى 3380 دولارا للأونصة في التداولات المبكرة للعقود الآجلة في بورصةComex ، ولكنه لا يزال أقل نحو 3% فقط من أعلى مستوى قياسي سُجل في أواخر يوليو، بحسب مجلة بارونز.
قد يكون هناك مجال لاستمرار هذا الارتفاع، بحسب جولدمان ساكس، الذي تشير توقعاته الحالية إلى وصول أسعار الذهب في لندن إلى 3700 دولار بحلول نهاية 2025 و4 آلاف دولار بحلول منتصف 2026. أغلق الذهب عند 3336 دولارا للأونصة في لندن يوم الجمعة.
المحللة في جولدمان ساكس لينا توماس، قالت في مذكرة يوم الأحد، إن أسعار الذهب تعكس إلى حد كبير الطلب من عدد قليل من جهات أساسية، مثل البنوك المركزية والمستثمرين طويلي الأجل، الذين يشترون لأغراض التحوط أو لأسباب سياسية ولا يتأثرون بالسعر بشكل خاص. وأضافت أنه مقابل كل 100 طن من صافي مشتريات هذه المجموعات يرتفع سعر الذهب عادة 1.7%.
قارنت توماس بين هؤلاء المشترين و"المشترين الانتهازيين"، مثل الأسر في الدول النامية مثل الصين والهند، الذين يميلون إلى شراء جواهر الذهب وغيرها من السلع كمخزن للثروة. يقفز المشترون الانتهازيون إلى السوق عندما تنخفض أسعار الذهب ولكنهم يحجمون عنها أيضا عندما ترتفع الأسعار. ونتيجة لذلك، يميل طلبهم إلى تهدئة تقلبات أسعار الذهب ولكنه لا يحدد اتجاهه بالضرورة.
ليس من الصعب رؤية تأثير البنوك المركزية وصناديق الاستثمار المتداولة في الارتفاع الأخير للذهب. في حين تحولت البنوك المركزية من بيع الذهب إلى شرائه عقب الأزمة المالية 2008-2009، أشار جولدمان ساكس إلى أن وتيرة الشراء لم تتسارع إلا بعد أن جمدت الولايات المتحدة احتياطيات روسيا من السندات الأمريكية والأوروبية عقب الحرب مع أوكرانيا في 2022. وكتبت توماس أن "البنوك المركزية في الأسواق الناشئة استجابت بشراء الذهب باعتباره الأصل الاحتياطي الوحيد الذي لا يمكن تجميده إذا تم الاحتفاظ به محليا".
وتمثل مشتريات الذهب من خلال صناديق الاستثمار المتداولة عادة الطلب من المستثمرين على المدى الطويل في الولايات المتحدة وأوروبا. عادة ما ينخفض الشراء عند ارتفاع أسعار الفائدة لأن الذهب ينافس السندات كملاذ آمن. لا يوفر الذهب تدفقات نقدية، لذا فإن ارتفاع الفائدة يجعل السندات أكثر جاذبية نسبيا.
بينما اكتفى مستثمرو صناديق الاستثمار المتداولة بمراقبة موجة ارتفاع الذهب في العام الماضي، فإنهم هذا العام بدأوا بالشراء بجدية. ضخ المستثمرون صافي 23 مليار دولار في صناديق الذهب المتداولة ، بحسب بيانات شركة FactSet، بما في ذلك نحو 10 مليارات دولار في الخيار الأكثر شيوعا في السوق، وهو صندوق SPDR Gold Shares.
وحتى لو كانت البنوك المركزية والمستثمرون على المدى الطويل هم من يدفعون الطلب على الذهب حتى الآن، يبقى السؤال: ماذا سيحدث لاحقا هذا العام والعام المقبل؟ في حين أن توقعات جولدمان الصعودية للأسعار تشير إلى مزيد من الشراء، فإن مذكرة توماس لا تجاوب عن السؤال مباشرة.
ومع ذلك، من الصعب في هذه المرحلة تحديد العوامل التي قد تدفع المشترين إلى تغيير مسارهم. لم يتراجع خطر الأزمات المالية، ولا الحاجة إلى الحفاظ على الأصول الاحتياطية في مأمن من العقوبات الدولية. بل على العكس، ازدادت الحاجة إلى أصول الملاذ الآمن بسبب أسلوب القيادة غير التقليدي للرئيس دونالد ترمب، الذي يعتمد على الحب أو الكراهية.
ويبدو أن المستثمرين على المدى الطويل لن يغيروا مسارهم بعد أن بدأوا في التكدس في صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب، خاصة مع توقع انخفاض أسعار الفائدة الأمريكية الآن، ولو تدريجيا، خلال العام المقبل.