الانهيار الصامت .. صراع الموظف بين البقاء المرهِق والخوف من المجهول
الانهيار الصامت .. صراع الموظف بين البقاء المرهِق والخوف من المجهول
الإرهاق، استرجاع الصدمات، البكاء في طريق العمل.. هكذا وصف خمسة موظفين تجاربهم مع ما بات يُعرف بـ"الانهيار الصامت" وهي المعاناة المتمثلة في الشعور بعدم الرضا في العمل وعدم القدرة على المغادرة. المصطلح الجديد يصف ببساطة شعورا قديما: البقاء عالقا في عمل لأسباب مادية أو خوفا من المجهول، وسط سوق عمل مضطرب ومليء بالمخاطر.
حسب "بزنس إنسايدر" غالبا مايكون البقاء في الوظيفة رغم عدم الرضا يكون مدفوعًا بالحاجة إلى الراتب، أو القلق من أن الوظيفة الأخرى قد لا تكون أفضل حالًا. وأحيانا يكون من الأسهل البقاء في الوضع القائم بدلا من خوض مغامرة جديدة.
مظاهر متعددة للانهيار الصامت
تقول شانتيل دوغلاس، وهي أم عزباء وصلت إلى وظيفة متخصصة رغم عدم امتلاكها شهادة جامعية، إن مصطلح "الانهيار الصامت" جعلها تشعر بأنها ليست وحدها في هذا الصراع.
أما كيفن فورد، البالغ من العمر 56 عامًا، فيتذكر أنه عاش هذه التجربة قبل أكثر من 15 عاما حين كان يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات. ورغم أنه كان يدرس ماجستير إدارة الأعمال بتمويل من شركته، فإنه شعر بعدم انسجام مع ثقافة الإداره العليا، قائلا فورد أنه كان يركز بشدة على السلبيات حتى انخفض أداؤه وقرر أخيرا ترك العمل.
شعرت سارة سترومان، 44 عاما، أنها محاصرة في بيئة عمل سامة، حيث كان مديرها يعاملها كمساعدة رغم كونها من أفضل مندوبي المبيعات. كانت تحافظ على مظهر الهدوء أمام زملائها، لكنها تبكي يوميا في طريقها إلى العمل، مثقلة بديون الجامعة وخشية فقدان الراتب.
بعد لحظة رمزية بدأت في وضع خطة خروج تدريجية، وتحركت ببطء ولكن بحزم، محددة لنفسها موعدا ذهنيا للرحيل، وفي النهاية تمكنت من الاستقالة بشروطها الخاصة، مسترجعة السيطرة على حياتها المهنية والشخصية.
الأعراض تختلف من موظف إلى آخر، ويل ريدينغتون وصفها بأنها "غياب تام للدافع، إرهاق دائم، وشعور مستمر بعدم التقدير". أما ماسييل موريّو، مهندسة أمن المنتجات، فكانت تجربتها مرتبطة بالقلق بعد جائحة كورونا وخوفها من فقدان عملها في ظل موجات التسريح. تقول: "أنا ممن يفرغون قلقهم في الأكل.. فأنا أتناول وجبات خفيفة طوال الوقت".
هذا التنوع في الأعراض يعكس عمق الظاهرة، فليس كل يوم عمل صعب يعني بيئة سامة، لكن هناك فرق كبير بين التحدي الصحي في العمل وبين الانغماس في بيئة محبطة تؤدي إلى تآكل الثقة بالنفس والشعور بالعجز.
في 2024، وجدت مؤسسة جالوب أن 31% من الموظفين الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع يشعرون بالاندماج في العمل، لكن 18% فقط أفادوا بأنهم يشعرون "بالرضا التام". وبلغت نسبة رضا الموظفين 19% في مايو 2025، بانخفاض عن 28% في يناير 2014.
أجرى موقع بزنس إنسايدر مؤخرا استطلاعا للرأي بين القراء لسؤالهم عما إذا كانوا قد تعرضوا لـ"الأنهيار الصامت". من بين 163 مشاركا، قال 154 إنهم تعرضوا له.
وصف ويل ريدينغتون، المشارك في الاستطلاع، أعراض "الأنهيار الصامت": "نقص كبير في الحافز، وإرهاق. وشعور دائم بعدم الاستماع". ورغم أن كثيرًا من الموظفين يختارون البقاء حفاظا على الاستقرار المالي، إلا أن استمرار هذه الحالة له كلفة عالية على الصحة النفسية والأداء المهني على حد سواء.