مؤشرات اقتصاد الصين تتدهور تحت ضغوط الحرب التجارية
مؤشرات اقتصاد الصين تتدهور تحت ضغوط الحرب التجارية
أظهر الاقتصاد الصيني علامات تباطؤا في أبريل مع تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، في دليل على أن الضغوط التي وضعتها الرسوم الجمركية المرتفعة أثرت على الاقتصاد.
وفقا لصحيفة "نيكاي آسيا"، يتوقع الاقتصاد الصيني انتعاشا قصير الأجل في الأشهر المقبلة، حيث يسارع المستوردون الأمريكيون للاستفادة من خفض الرسوم الجمركية على السلع الصينية خلال الهدنة التي اتفقت عليها الولايات المتحدة والصين.
لكن حذر اقتصاديون من أن الاقتصاد الصيني لا يزال يواجه تحديات كبيرة، وأن الأمر سيتطلب تحفيزًا أقوى من الحكومة والبنك المركزي هذا العام لتحقيق معدل النمو المستهدف من بكين البالغ 5%.
أظهرت الأرقام التي نشرها المكتب الوطني للإحصاء الصيني يوم الاثنين أن الإنتاج الصناعي نما في أبريل بمعدل سنوي أبطأ مقارنةً بمارس، وذلك نتيجة عدم اليقين إزاء الرسوم الجمركية والتي ضغطت على المصانع الصينية.
كما تراجعت مبيعات التجزئة، وهي مؤشر رئيسي على إنفاق المستهلكين، إلى جانب الاستثمارات في المباني والمعدات والأصول الثابتة الأخرى خلال شهر أبريل مقارنة بالشهر السابق.
تشير هذه الأرقام مجتمعةً إلى أن الاقتصاد المحلي الصيني فقد بعض الزخم فيما تشهد التجارة الخارجية تدهورا، ما يُبرز حساسية الاقتصاد الكلي تجاه الاضطرابات التجارية.
تغطي البيانات فترةً بلغت فيها التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ذروتها في أعقاب فرض الرئيس ترمب في 2 أبريل رسومًا جمركية شاملة.
وبموجب اتفاق جنيف، خفضت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على معظم السلع الصينية إلى نحو 30% من 145%، مع بقاء بعض المنتجات خاضعة لرسوم فرضت في سنوات سابقة، بالإضافة إلى رسوم جديدة على منتجات مثل الصلب والألمنيوم.
وأفاد بنك يو بي إس أن متوسط الرسوم الجمركية على السلع الصينية، مُقاسًا بكمية كل سلعة تستوردها الولايات المتحدة عادةً، يبلغ نحو 44%. ردّت الصين بدورها بخفض رسومها على الواردات الأمريكية من 125% إلى 10%.
كما أعلنت بكين أنها ستعلق إجراءات انتقامية أخرى فرضتها ردًا على رسوم ترمب أو تلغيها، منها فرض بعض الضوابط على صادرات المعادن الأساسية المستخدمة في البطاريات وغيرها من التطبيقات التكنولوجية المتقدمة.
كانت الرسوم الجمركية غير المسبوقة قد هددت بفرض شبه حظر تجاري بين الولايات المتحدة والصين، وهددت بإحداث نقص في البضائع وارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، وفقدان ملايين الوظائف في المصانع الصينية.
يتوقع اقتصاديون تراجع التجارة بين القوتين العظمتين نظرًا لاستمرار ارتفاع مستوى الرسوم الجمركية. ويتوقع لاري هو، كبير الاقتصاديين الصينيين في مجموعة "ماكواري"، انخفاض الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بمقدار الثلث خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، بافتراض بقاء الرسوم الجمركية عند مستوياتها الحالية.
لم يتبين بعد ما إن كان بوسع الصين تعويض هذه الخسارة بزيادة صادراتها إلى دول أخرى، في ظل التوترات واسعة النطاق بشأن تدفق الواردات الصينية الرخيصة التي تُؤثر سلبا على المنتجين المحليين.
لكن على المدى القصير، سيستفيد الاقتصاد الصيني من دفعة مؤقتة مع تسارع المستوردين الأمريكيين على استيراد البضائع قبل انتهاء الهدنة، بحسب خبراء.
على الجانب الآخر، قد تضعف هذه الدفعة رغبة بكين في تنفيذ حوافز اقتصادية. وكان من المتوقع أن تزيد الحكومة الاقتراض والإنفاق لدعم مشاريع البنية التحتية والاستهلاك لتعويض تراجع التجارة، لكن قد تؤجل هذه الخطط أو تقلص بعد الهدنة مع الولايات المتحدة.
يواجه اقتصاد الصين مجموعة من التحديات تتجاوز التجارة، مثل ضعف قطاع العقارات، وتراجع إنفاق المستهلكين، وتضخم طاقة التصنيع، الذي يخفض الأسعار.
لكن من وجهة نظر الاقتصاديين، يحتاج الاقتصاد إلى علاج أقوى لانتزاع الصين من حالة الانكماش وتحفيز نمو اقتصادي أقوى، مثل برامج أضخم للاقتراض والإنفاق، وإصلاحات في الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية لتشجيع الأسر على زيادة إنفاقها وتقليل ادخارها.
أظهرت بيانات يوم الاثنين نمو الإنتاج الصناعي 6.1% على أساس سنوي في أبريل، مقارنة بارتفاع 7,7% في مارس، وفقًا للمكتب الوطني للإحصاء.
رغم هذا التباطؤ، ارتفعت مبيعات التجزئة 5.1% على أساس سنوي في أبريل، مقارنة بـ 5.9% في مارس. وارتفع استثمار الأصول الثابتة 4.0% في الفترة من يناير إلى أبريل، بانخفاض عن نمو 4.2% المسجل في الربع الأول.