ألاسكا الأمريكية بعد 29 عاما.. من "حماقة سيوادر" إلى "حكمة سيوادر"
في 1867، اشترت الولايات المتحدة جزيرة ألاسكا من الروس بـ 7.4 مليون دولار (بواقع سنتان للفدان الواحد)، ما تسبب في تندر الصحافة الأمريكية على وزير خارجية بلادهم ويليام سيوادر الذي تولى مهمة الشراء، ووصفت الصفقة بـ "حماقة سيوادر"، ولكن بعد 29 عاما، وبالتحديد في 1896، تحولت إلى "حكمة سيوادر" بعدما تيقنوا أنهم لم يشترون الثلج فقط، بل اكتشفوا رواسب الذهب الكبرى، والنفط والغاز في الولاية الجليدية.
وتعود ولاية ألاسكا، التي تعد الخط الجغرافي الفاصل بين الدولتين، لواجهة الأحداث خلال قمة دولية مرتقبة يلتقي فيها الرئيسان الأمريكي دونالد ترمب وفيلاديمير بوتين، في 15 أغسطس.
وتستعر الحرب الروسية الأوكرانية منذ 2022، تخللتها هدن مخترقة، واستخدمت خلالها الدولتين الأسلحة الخفيفة والثقيلة والصواريخ وطائرات حربية ومسيرات وقراصنة إلكترونيين والنفط والغاز ومرتزقة، بعدما كانتا في يوم من الأيام تحت علم المطرقة والمنجل: الاتحاد السوفيتي.
ويبدو ارتباط الإعلام الأمريكي والتندر على ألاسكا وثيقا، إذ تجسد خلال الانتخابات الأمريكية 2008 عندما حرف سطر من مقولة المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس الأمريكي في حملة جون مكين، والحاكمة السابقة للولاية سارة بالين: "يمكنك فعليا رؤية روسيا من اليابسة هنا في ألاسكا" إلى "يمكنك رؤية روسيا من منزلي".
ورغم أن بالين كانت محقة بسبب وجود جزيرة ديوميدي الروسية في مضيق بيرينج وتبعد نحو ميلين ونصف ميل عن جزيرة ضمن حدود الولاية، وترى بالعين المجردة من الحدود الأمريكية، إلا أن مقولتها ظلت محل سخرية حينها في الحملات الإعلامية المضادة.
وألاسكا جزء من القطب الشمالي البالغة مساحته 5.4 مليون ميل مربع، أي ما يعادل مساحة روسيا تقريبا، وضعفا ونصف الضعف مساحة الولايات المتحدة، وتتشارك 5 دول حدوده في المحيط المتجمد (روسيا، فنلندا، السويد، الدنمارك، الولايات المتحدة، كندا، النرويج، آيسلندا).
ويتبادر إلى الذهن السؤال عن سبب بيع الروس للمنطقة؟ والجواب وفق المصادر التاريخية يعود إلى عوامل عدة منها، هزيمتهم في حرب القرم، إضافة إلى الانقراض الوشيك لثعالب البحر التي كان لها مردود تجاري للدولة.
وبالمقابل، لماذا اشترتها أمريكا ؟ يشير باحثون إلى أن السبب التوسع الإقليمي إنفاذا لفكرة "القدر المتجلي" التي تقول إن من حق ولايات المتحدة أن تتوسع غربا وشمالا، وكان شراء ألاسكا جزء من خطة التوسع.
ويبلغ حجم الناتج المحلي للولاية الأمريكية نحو 70 مليار دولار، فيما يسيطر قطاع النفط والغاز على الاقتصاد، كما تعتمد في اقتصادها على التعدين، ومعالجة المأكولات البحرية، والأخشاب، والسياحة.
يبدو أن ألاسكا التي تعاني فعليا باعتبارها جزءا من القطب الشمالي ظاهرة ذوبان الجليد بسبب ارتفاع درجات الحرارة، على موعد يسخن الأجواء بين الرئيسين ترمب وبوتين بفعل الملفات المطروحة على الطاولة خلال الشهر الأعلى حرارة في العام.