قطاع العقارات في الصين يدخل مرحلة قاتمة مع شطب أسهم "إيفرجراند"
يمثل شطب أسهم مجموعة "تشاينا إيفرجراند" من بورصة هونج كونج محطة قاتمة لقطاع العقارات في الصين، الذي يدخل عامه الرابع من الشلل، ويواصل الضغط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
الشركة، التي كانت في السابق أكبر مطور عقاري في الصين من حيث المبيعات، ستُزال من بورصة هونج كونج في 25 أغسطس، بعد عام ونصف العام من تعليق تداول أسهمها، وما يقرب من 16 عاماً على إدراج الشركة التي تتخذ في قوانغتشو مقراً، في السوق.
يأتي الشطب فيما كشف المصفّون، بعد أكثر من عام من فحص دفاتر الشركة وتشابكاتها المؤسسية، أن ديون المطور تبلغ نحو 350 مليار دولار هونغ كونغي (45 مليار دولار)، وهو رقم أكبر بكثير مما كان معلناً سابقاً. وقد خلصوا إلى أن فرص تنفيذ عملية إعادة هيكلة شاملة باتت "بعيدة المنال".
انهيار رمزي لأزمة ممتدة
كانت "إيفرجراند" رمزاً لازدهار سوق الإسكان الصيني، وأصبح انهيارها دليلاً على هشاشة السوق التي تعاني من تراجع ثقة المستهلك، وفائض المعروض، وتراكم الديون، ما أوقف جهود التعافي العقاري.
وقال كيني نغ، المحلل في "تشاينا إيفربرايت سيكيوريتيز إنترناشونال": "إنها لحظة رمزية لقطاع العقارات في البر الرئيسي"، مضيفاً أن الانهيار الحاد "سيترك بالتأكيد أثراً عميقاً لدى جميع المستثمرين".
ويُعد سقوط "إيفرجراند" الأكبر في أزمة أبطأت نمو الاقتصاد الصيني وأدت إلى رقم قياسي من حالات التعثر بين المطورين. وكانت الشركة قد تخلفت عن سداد سندات دولارية لأول مرة في ديسمبر 2021، وبلغت قيمتها السوقية أكثر من 50 مليار دولار في ذروتها عام 2017.
ورغم الحوافز الحكومية، لا تزال مبيعات العقارات هذا العام بطيئة، ما دفع محللين، بينهم "يو بي إس"، لتأجيل توقعات التعافي إلى منتصف 2026 أو نهايتها. وأظهرت بيانات "تشاينا ريال إستيت إنفورميشن" أن مبيعات المنازل الجديدة لدى أكبر 100 مطور، تراجعت بأكثر من 20% لمدة شهرين متتاليين.
انكماش السوق وتردد في إجراءات التحفيز
تصاعدت الدعوات لمزيد من الدعم لسوق الإسكان مع استمرار التراجع، لكن المكتب السياسي للحزب الشيوعي المسؤول عن صنع القرار، امتنع الشهر الماضي عن إضافة إجراءات تحفيزية جديدة للقطاع، بعد أن أظهر الاقتصاد أداءً أفضل من المتوقع رغم الرسوم الأمريكية.
ولم تكن "إيفرجراند" وحدها في الانهيار، إذ أمرت محكمة هونج كونج العليا يوم الإثنين بتصفية شركة "تشاينا ساوث سيتي هولدينغز" بعد فشلها في الحصول على دعم كافٍ من الدائنين لخطتها لإعادة الهيكلة.
وأصدرت محاكم هونج كونج ما لا يقل عن ستة أوامر تصفية لمطوري عقارات صينيين منذ بدء الأزمة في 2021، وتبقى تصفية "إيفرجراند" الأكثر تعقيداً، وتشكل نموذجاً لبقية المطورين.
أزمة ديون أعمق
يبلغ حجم الديون المتعثرة لمطوري الصين نحو 150 مليار دولار، والأسوأ أن عدداً متزايداً من الشركات التي وصلت إلى مراحل متقدمة من خطط إعادة الهيكلة، تعود إلى نقطة الصفر. وأصبحت "سونّاك تشاينا" أول مطور رئيسي يشرع في خطة إعادة هيكلة ثانية.
ويقول المصفّون إن تصفية "إيفرجراند" مهمة ضخمة، إذ تضم الشركة 3,000 كيان قانوني في ولايات قضائية متعددة، ونحو 1,300 مشروع قيد التطوير في أكثر من 280 مدينة. وقد تولوا إدارة أكثر من 100 شركة مرتبطة بالشركة، بقيمة إجمالية تبلغ 27 مليار دولار هونغ كونغي.
كما كان هناك 3,000 مشروع تحت إدارة شركة "إيفرجراند لخدمات العقارات" المدرجة في هونغ كونغ، والتي يوليها الدائنون اهتماماً خاصاً باعتبارها "مصدر قيمة محتملاً كبيراً"، وتحظى بـ"أولوية قصوى" في المعالجة، وفق المصفّين.
عوائد محدودة للدائنين
حتى الآن، بلغت حصيلة تصفية الأصول 255 مليون دولار فقط، منها 167 مليون دولار تم تحويلها وربطها بـ"إيفرجراند"، لكن المصفّين حذروا من أن هياكل الملكية المعقدة قد تمنع توفر كامل المبلغ للشركة.
وكان تحليل سابق أجرته "ديلويت" قد قدر معدل استرداد الدائنين غير المضمونين خارج الصين بـ 3.53% فقط.
وقال نغ: "إعلان شطب إيفرجراند قد يزيد الضغط على أسهم المطورين الصينيين الآخرين"، مضيفاً: "إنها رسالة للمستثمرين تدعوهم لقضاء وقت أطول في فهم أعمال الشركة عندما تنمو أرباحها بسرعة، ودراسة تحولات السياسات".