عامان على امتلاك صندوق الاستثمارات 75% من الهلال .. ماذا تحقق رياضيا وماليا؟

صنع نادي "الهلال" السعودي الحدث في مونديال الأندية 2025 بالولايات المتحدة، بالوصول إلى ربع النهائي، بعد مسيرة رائعة في البطولة، نجح خلالها في التعادل مع "ريال مدريد" الإسباني في دور المجموعات، والفوز على "مانشستر سيتي" الإنجليزي في دور الـ16.

تلك النتائج، التي كان من الممكن أن تذهب بالفريق السعودي أبعد من ذلك لولا بعض الأخطاء التي حدثت أمام "فلومينينسي" البرازيلي ونتج عنها الخسارة بهدفين لهدف، تمثل باكورة الثمار المرتقبة لخطة طويلة الأمد بدعم من الصندوق السعودي.

انتقلت ملكية 75% من نادي "الهلال" إلى صندوق الاستثمارات العامة في يوليو 2023، مع أندية "النصر" و"الاتحاد" و"الأهلي"، ضمن مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية الذي أطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

قفزة في الإيرادات

تحت ملكية الصندوق السعودي، حققت الإيرادات التجارية لنادي "الهلال" قفزة كبيرة بنسبة 105% لتبلغ 646 مليون ريال من أصل 1.09 مليار ريال هي إجمالي إيرادات النادي في 2024، وفقاً لنتائج النادي المالية.

الهلال السعودي يتصدر الأندية العربية المشاركة في مونديال الأندية من حيث الإيرادات

أسهم الصندوق في استقطاب رعاة إلى "الهلال" مثل "سافي" و"القدية"، وهو ما لعب دوراً في توفير الاستقرار المالي للنادي، وساعده على تدعيم صفوفه بلاعبين مميزين.

كما عمل الصندوق على إيجاد استراتيجية تُمكن "الهلال" من زيادة إيراداته وتنويعها، من خلال شركة "فور الهلال تريدينغ" (For Al Hilal Trading) والأكاديميات وتطبيق "بلو ستور"، وهو ما حقق للنادي إيرادات بقيمة 110 ملايين ريال عام 2024.

تطوير الجوانب التجارية

مشاري الإبراهيم، مدير قطاعات الترفيه والسياحة والرياضة والتعليم في إدارة استثمارات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصندوق الاستثمارات العامة، قال في سبتمبر الماضي خلال مقابلة مع بودكاست "ثمانية"، إن الجوانب التجارية كانت أهم ما قدمه الصندوق لأندية "الهلال" و"النصر" و"الاتحاد" و"الأهلي"، بحكم تأثيرها المباشر على الجانب الرياضي.

"تم تفعيل دور المتاجر الإلكترونية للأندية الأربعة، بعدما كان نادٍ واحد فقط هو الذي يملك متجراً إلكترونياً، وقفزت فروع المتاجر من أربعة إلى 12 فرعاً للأندية الأربعة، كما تم توقيع عقود مع شركات توريد الملابس والأدوات الرياضية، وأصبح لدى الأندية نقاط توزيع في 70 دولة" بحسب الإبراهيم.

أوضح الإبراهيم أن نسبة نمو الإيرادات التجارية في الأندية الأربعة بلغت 123% في عامها الأول تحت مظلّة الصندوق، بنسب متقاربة بينها، فيما كان أقصى نمو وصلت إليه الأندية خلال آخر خمس سنوات قبل نقل ملكيتها للصندوق حوالي 15%، مشيراً إلى أن الصندوق عمل على تكوين أقسام للاستثمار في الأندية التي لم تكن تستعين بمتخصصين يساعدونها في استقطاب الرعاة.

البنية التحتية

أجرى صندوق الاستثمارات العامة تطويراً شاملاً للمرافق الإدارية والرياضية في مقر نادي "الهلال" الرئيسي، ونُقل جميع موظفي الشركة إلى المقر الإداري الجديد في شمال الرياض.

كما تمّ الانتهاء من الاتفاقيات ووضع الميزانيات اللازمة لإنشاء المقر الجديد للفريق الأول، الذي انطلقت أعمال إنشائه بنهاية الموسم الماضي، ومن المتوقع انتقال الفريق إليه مع انطلاق الموسم القادم.

يستثمر الصندوق في ملعب "المملكة أرينا" كملعب رياضي يلبي احتياجات الفريق ويوفر تجربة حديثة لجماهير "الهلال".

وبخصوص ذلك، قال الإبراهيم: "لدينا خطتان؛ خطة قصيرة المدى تتعلق بتطوير المنشآت الحالية؛ لأننا نحتاج إلى التغيير في الوقت الحالي، ولا نحتمل التأجيل، وخطة طويلة المدى هي إنشاء مقار تدريبية خارج المقار الحالية بمساحات كبيرة تتجاوز 250 ألف متر مربع، خاصة بفرق كرة القدم".

خطة الـ8 سنوات

استكمالاً للخطوات المالية والإدارية واللوجستية، استقطب الصندوق رئيساً تنفيذياً ذا خبرة عالمية في إدارة أندية كرة القدم هو ستيف كالزادا، والذي عمل على وضع استراتيجية شاملة لنادي الهلال، بالإضافة الى خطة مالية للسنوات الثماني القادمة، تُسهم في ضمان الاستقرار الفني والمالي للنادي.

في يناير الماضي، قال كالزادا لوكالة "برينسا إيبيركا" الإسبانية: "دور الصندوق كان مهماً، كانت هناك دفعة في الصيف الماضي للمساعدة في جلب هؤلاء اللاعبين الرائعين، لكن هذا ليس الشيء الوحيد؛ لأنه في النهاية في حالة الهلال، نحن نادٍ مع دخلنا الخاص من الموارد، نشرنا حساباتنا سنوياً، وقد قمنا بإصدار التقرير بإيرادات تزيد على 250 مليون يورو دون خسائر أو ديون على النادي".

عوائد الأندية العربية من المشاركة في مونديال الأندية - الشرق

شغل كالزادا منصب المدير التنفيذي للتسويق والشؤون التجارية في "برشلونة"، وعمل مديراً تجارياً لنادي "مانشستر سيتي"، قبل أن ينتقل منه إلى "الهلال". كما عمل مع العديد من فرق العمل الخاصة بالاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، وشارك في العديد من المشاريع الاستراتيجية الخاصة بأندية مثل "شاختار" الأوكراني و"غلطة سراي" التركي و"أتلتيكو ناسيونال" الكولومبي.

"لا أشعر بأن الهلال أصغر من أيٍّ من الأندية الكبيرة التي عملت بها. النادي يُدار بنجاح كبير، والآن لدينا خطة أكثر طموحاً. نريد أن نتوسع عالمياً. انتقلنا إلى ملعب جديد، ونجري تحديثات. كانت الأساسات موجودة، ويمكن أن تتحسن الأمور مع ما نسعى إلى تحقيقه" بحسب الرئيس التنفيذي في مقابلة مع شبكة "إي إس بي إن" (ESPN) قبل مواجهة "مانشستر سيتي" في مونديال الأندية.

أسس مجلس إدارة النادي لجنة فنية رياضية مسؤولة عن استقطاب واختيار اللاعبين والطواقم الفنية والطبية ذات الخبرة، وجرى توفير كافة احتياجات اللجنة الرياضية منذ تأسيسها، مثل توفير الميزانيات المطلوبة واستقطاب الكوادر الإدارية المؤهلة ذات الخبرات العالمية.

تعمل اللجنة وفقاً لمعايير خاصة، وتبني قراراتها بناءّ على التقارير والدراسات الفنية المبنية على البيانات والذكاء الاصطناعي.

تواصلت "الشرق" مع نادي الهلال وصندوق الاستثمارات العامة للحصول على تفاصيل إضافية لكنها لم تستطع الحصول على رد.

الهلال أنفق أقل من نصف مليار دولار بقليل على ضم اللاعبين منذ استحواذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي عليه

عاطفة الجماهير أبرز التحديات

رغم بوادر النجاح الواضحة لتجربة الصندوق مع الأندية السعودية التي ظهرت نتائجها بشكل قوي خاصة مع "الهلال" و"الاتحاد" و"الأهلي"، مع النمو الكبير في العلامة التجارية لـ"النصر" مدعوماً بوجود رونالدو؛ تظل قناعة مشجعي الأندية مرتبطة بنتائج الفرق.

يقول الدكتور طلال المغربي رئيس "جمعية التسويق الرياضي" السعودية، لـ"الشرق": "العاطفة أحياناً والانتماء للأندية، تتسبب في عدم الحكم على الأمور بالعمق المطلوب، هذا أحياناً يحدث من بعض وسائل الإعلام التي تنظر للأمور من وجهة نظر المشجعين".

اتفق الدكتور مقبل بن جديع، المحاضر السابق في "جامعة اليمامة" مع ذلك قائلاً: "الصندوق طوّر العمل والأدوات، وأسهم في نقلة كبيرة بالأندية، لكن لا يزال العمل يحتاج صبراً وحزماً في التعامل مع الهدر المالي الذي يحدث في بعض التعاقدات التي تقوم بها الأندية، فخلال عامين جرى إنهاء عقود عدد من اللاعبين والمدربين، ما تسبب في هدر مالي بسبب سوء الاختيار".

"يحدث ذلك بسبب النظرة العاطفية للجماهير عند حدوث أي نتائج، وقد عمل الصندوق على الحد من هذه الظاهرة بتعيين مديرين تنفيذين أجانب، وهو ما كان له أثر إيجابي، لكن السيطرة على الوضع بشكل كامل أمر صعب جداً"، بحسب بن جديع.وأشار إلى أن أحد التحديات يتعلق كذلك بالكفاءات التي تعمل في الأندية، في ظل أن البعض ليس على المستوى المأمول، حتى من يتم استقدامهم من أوروبا أحياناً لا تكون لديهم معرفة بالثقافة المحلية للتعامل بالشكل المناسب، وهو ما يُبرز ضرورة تطوير كوادر سعودية لتولي الأدوار القيادية.

ويرى المغربي، أن من بين التحديات جذب استثمارات محلية أو دولية من خارج الشركات الحكومية أو المملوكة للصندوق، مع تنويع مصادر الإيرادات، وضرورة رفع مؤشرات الحوكمة والشفافية.

وقال فارس المفلح الرئيس التنفيذي السابق لنادي "نيوم" في حديث إلى "الشرق" إن الأمور المالية تُعدُّ أبرز التحديات للأندية الرياضية بشكل عام، ويجب أن تكون هناك مصادر متعددة للإيرادات، لخلق مكاسب كبيرة.