طلب متزايد على المستودعات السعودية.. قفزات سعرية وبنية تحتية للبيع بضغطة زر

طلب متزايد على المستودعات السعودية.. قفزات سعرية وبنية تحتية للبيع بضغطة زر

ألهبت سوق التجارة الإلكترونية الطلب على المستودعات من الفئة "أ" في السعودية في العامين الأخيرين، بحسب تقرير لشركة جي إل إل لإدارة الاستثمارات والاستشارات العقارية، دعمته آراء مختصين ومستثمرين في القطاع العقاري تحدثوا لـ "الاقتصادية".

وتزامنت نسبة انتشار الإنترنت في السعودية المقدرة بـ 99%، مع ارتفاع نسبة الشباب الذين يتقنون استخدام التكنولوجيا، وتزايد تفضيل المستهلكين للتسوق عبر الإنترنت، مع توقعات أن يسهم تشكيل التجارة الإلكترونية 80% من أداء قطاع منافذ التجزئة بحلول 2030 إلى منح قطاع المستودعات دفعة إضافية.

والمستودعات ذات التصنيف "أ" وفقا للمعايير الدولية تستخدم مواد غير قابلة للاشتعال في كل أجزائها، وتتسم بسهولة تنقل الأفراد والآليات داخلها، كما أن أسقف ارتفاعها لا يقل عن 13 مترا، ويفصل بين أعمدة الدعم مسافة لا تقل عن 12 مترا، وامتدادات لا تقل عن 24 مترا.

صعود 20% في عام

ودفع النمو القوي للأسواق الإلكترونية أسعار المستودعات في السعودية إلى الصعود بنسب تجاوزت 20% في بعض أحياء الرياض خلال العام الماضي، وفق ما رصده خبراء عقاريون تحدثوا لـ "الاقتصادية"، ليلحق قطاع المستودعات بموجة الصعود التي تشهدها السوق العقارية في شتى مناطق السعودية.

في حي السليّ، شرق العاصمة السعودية، وصل سعر بيع متر المستودعات إلى 3200 ريال نهاية 2024، الأمر الذي أرجعه الخبراء إلى الإقبال الناتج عن حاجة أسواق التجارة الإلكترونية إلى مساحات واسعة لتخزين كميات كبيرة من البضائع في أماكن مخصصة قبل توزيعها.

وأشار محمد البادي، الخبير العقاري المتخصص في المزادات إلى أن أسعار المستودعات في الرياض قفزت بدعم الطلب العالي من المتاجر الإلكترونية وقال: أرباح هذا القطاع مضمونة وتصل إلى 9% سنوي، إذ إن عددها قليل جدا، وهي لا تحتاج إلى أعباء تشغيل وصيانة.

وبلغت المساحة الإجمالية للمستودعات والورش القريبة من الدائري الشرقي بالعاصمة الرياض أكثر من 142 ألف متر مربع، فيما أشار الخبراء إلى أن هذا النوع من الاستثمار يدرّ أرباحا سنوية مجزية، بينما تندر فيه المخاطرة، كونه لا يحتاج صيانة وتجهيزات بمواصفات عالية.

الخبير العقاري عبدالله الموسى أوضح أن المزادات الأخيرة شهدت طلبا على العقارات الصناعية، مثل المستودعات والورش، بدعم النمو الكبير في التجارة الإلكترونية واحتياجات التخزين المتزايدة.

وقال لـ "الاقتصادية": المستودعات أصبحت محوريّة لتخزين البضائع في ظل ارتفاع المبيعات الإلكترونية، بينما تسهم الورش في تلبية متطلبات الإنتاج والتجميع مع التركيز على تعزيز الإنتاج المحلي".

أضاف "مثل هذه المزادات تبرز أهمية الاستثمار في العقارات الصناعية، وتظهر التحول في نمط التجارة".


الرياض في الصدارة

وتصدرت الرياض عدد المستودعات بفارق شاسع عن مدن السعودية، بـ 6584 مستودعا، مساحتها الإجمالية تقدر بنحو 11 مليون متر مربع، تلتها مكة المكرمة بـ 2224 مستودعا مساحتها 649 ألف متر مربع، ثم المنطقة الشرقية بـ 1782 مستودعا ومساحة إجمالية 2.7 مليون متر مربع.

وحلّت القصيم في المركز الرابع بـ 487 مستودعا مساحتها 761 ألف متر مربع، بحسب آخر إحصائية أصدرتها الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، التي تعود لعام 2023.

وتوفر المدن الصناعية السعودية، البالغ عددها 36 مدينة، مجموعة من المصانع الجاهزة والمستودعات والمرافق اللوجستية؛ الجاذبة للمستثمرين.

ووفقا لـ تقرير "جيه إل إل" الصادر تحت عنوان ""التوجهات الناشئة التي ترسم ملامح سوق الخدمات اللوجستية والتخزين في السعودية"، فإن هذه البيئة الديناميكية تجتذب رأسمال ضخم من مجموعة من المؤسسات الاستثمارية العالمية التي تسعى إلى الابتعاد عن المستودعات من الفئة "ب" أو "ج" التي تمثل حاليا 90% من معروض السوق.

هذا الابتعاد أسهم في تحول ملحوظ نحو المرافق المتطورة من الفئة "أ" مع توجه مجموعة من المؤسسات العالمية في شتى الصناعات مثل موانئ دبي العالمية (دي بي ورلد)، والخليج للاستثمار الإسلامي، وشركة أركابيتا كابيتال، وشركة إيه بي مولر - ميرسك إلى المستودعات الملائمة للغرض ومنشآت التخزين المبرد ومراكز التوصيل النهائي في السوق السعودي.

التقرير سلط الضوء على مساعي برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، الهادف إلى زيادة مساهمة قطاع الخدمات اللوجستية في إجمالي الناتج المحلي من 6% إلى 10% بحلول عام 2030 وتوطين 70% من سلسلة التوريد.

ورجح أن أبرز العوامل الرئيسية التي تقود هذا النمو على المستودعات نابع من السعي السعودي للتحول إلى الاقتصاد المتنوع بعيدا عن النفط، إضافة إلى رغبة البلاد أن تصبح تصبح مركزاً عالمياً للخدمات اللوجستية.

وفي معرض تعليقه على التقرير، قال أبيشيك ميتال، رئيس قسم الاستشارات الصناعية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى جيه إل إل: "مكانة السعودية كمركز عالمي للخدمات اللوجستية تقدم فرصة لا مثيل لها للدخول إلى سوق استهلاكي دائم النمو يغطي 3 قارات".

بحسب التقرير، فإن قطاعي الأغذية والمستحضرات الصيدلانية يتصدران الطلب على الحلول المتخصصة للخدمات اللوجستية ومن بينها مرافق التخزين المبردة، والمستودعات التي توفر تحكما في درجات الحرارة.

وتمتلك السعودية واحدة من أكبر أسواق المستحضرات الصيدلانية في منطقة الشرق الأوسط، وتشهد بنيتها التحتية في قطاع الرعاية الصحية توسعا مستمرا.

أضاف، تستورد السعودية 80% من الأغذية، ويصاحب ذلك زيادة في تحول المستهلكين إلى التسوق الإلكتروني لشراء البقالة وتوصيل الأطعمة، ويتطلب هذان القطاعان تطوير البيئة التنظيمية وتقديم حلول تقنية متقدمة تخدم سلاسل التوريد، ما يفتح الباب أمام المطورين العقاريين في قطاع العقارات الصناعية والمستثمرين في قطاع الخدمات اللوجستية المتخصصة ويتيح لهم فرصة تحقيق مستويات مرتفعة من النمو.

لا رفاهية أمام الشركات

من جانبه، قال عبدالله الجابري المسؤول في إحدى الشركات العقارية في الرياض، إن سعر إيجار متر المستودع المرخص من هيئة الغذاء والدواء مثلا لتخزين الأدوية لا يقل عن 250 ريالا، فيما لا يتجاوز 200 ريال للمستودع نفسه من حيث المواصفات والبناء دون رخصة دوائية.

وقال، إن "التعامل في المستودعات يكون بالسعر الإجمالي وليس بالمتر، حيث يراوح إيجار مستودع بمساحة 700 متر مربع بين 140 ألفا و150 ألف ريال، سنويا"، مضيفا أن "العائق الوحيد أمام القطاع هو ندرة الأراضي المسموح بناء مستودعات عليها".

عبدالله رفيع المستثمر في القطاع اللوجستي أوضح أن قطاع المستودعات يحتاج إلى تنظيم حتى يتلافى العشوائية التي تغلب عليه، وهذا حسب رأيه لا يأتي إلا بتكامل الجهات الحكومية كالنقل والخدمات اللوجستية ووزارة البلديات والإسكان، الدفاع المدني، هيئة الغذاء والدواء، وهي قطاعات يرتبط استخراج رخص المستودعات بها.

وختم: القطاع ينمو بسرعة، الناس يشترون كل شيء من خلال المتاجر الإلكترونية، من الملابس إلى الأدوية وحتى المستحضرات التجميلية، والشركات والباعة تبحث عن أماكن تخزين قريبة، ولا رفاهية لديها لتضع بضائعها بعيدا عن المستهلكين.

الأكثر قراءة