الأثرياء الصينيون يعيدون حساباتهم بشأن الهجرة مع ظهور مراكز تكنولوجية متقدمة
من المتوقع أن يتراجع عدد الصينيين الأثرياء من البر الرئيسي للصين الذين يخططون للهجرة إلى أدنى مستوى في 10 أعوام هذا العام، وذلك بفضل تحسّن بيئة الأعمال في البلاد وتزايد جاذبيتها لرواد الأعمال في مجال التكنولوجيا، وفقا لتقرير صادر عن شركة هينري آند بارتنرز الاستشارية.
وبحسب "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، أشار التقرير السنوي عن هجرة الثروات إلى أن هونج كونج بدأت تستقبل تدفقات مطردة من المهاجرين المليونيرات من بقية أنحاء آسيا، حيث يتوقع أن تسجل تدفق صاف يبلغ 800 مليونيرا هذا العام، من ضمنهم عدد كبير من المديرين التنفيذيين من شركات التكنولوجيا سريعة النمو في شينزين المجاورة.
من المتوقع أن ينتقل 142 ألف فرد من أصحاب الثروات الكبيرة - أي من يمتلكون أكثر من مليون دولار من الثروات القابلة للاستثمار - إلى الخارج هذا العام، وهو رقم قياسي.
في المقابل، ذكر التقرير أن صافي تدفق المليونيرات الصينيين من البر الرئيسي سينخفض إلى 7800 – انخفاضا من 15200 العام الماضي و13800 في 2023 - لتنهي بذلك سلسلة استمرت 10 أعوام تصدرت فيها الصين الدول الأكثر فقدانا للأثرياء الذين يهاجرون بحثا عن الاستقرار أو الفرص في الخارج.
وتوقع التقرير أن تشهد المملكة المتحدة أكبر تدفق صاف للأثرياء، بخسارة 16500 مليونير هذا العام، إلى جانب دول أوروبية أخرى مثل فرنسا وإسبانيا وألمانيا.
وأرجع التقرير هذا التراجع في هجرة الأثرياء الصينيين إلى بروز مراكز تكنولوجية محلية مزدهرة مثل شينزين وهانغتشو، إلى جانب النمو السريع في قطاع الخدمات المصرفية الخاصة والرعاية الصحية والترفيه، والتي باتت تمنح الأثرياء في البر الرئيسي أسبابا جديدة للبقاء.
قالت مستشارة في الهجرة إن السبب الرئيسي الآخر للانخفاض المتوقع في تدفق مليونيرات البر الرئيسي - الذي من المرجح أن يكون الأدنى منذ جائحة كوفيد-19 هو تصاعد عدم اليقين الذي يواجه الطلاب الصينيين الذين يدرسون في الخارج.
لطالما كانت الدراسة في الخارج مسارا مفضلا للأسر الصينية الثرية، لما توفره من تعليم رفيع المستوى واكتساب خبرة دولية، وميزة تنافسية في مساراتهم المهنية المستقبلية.
إلا أن هذا المسار لم يعد مضمونا. فالدول التي كانت تُعد ملاذا آمنا للطلاب الدوليين - مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا - تفرض الآن أنظمة تأشيرات طلابية أكثر صرامة، ما يحد من فرص الدراسة بعد التخرج، ويزيد شعور عدم اليقين.
يقول بيل ليو، المؤسس المشارك لشركة قوانغتشو تشيوك يويت لاستشارات الهجرة الخارجية: "أصبح الأثرياء الصينيون الآن أكثر واقعية في اتخاذ قرارات تخصيص أصولهم عالميا وإقامتهم". أضاف: "في الماضي، قرر أكثر من 70% من عملائي الهجرة في المقام الأول من أجل تعليم أبنائهم. لكن هذا وحده لم يعد سببا كافيا".
وقال إن التوترات الجيوسياسية المتزايدة وتشديد سياسات التأشيرات في دول المقصد تُجبر الأثرياء الصينيين على إعادة النظر في فوائد وتكاليف الهجرة على المدى الطويل من منظور أوسع.