تخفيف آلام ظهرك يبدأ من دماغك.. لا في المسكنات

تخفيف آلام ظهرك يبدأ من دماغك.. لا في المسكنات
Getty image

يعاني أكثر من مليون شخص في بريطانيا من عدم القدرة على العمل بسبب مشكلات في الرقبة أو الظهر. ورغم أن "ألم الظهر" يبدو تعبيرًا بسيطًا، إلا أنه يخفي وراءه معاناة هائلة قد تسبب عجزًا كاملاً للمصابين به، خصوصًا في حالات الانزلاق الغضروفي أو متلازمات ضغط الأعصاب.
لكن المفاجأة أن الحل لهذا الألم قد لا يكون في العمود الفقري، بل في العقل. حسب "ذا تيليجراف" فقد أظهرت تجربة سريرية حديثة أن دورة علاجية لمدة ثمانية أسابيع باستخدام تقنيات مثل "الوعي الذهني" أو "العلاج السلوكي المعرفي"، يمكن أن تقلل بشكل ملحوظ من آلام الظهر لدى المرضى الذين يتناولون مسكنات أفيونية ولم يستجيبوا للعلاجات التقليدية الأخرى. وأظهرت الدراسة أن التحسن قد يستمر لمدة تصل إلى عام كامل.
رغم الغموض الذي يربط العلاقة بين الدماغ والجسد في ما يتعلق بالألم، إلا أن الأخصائية النفسية مابل مارتينيلي من "مركز كامبريدج للعلاج السلوكي والمعرفي"، والتي تعمل في علاج الألم المزمن منذ أكثر من 25 عامًا، تؤكد أن للأفكار قوة كبيرة في تخفيف الألم، تضاهي فعالية الأدوية أحيانا.
توضح مارتينيلي أن الأفكار السلبية دائما ما تترافق مع الألم المزمن، مثل أنه سيمنعنا من العيش أو سيزداد سوءا. وهنا يأتي دور العلاج السلوكي المعرفي في كسر هذه العلاقة بين الألم والأفكار والمشاعر. فعندما نغير طريقة تفكيرنا حيال الألم، يتغير الألم نفسه.
اليوم، أصبحت برامج العلاج السلوكي والوعي الذهني جزءًا من منظومة الرعاية الصحية الوطنية (NHS) للمصابين بآلام الظهر المزمنة. وفيما يلي خمس نصائح من تجربة مارتينيلي يمكن أن تساعد في تخفيف الأعراض:

  1. احتفظ بمفكرة ألم شخصية
    الأفكار والمشاعر التي تزيد الألم تختلف من شخص لآخر. وتشير الأبحاث إلى أن التفكير المستمر في الألم يزيده حدة ويجعله يبدو أكثر تقييدًا للحياة. لذا فإن تدوين هذه الأفكار يمكن أن يساعد في كسر دوامة التفكير المتكرر، والتعامل معها بوعي.
  2. تقبل أن الألم جزء من حياتك حاليا
    أحد أصعب جوانب الألم المزمن هو استمراريته. من الطبيعي الشعور بالإحباط أو الغضب، لكن التوتر النفسي قد يزيد الألم. تقول مارتينيلي إن الغضب يرتبط بشكل خاص بآلام الظهر لدى الرجال، حيث يزيد من التوتر العضلي. وهنا ينصح بالتوقف لحظة، والاعتراف بـ"الصراع الداخلي" مع الألم. مجرد تسمية هذه المعاناة قد يساعد على تخفيفها.
  3. الخروج للطبيعة وسيلة فعالة للتشتيت:
    التعرض للطبيعة – حتى بمشاهدة مناظرها على الشاشة – ثبت علميًا أنه يقلل من الإحساس بالألم. الخروج لمكان أخضر أو حتى نزهة قصيرة حول الحي يمكن أن يساعد في تقليل الانشغال العقلي بالألم ويعيدك للحظة الحاضرة.
  4. راقب متى تقلق بشأن الألم – وتمدد

تقول مارتينيلي: "ألم الظهر هو إشارة من الجسم إلى وجود خطأ ما في طريقة تعاملنا معه".
عندما نشعر بالألم، غالبا ما نحاول مقاومته، ما يزيد التوتر والخوف. لكن التوقف عن المقاومة، وممارسة رياضة التمدد أو المشي، يساعد في العودة إلى اللحظة الحالية وتقليل التوتر الجسدي والعقلي.

  1. خصص وقتا للتنفس العميق يوميا
    ممارسة التنفس العميق ثلاث مرات يوميا، لمدة خمس دقائق، يمكن أن يكون كافيا لتقليل الألم. تنصح مارتينيلي بربط هذه الممارسة بعادة يومية، مثل شرب القهوة الصباحية. التركيز على اللحظة والمشاعر الإيجابية المرتبطة بها يساعد على بدء اليوم بنية إيجابية ووعي أكبر.

كيف يساعد العلاج المعرفي السلوكي في كسر أنماط التفكير السلبية وتخفيف الألم؟
يعاني الأشخاص المصابون بآلام الظهر المزمنة من أفكار تلقائية مثل "الألم سيزداد وسأفقد قدرتي على الحركة"، وهذه الأفكار تعمّق المعاناة. العلاج المعرفي السلوكي يساعد في ملاحظة هذه الأفكار وتحديها، ما يقلل من التوتر المرتبط بالألم.
تستخدم مارتينيلي ثلاث تشبيهات أساسية لمساعدة مرضاها في تغيير تصورهم للألم. مثلا تخيل الألم كالرمال المتحركة، كلما قاومته، غصت أكثر أما إذا توقفت عن المقاومة، فيمكنك أن تطفو. أو أنه كموج البحر، لا يمكن إيقاف الموج، لكن يمكن تعلم ركوبه.
هذه الأساليب لا تعني إنكار الألم، بل تعلم طرق جديدة للتعامل معه تعيد بعض السيطرة والراحة إلى حياة المصابين به.

الأكثر قراءة