ماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز بعد موافقة برلمانها؟
بعد أن وافق البرلمان الإيراني اليوم الأحد على إغلاق مضيق هرمز، في أعقاب الهجوم الأمريكي على مواقع نووية إيرانية، وفقا لما ذكرته تقارير صحافية، يبرز إلى السطح سؤال مهم، وهو ماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز فعلا؟
الممر الضيق، الواقع عند مدخل الخليج، يمر من خلاله أكثر من 20% من تجارة النفط المنقولة بحرا في العالم، وسيكون من شأن إغلاقه منع وصول ناقلات النفط والغاز العملاقة إلى الصين وأوروبا وغيرها من المناطق المستهلكة الرئيسية للطاقة.
لذلك، فإن من شأن تقييد وصول هذه الإمدادات الضخمة أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز؛ ومن المحتمل أن يزعزع استقرار الاقتصاد العالمي.
قبل الضربات الأمريكية، التي استهدفت 3 مواقع نووية رئيسية في إيران، لم تتضرر حركة شحن النفط من المنطقة ومضيق "هرمز"، وقد ارتفع حجم الشحنات من إيران نفسها، كما أن نشاط ناقلات النفط عبر مضيق هرمز ظل ثابتًا إلى حد كبير.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن البرلمان ترك أمر تنفيذ إغلاق المضيق للجهات الأمنية، بعد أن وافق على هذا الإجراء.
كان جيه دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي، قال في وقت سابق اليوم: إن إغلاق المضيق سيكون "كارثة" للاقتصاد الإيراني.
النفط والغاز إلى صعود حال إغلاق المضيق
سيكون لأي انقطاع في الشحن عبر مضيق هرمز تأثير كبير في سوقي النفط والغاز الطبيعي المسال العالميتين.
ارتفعت أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت 10% إلى أكثر من 77 دولارا للبرميل منذ 13 يونيو الجاري، حين شنت إسرائيل هجمات على مواقع إيرانية وبادلتها طهران إطلاق النار، مستهدفة عدة مواقع بصواريخ باليستية طويلة المدى وطائرات مسيرة.
قد يتجاوز سعر النفط الخام 130 دولارا للبرميل، وفقا لتوقعات محللي "بلومبرغ إيكونوميكس" زياد داود وتوم أورليك وجنيفر ويلش.
فيما يتعلق بالغاز، تستخدم قطر هذه الطريق لصادراتها من الغاز دون وجود ممر بديل. ويشكل البلد الخليجي وحدة نحو 20% من تجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم.
وأشار تقرير لـ "بلومبرغ إيكونوميكس" إلى أن ذلك سيجعل سوق الغاز الطبيعي المسال العالمية ضيقة للغاية، ما يدفع أسعار الغاز الأوروبية إلى ارتفاع كبير.
في حين قد يخشى المستثمرون انقطاع الإمدادات إذا تصاعد التوتر، لا يزال لدى أعضاء "أوبك+" طاقة احتياطية وفيرة يمكن استخدامها. إضافة إلى ذلك، قد تختار وكالة الطاقة الدولية تنسيق إطلاق مخزونات الطوارئ لمحاولة تهدئة الأسعار.
قال بن ماي، مدير أبحاث الاقتصاد الكلي العالمي في أكسفورد إيكونوميكس، في تقرير صدر قبيل التصعيد الأخير: "تُمثل التوترات في الشرق الأوسط صدمة سلبية أخرى للاقتصاد العالمي الضعيف أصلا".
وأضاف: "ارتفاع أسعار النفط وما يصاحبه من ارتفاع في تضخم مؤشر أسعار المستهلك سيُشكلان مشكلة كبيرة للبنوك المركزية".
"هرمز" قد لا يكون نهاية المطاف
توعّدت إيران بالرد على الهجمات الأمريكية، قائلة إنها تحتفظ بكل الخيارات للدفاع عن سيادتها؛ ويتوقع مراقبون أن ينطوي ردها على مهاجمة القواعد الأمريكية في المنطقة أو مركز الأبحاث النووية الإسرائيلي بالقرب من بلدة ديمونا.
وفقا لمذكرة لـ"بلومبرغ"، فإن الحديث عن الانتقام الإيراني المحتمل "لا ينبغي أن يركّز فقط على المكونات الموجودة على الأرض والمعدات والأفراد العسكريين، ولكن أيضا على السفن والممرات المائية الاستراتيجية.
يعد مضيق "باب المندب" أيضا من الممرات المائية ذات الأهمية الإستراتيجية السياسية والاقتصادية. ولا تقل قناة السويس المصرية، التي سبق أن تأثرت بتداعيات بهجمات الحوثيين على البحر الأحمر من اليمن، في أهميتها الإستراتيجية عن المضيقين.
وحذرت شركة الأمن البحري البريطانية "إمبري" اليوم من ما وصفته بأنه "تهديد مرتفع" للشحن التجاري المرتبط بالولايات المتحدة في البحر الأحمر وخليج عدن.
هل يحق لإيران إغلاق مضيق هرمز؟
من الناحية القانونية، فإن إيران لا تملك أي سلطة قانونية تخولها إصدار أمر بوقف حركة المرور عبر مضيق هرمز لذلك، فإنها بحاجة إلى تحقيق ذلك باستخدام القوة.
بيد أن قواتها البحرية إذا حاولت منع الدخول إلى المضيق، فمن المحتمل أن تواجه ردا قويا من الأسطول الأمريكي الخامس والأساطيل الغربية الأخرى التي تقوم بدوريات في المنطقة.
لكن يمكن أن تتسبب أي محاولة من جانب إيران لإغلاق المضيق في اضطراب شديد، دون أن تغادر أي سفينة حربية إيرانية واحدة ميناءها.
أحد خيارات طهران في ذلك هو خيار مضايقة الشحن بزوارق دورية صغيرة وسريعة، أو إطلاق طائرات من دون طيار وإطلاق صواريخ باتجاه السفن من مواقع ساحلية أو داخلية أو المواقع الداخلية، بحسب "بلومبرغ". وهذا يمكن أن يجعل الأمر محفوفًا بالمخاطر بالنسبة للسفن التجارية المغامرة بالعبور.
استخدم الحوثيون في اليمن تكتيكات مماثلة لعرقلة حركة المرور عبر مضيق باب المندب المؤدي إلى البحر الأحمر، حيث أطلقوا صواريخ وطائرات بدون طيار على سفن قالوا إنها مرتبطة بالولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل دعما لقطاع غزة الفلسطيني الذي تشن إسرائيل حربا عليه منذ أكثر من عام ونصف العام.
ما زال عدد السفن التي تبحر عبر البحر الأحمر وخليج عدن منخفضا بنسبة 70% تقريبا مقارنة مع متوسط مستوى عامي 2022 و2023، وفقا لشركة "كلاركسون" لخدمات الأبحاث المحدودة.
وأجبرت الهجمات الحوثية مشغلي السفن على إعادة توجيه حركة مرورهم حول الطرف الجنوبي من إفريقيا بدلاً من المرور عبر قناة السويس المصرية، في رحلة أطول وأكثر تكلفة بالنسبة للسفن المسافرة بين آسيا وأوروبا.
إيران وحلفاؤها يضرهم أيضا إغلاق المضيق
ستواجه الصين تداعيات واضحة لأي انقطاع في تدفق النفط حال أغلق المضيق بالفعل، رغم أن مخزوناتها الحالية من الخام قد تساعدها على احتواء الأثر مؤقتا.
والصين أكبر مشترٍ للنفط الإيراني وشريك مهم استخدم حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي مجلس الأمن الدولي لحماية طهران من العقوبات أو القرارات.
من شان إغلاق المضيق أيضا أن يؤثر سريعًا في الاقتصاد الإيراني نفسه، لأنه سيمنعها من تصدير نفطها.