صناعة مستحضرات التجميل الكورية .. أسواق الخليج بديلا لآسيا
مع تفاقم التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة في الآونة الأخيرة، اتجه قطاع صناعة مستحضرات التجميل، الآخذ في الازدهار منذ أكثر من عقدين، إلى إعادة النظر في إستراتيجياته واستكشاف أسواق بديلة، لتعويض تراجع الاعتماد على السوق الصينية.
في 2012، بلغ حجم صادرات كوريا الجنوبية من مستحضرات التجميل نحو مليار دولار أمريكي؛ وبحلول العام الماضي، تخطت قيمة هذه الصادرات حاجز العشرة مليارات دولار لأول مرة، في مؤشر واضح على النمو المطرد الذي يشهده القطاع.
أدت فترة الازدهار تلك إلى ارتفاع كبير في الطلب العالمي على مستحضرات التجميل الكورية، ومن ثم زيادة صادراتها بقوة؛ وتصدرت الصين قائمة أكبر مستوردي هذه المنتجات، باستحواذها على أكثر من نصف الصادرات الكورية.
بيد أن هذه الحصة شهدت تراجعا ملموسا، لتصل حاليا إلى نحو 25%، تليها الولايات المتحدة بنحو ملياري دولار، ثم اليابان بمليار دولار.
دول الخليج وجهة صناعة مستحضرات التجميل الكورية
لتعويض انخفاض صادرات مستحضرات التجميل إلى الصين، اتجه المصنعون الكوريون إلى أسواق جديدة، على رأسها أسواق الخليج.
وبلغت قيمة صادرات كوريا من مستحضرات التجميل إلى 5 دول عربية، بينها السعودية والإمارات، نحو 320 مليون دولار في العام الماضي، بحسب ما قاله لـ "الاقتصادية" جيسون بيرك، الباحث في الشأن الاقتصادي الآسيوي.
ارتفعت الصادرات الكورية من هذه إلى المنتجات إلى الإمارات 108%، لتسجل 172 مليون دولار العام الماضي، مقارنة بـ82 مليونا قبل عامين.
هذا النمو الكبير أدخل الإمارات إلى قائمة أكبر 10 مستوردين، متجاوزة ماليزيا، بينما أصبحت كوريا الجنوبية رابع أكبر مورد لمستحضرات التجميل في سوق البلد الخليجي.
القوة الشرائية والتنافسية تعززان المنتج الكوري في الخليج
يرجع بيرك زيادة الإقبال في الخليج إلى نمو القوة الشرائية في هذه دول المنطقة، حيث يشير إلى أن حجم سوق مستحضرات التجميل في الخليج تجاوز في العام الماضي 40 مليار دولار.
ويرى الباحث في الشأن الاقتصادي الآسيوي أن زيادة مشاركة المرأة الخليجية في سوق العمل والأنشطة الاجتماعية، عززت الطلب على هذه المنتجات وفتحت آفاقا جديدة أمام الشركات الكورية.
تستفيد المنتجات الكورية أيضا من الاتفاقية الموقعة في 2023 بين كوريا الجنوبية ودول مجلس التعاون الخليجي، وفقا لما قالته لـ "الاقتصادية" الدكتورة بريجدي داجر، أستاذة التجارة الدولية.
تنص تلك الاتفاقية على إلغاء الرسوم الجمركية على مستحضرات التجميل الكورية تدريجيا خلال 10 سنوات.
يتمتع المنتج الكوري أيضا بتنافسية من حيث الأسعار، حيث "تعتبر أسعار المنتجات الكورية معقولة مقارنة بنظيراتها الأوروبية أو الأمريكية: وفقا لداجر، التي عدت الشرق الأوسط رابع أكبر سوق لمستحضرات التجميل بعد الصين، والولايات المتحدة، واليابان.
التوترات التجارية تفرض على كوريا تنويع أسواقها
يتوقع عدد من خبراء الصناعة أن تواصل مستحضرات التجميل الكورية تعزيز وجودها في أسواق الخليج خلال السنوات المقبلة.
فمع تنامي التحالفات الاقتصادية والأمنية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، تجد سيول نفسها مطالبة بإعادة تقييم تبعات التوتر المتصاعد بين واشنطن وبكين على قطاعاتها الإنتاجية الحيوية.
ويبدو أن الحل يكمن في تنويع الأسواق، وتبني نماذج أعمال أكثر مرونة للتكيف مع اضطرابات السوق، خصوصا في ظل اشتداد المنافسة بين القوى الكبرى.
هنا، تبرز أسواق منطقة الخليج، كأحد أبرز البدائل الواعدة لمواصلة النمو المتسارع لهذ القطاع الصناعي الحيوي بالنسبة إلى كوريا.