أسعار الديزل تواصل الارتفاع بفعل مخاوف من تعطل الإمدادات
واصلت أسعار الديزل ارتفاعها يوم الثلاثاء، وسط تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات المقبلة من الشرق الأوسط نتيجة الصراع بين إسرائيل وإيران، مما زاد الضغط على سوق تعاني أصلاً من شح شديد.
تخطى الفارق بين أسعار العقود الآجلة للديزل وسعر النفط الخام في أوروبا حاجز 20 دولاراً للبرميل، لليوم الثالث على التوالي من المكاسب الحادة، بحسب بيانات "القيمة العادلة" التي جمعتها "بلومبرغ". وسجّل المقياس المماثل في آسيا أعلى مستوياته منذ نحو عام.
ويُعد هذا مؤشراً واضحاً على قلق المتعاملين من إمكانية تعطّل صادرات الشرق الأوسط، الذي يُعد من أهم مصادر إمدادات المنتجات البترولية إلى أكبر سوق في العالم.
وكتبت شركة الاستشارات "إف جي إيه نيكسانت" (FGE NexantECA) في تقرير لها، إن "اندلاع الحرب أدى إلى ارتفاع كبير في العلاوات السعرية للمنتجات الرئيسية المُصدّرة من الخليج العربي. وبعد أن أدارت أوروبا ظهرها للديزل الروسي، باتت تعتمد الآن على الديزل القادم من الشرق الأوسط وآسيا".
مخزون منخفض
اندلع النزاع بين إسرائيل وإيران في وقت كانت فيه سوق الديزل العالمية تعاني بالفعل من ضيق في المعروض.
في الولايات المتحدة، بلغت مخزونات الديزل أدنى مستوياتها لهذا الوقت من العام منذ عقدين. أما في أوروبا، فقد أسهمت الأعطال الواسعة في محطات التكرير في إسبانيا، إلى جانب توقف أكبر مصفاة تابعة لشركة "بي بي" (BP) في المنطقة، في الضغط على المعروض.
يأتي هذا بالتزامن مع دخول تشريع بيئي جديد خاص بالشحن في البحر المتوسط كان من المتوقع أن يعزز الطلب على وقود يشبه الديزل، حيز التنفيذ. كما بات مديرو الأموال أكثر ميلاً للمراهنة على ارتفاع الأسعار.
تأثير مباشر في الإمدادات
رغم أن إغلاق "مضيق هرمز" لا يزال حتى الآن أسوأ سيناريو محتمل لسوق الديزل وليس واقعاً فعلياً، فإن النزاع الجاري بدأ بالفعل يُحدث أثراً مباشراً على الإمدادات.
فقد توقفت مصفاة إسرائيلية تنتج ما يقرب من 200 ألف برميل يومياً عن العمل بسبب الأضرار، ما شكّل ضغطاً إضافياً على المعروض. كما قفزت أجور شحن الوقود من الشرق الأوسط، ما زاد من تكلفة التوصيل.
وإذا ما توقف فعلياً نشاط الملاحة التجارية عبر المضيق، فإن سوق الديزل ستقع في فوضى عارمة. فقد تم نقل نحو 850 ألف برميل يومياً من الديزل عبر هذا الممر المائي الضيق خلال العام الماضي، وفق بيانات شركة "فورتيكسا" (Vortexa) التي جمعتها "بلومبرغ"، وهو ما يعادل نحو 3% من الطلب العالمي.
تهديد أوروبي جديد
كما يواجه التجار تهديداً محتملاً آخر يتمثل في اقتراح الاتحاد الأوروبي بحظر واردات المنتجات البترولية المكررة من النفط الروسي. وبحسب "إف جي إيه"، فإن مثل هذا الإجراء قد يُعرّض واردات أوروبا من الديزل القادم من الهند وتركيا للخطر.
وتشير تحركات الأسعار في عقود "آي سي إيه غازويل" (ICE Gasoil)، وهو المعيار الأوروبي لسوق الديزل، إلى أن مخاوف التجار من شح الإمدادات لا تقتصر على الوضع الحالي فحسب.
فالديزل لتسليم يوليو أصبح أغلى بـ16 دولاراً للطن مقارنةً بعقود أغسطس، وهو هيكل "باكورديشن" هبوطي يشير عادةً إلى ضيق السوق، وقد توسّع خلال هذين الشهرين منذ بدء الصراع.
وينسحب الأمر ذاته على العقود الأبعد أجلاً، فيوم الإثنين الماضي، كان سعر الديزل لتسليم ديسمبر من هذا العام يزيد بـ0.50 دولار فقط عن سعر تسليم ديسمبر 2026. أما الآن، فقد قفز هذا الفارق إلى 26.75 دولاراً.
وقال جورج شو، محلل النفط في شركة "كبلر" (Kpler): "لا يزال الغموض يكتنف مسار النزاع، ولا تلوح في الأفق نهاية قريبة، والتوقعات تشير إلى أن الإمدادات ستصبح أكثر صعوبة في أوروبا".
وأضاف أن الاعتماد الأوروبي الكبير على الديزل الشرق أوسطي يعني أن أي اضطراب في هذه الإمدادات يرفع هوامش الربح في مناطق توريد بديلة، مثل ساحل الخليج المكسيكي، حيث يبدأ التجار في البحث عن براميل بديلة.