السياحة من التحدي للنجاح والاستدامة
شكل التنشيط السياحي أحد التحديات المهمة التي تجاوزتها السعودية في السنوات الـ10 الأخيرة، وضعت السياحة ضمن القطاعات التي سيصعب على السعودية تحقيق مستهدفاتها الأساسية بأن يصل عدد السائحين في البلاد 100 مليون سائح، وكانت المفاجأة بأن السعودية حققت المستهدف بوقت أسرع مما كان مخطط له، ما دفع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان لرفع سقف الطموح والتحدي ليكون المستهدف الجديد للسائحين عند 150 مليون سائح بحلول العام 2030.
ظل القطاع السياحي قطاع غير فاعل في التشكيلة الاقتصادية السعودية بالرغم من الدور الإيجابي الذي يؤديه القطاع في جوانب متعددة في النشاط الاقتصادي لأي بلد، فهذا القطاع في البداية يدار بكوادر بشرية بشكل مباشر، ما يجعل فرصة خلق القطاع السياحي للوظائف المباشرة أكبر من القطاعات أخرى. بالرغم من وجود تجارب سابقة ضمن القطاع السياحي فإنه لم تصنع تجربة متكاملة متبناة حكوميا بشكل إستراتيجي تصنع تجربة فارقة في السياحية، أغلب ما مضى من تجارب كانت تجارب فردية تعتمد لا يبذل فيها الجهد الكافي، لأن تكون السعودية مطمع سياحي لقضاء الإجازات أو الاستجمام. هذا التعاطي البسيط مع القطاع أبقاه قطاعا جديدا وغير مستكشف، ما يعزز أيضا دوره الاقتصادي في البناء فمعدلات الطلب على الإعاشة والغرف الفندقية مرتفع ويزداد بمرور الوقت، وهذا يدفع تبني الشركات الفندقية سد هذه الفجوة الهائلة في الغرف الفندقية المطلوبة بعد أن وضحت الجدوى التجارية لها بهذا النشاط السياحي المتزايد في السعودية.
إلى جانب ذلك يعزز هذا نشاطات تجارية عديدة متقاطعة مع السياحة مطاعم، فعاليات، مراكز تجارية وعديد من الأنشطة التي تجتذب السائحين إليها، إضافة إلى التوظيف الأمثل لاختلاف الطبيعية الجغرافية لمناطق السعودية سواحل، جبال، غابات وصحاري فلكل من هذه الخصائص الجغرافية طبيعتها في اجتذاب مزيد من الاهتمام عندما تم توظيفها بالشكل الأمثل.
حتى يؤدي القطاع السياحي دوره على أكمل وجه وظفت السعودية حضارتها وإرثها التاريخي بشكل يضاعف الاستفادة من توظيف هذه الحضارة والتاريخ للمملكة والجزيرة العربية، نجحت السعودية في تسجيل 8 مواقع تراثية على أرضها ضمن قائمة اليونسكو التاريخية وهي: مدائن صالح، حي الطريف، جدة التاريخية، الرسوم الصخرية بحائل، واحة الأحساء ومنطقة حمى الثقافية في نجران.
تمثل هذه المواقع التاريخية كل مناطق السعودية وحضاراتها ونشأتها ومزيد من المواقع آتي لأن تضاف إلى هذه القائمة. بجانب الإرث التاريخي للسعودية أيضا دخلت في منافسات مختلفة لأحداث عالمية نجحت بالفوز في استضافتها أكسبو، دورة الألعاب الشتوية، كأس العالم لكرة القدم، الفورمولا ومجموعة كبيرة من المؤتمرات الدولية المهمة، كل هذا الحراك أسهم في نجاح السياحة.
لاستدامة هذا النجاح والطلب على القطاع العقاري كان لابد من أن يكون للقطاع الخاص والحكومة في تعزيز رفع كفاءة ومستوى المشاريع المعلن عنها في القطاع السياحي حتى وصلنا إلى أن منتجع شيبارة ضمن مشروع البحر الأحمر يدخل ثانيا في قائمة أفضل 5 منتجعات عالمية بحسب TIME.
وسط هذه القفزات في المشروع السياحي السعودي نعود إلى ما كان يعتقد بأنه تحديات أمام القطاع لخصوصية السعودية فيما يخص بعض الأنشطة غير المتاحة ولأنها لم تكن على خارطة السائحين عالميا، الأرقام اليوم تؤكد نجاح القطاع وتنقل التحدي من البداية إلى الاستدامة والمنافسة.