«دي إتش إل» تتجه لضخ استثمارات بالشرق الأوسط تجاوباً مع متغيرات التجارة العالمية
تتهيأ شركة الشحن العالمية "دي إتش إل" (DHL) للإعلان عن استثمارات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط بقطاعات البنية التحتية والمركبات والمنشآت، وذلك في تحرك تكتيكي نحو المناطق التي تُظهر نمواً قوياً في نشاطها التجاري لتتجاوب الشركة مع المتغيرات الحاصلة في التجارة العالمية، بحسب جون بيرسون، الرئيس التنفيذي لـ"دي إتش إل إكسبريس".
ونوّه في مقابلة مع "الشرق" أن حركة التجارة في منطقة الشرق الأوسط أظهرت نمواً قوياً العام الماضي رغم التوترات الجارية في بيئة التجارة العالمية، مشيراً إلى أن نظرة منظمة التجارة العالمية للنشاط التجاري للمنطقة خلال الفترة من 2024 إلى 2029 تظل إيجابية، وهو ما يشجع الشركة على ضخ استثمارات فيها.
بيرسون أوضح أن الضبابية التي تغلف بيئة التجارة العالمية بسبب حرب الرسوم الجمركية أحدثت تغيراً في حركة السلع، ودفعت التجار للبحث عن أسواق جديدة لبضائعهم، وأضاف أن هذا يظهر جلياً في تراجع حجم التجارة إلى الولايات المتحدة، فيما ارتفعت إلى الأسواق الآسيوية.
أشعل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حرب رسوم جمركية عالمية في أبريل الماضي شملت قائمة واسعة من الدول، على رأسها الصين. الأشهر التالية لفرض الرسوم والتي شهدت تعليقاً لتنفيذها على الدول باستثناء الصين، ومن ثم مفاوضات بين الدول والإدارة الأمريكية، ومنها المحادثات الصينية الأمريكية الجارية هذه الأيام في لندن، خلقت واقعاً ضبابياً للتجارة العالمية، ومعنويات تراوحت بين التفاؤل والتشاؤم بشأن إيجاد حل يخفف من التوترات.
منطقة نشطة تجاريا
وبخصوص منطقة الخليج تحديداً، قال بيرسون إن النشاط التجاري في الدول الخليجية سجل أسرع وتيرة نمو على مستوى العالم، سواءً بالنسبة للسلع القادمة للمنطقة أو المُصدّرة إلى دول أخرى حول العالم أو حتى في التجارة البينية بينها، منوّهاً بأن هذا النمو القياسي في الحركة التجارية بدول الخليج لم يكن ليتحقق لولا البنى التحتية المنجزة، والسياسات الداعمة لحركة البضائع.
ضخت السعودية استثمارات ضخمة في البنية التحية والخدمات اللوجيستية خلال السنوات القليلة الماضية مستهدفة تعزيز دورها كمركز لوجستي إقليمي. كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أطلق في 2023 "المخطط العام للمراكز اللوجستية"، والذي يضم 59 مركزاً بإجمالي مساحة تتجاوز 100 مليون متر مربع، من المقرر أن تكتمل بحلول عام 2030. ويستهدف المخطط تطوير الربط المحلي والإقليمي والدولي لشبكات التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية.
وعلى صعيد التعاون اللوجيستي بين الشركات، أطلقت أرمكو و"دي إتش إل" شركة "أسمو" في فبراير 2024 بهدف تعزيز كفاءة سلاسل الإمداد للخدمات اللوجستية في قطاعات الطاقة والكيميائيات والصناعة.
وفي دولة الإمارات المجاورة، توسعت الدولة الخليجية في الاستثمارات بالبنية التحتية والخدمات اللوجستية مستهدفة تأكيد مكانتها التي رسخها ميناء جبل علي بدبي عبر سنوات. ولمزيد من التوسع الخارجي، تخطط "موانئ دبي العالمية" (دي بي ورلد) لإنفاق 3 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة على البنية التحتية للموانئ في أفريقيا، حسبما ذكرت "بلومبرغ".
تدير "دي بي ورلد" بشكل أساسي موانئ الحاويات، كما تشارك في تطوير مواقع صناعية أخرى وخدمات الشحن وتمويل التجارة.
أما فيما يخص استغلال تقنية الذكاء الاصطناعي، فاعتمدت "دي إتش إل" عملية التحول الرقمي في استراتيجتها قبل بضع سنوات، وبدأت في إدماج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ضمن عملياتها، بحسب بيرسون.
أوضح بيرسون أن الشركة تعتمد على هذه التكنولوجيا الحديثة في جميع منشآتها، بدءاً من مراكز خدمة العملاء والمخازن وتوقع المسارات الجوية لحركة الطيران، إلى استخدامها في الروبوتات والمركبات ذاتية القيادة، ونوّه بأن الاستثمارات التي سيتم الإعلان عنها في منطقة الشرق الأوسط ستعتمد بشكل كبير على هذه التكنولوجيا.