هل يمحو زخم الطلبيات في 2025 خسائر بوينج المليارية؟

هل يمحو زخم الطلبيات في 2025 خسائر بوينج المليارية؟

دخلت شركة بوينج الأمريكية لصناعة الطائرات عام 2025 بأداء قوي، حيث سلمت 44 طائرة خلال يناير، متفوقة بذلك على منافستها الأوروبية "إيرباص".

لكن هل هذا الزخم المبكر قادر على محو التحديات الجسيمة التي واجهتها الشركة العام الماضي، حين أعلنت عن خسائر صافية بلغت 11.83 مليار دولار، في أسوأ نتائجها المالية منذ 2020؟.

رغم هذه البداية الواعدة، فإن التساؤلات لا تزال مطروحة حول قدرة الشركة على الحفاظ على هذا الأداء واستعادة ثقة المستثمرين، أم أن التحديات المتراكمة ستطيح بها لمصلحة المنافسين.

نجمت الخسائر المليارية التي تكبدها عملاق صناعة الطائرات الأمريكي بوينج في العام الماضي عن مزيج من الاضطرابات في سلاسل التوريد، وضعف الكفاءة التشغيلية، والغرامات المالية، والاضطرابات العمالية الكبيرة غير المتوقعة، إضافة إلى التداعيات المستمرة لأزمة طائراتها من طراز 737 ماكس، فضلا عن الخسائر المالية الضخمة الناتجة عن تأخيرات في إنتاج طائرات 787 دريملاينر.

وكانت النتيجة تراجعا حادا في الإيرادات بلغ 31 % خلال الربع الأخير من العام الماضي. ورغم ذلك، يرى خبراء تحدثوا لـ"الاقتصادية" أن بوينج لا تزال تملك فرصا حقيقية للتعافي.

يقول الرئيس السابق لقسم العلاقات الخارجية في رابطة الطيارين الجويين البريطانيين، سايمون ماكس: "تراجع الإيرادات أجبر بوينج على إعادة النظر في إستراتيجيتها المالية. عادت إلى الأساسيات ولم تعد تضع خفض التكاليف فوق أولويات الجودة والسلامة. كما ضاعفت إنتاج طائرات 737 ماكس الذي يبلغ حاليا 38 طائرة شهريا مع الالتزام بضبط الجودة، ومن المتوقع أن تصل إلى 42 طائرة بحلول نهاية العام".

تحسن السيولة وارتفاع في سعر السهم
ضمن جهودها لاستعادة الاستقرار، جمعت بوينج أكثر من 21 مليار دولار بإصدار أسهم جديدة. وساهم ذلك في تحسين السيولة المالية ودفع بسعر سهم الشركة إلى الارتفاع بنسبة 17% منذ بداية العام، ليصل إلى 211 دولارا، وسط توقعات بمزيد من النمو بنسبة 25%.

يشير سام موهوك، المحلل المالي في بورصة لندن، إلى أن "بوينج لديها أكثر من 6000 طلب شراء لم تنفذ بعد، إلى جانب زيادة الطلب من شركات الطيران في الشرق الأوسط والمملكة المتحدة أخيرا. ويعد هذا مؤشرا على استعادة ثقة السوق والمستثمرين".

تحذيرات من نزيف الكفاءات والمنافسة الجديدة
رغم التحسن الراهن، يحذر جيرالد كالفين، المهندس المتخصص في هندسة الطيران والفضاء، من أزمة كامنة داخل الشركة.

"بوينج تخسر عديدا من خبراتها الهندسية، بسبب انتقال الكفاءات إلى مجالات مثل الفضاء أو صناعة الطائرات الكهربائية. وعلى الشركة أن تضع إستراتيجية واضحة لجذب المواهب وإطلاق طراز جديد من الطائرات، وهو أمر لم تقم به منذ عقدين".

ويضيف "المنافسة لا تأتي فقط من إيرباص، التي تمتلك طلبات تفوق 8600 طائرة، بل من شركات صاعدة في الصين والبرازيل. فالعالم سيحتاج إلى 40 ألف طائرة خلال العشرين عاما المقبلة، والشركات الصاعدة بدأت تقضم ولو تدريجيا جزءا من سوق كان محتكرا بالكامل من إيرباص وبوينج فيما مضى".

تعد رحلة بوينج هذا العام تجسيدا للتحديات والفرص التي تواجه صناعة الطيران الأمريكية. فالمنافسة العالمية شرسة، ومحاولات الشركة للتعافي مستمرة من خلال تحقيق التوازن بين السلامة والكفاءة والريادة الصناعية، إلى جانب دعم الابتكار.

ومع ذلك، يبقى المفتاح الحقيقي للحفاظ على مكانتها بوصفها رائدة دوليا في صناعة الطيران مرهونا بقدرتها على تقديم سلامة الركاب على أرباح المساهمين في قائمة أولوياتها.

الأكثر قراءة