الهجرة تهدد موطن التكنولوجيا الأمريكية.. 3.5 مليون مقيم غير شرعي في كاليفورنيا
لليوم الثالث على التوالي تتصاعد الاشتباكات بين قوات إنفاذ القانون ومحتجين ضد سياسة الهجرة الأمريكية في مدينة لوس أنجلوس إحدى مدن ولاية كاليفورنيا التي تعد موطن التكنولوجيا عالميا وصاحبة الاقتصاد الأقوى في أمريكا.
وفيما هدد الرئيس دونالد ترمب على منصّته "تروث سوشل"بإرسال مزيد من القوات لإيقاف "المقنّعين" وأكد أن الأمور يبدو ستزداد سوءا"، أغلق عشرات المتظاهرين طريقا سريعا في كاليفورنيا واحتدمت المواجهات مع الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع، بحسب وكالة الأنباء "الفرنسية".
وبلغ عدد المهاجريين غير الشرعيين في كالفورنيا 3.47 مليون مهاجر بما نسبته 26.7 % من إجمالي عدد المهاجريين غير الموثقيين في الولايات المتحدة، وفقا لما أوردته البيانات الأخيرة لمعهد سياسة الهجرة الأمريكي.
وتمتلك كاليفورنيا أكبر حصة من الإنتاج الصناعي والزراعي في الولايات المتحدة. كما أنها موطنٌ لقطاع الابتكار التكنولوجي الرائد، ومركز صناعة الترفيه العالمية، وتمتلك أكبر ميناءين بحريين في البلاد.
ولفتت شرطة لوس أنجلوس على منصة إكس خلال الليل إلى أن وسط المدينة أُعلن منطقة ممنوعة التجمع مشددة على ضرورة مغادرة وسط المدينة فورا".
وتصدر المكسيك قائمة المهاجرين بنسبة 40% تلتها أمريكا الوسطى (غواتيمالا، هندوراس، السلفادور) بنحو 18%، فيما تتراوح أعمار و56% من المهاجرين غير الشرعيين بين 18 إلى 44 عاما.
وطلب حاكم كاليفورنيا، جافن نيوسوم، من وزارة الدفاع الأمريكية إلغاء نشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس وإعادة السيطرة على القوات إلى الولاية، وسط تصاعد وتيرة الاحتجاجات لليوم الثالث.
وجاء في رسالة وجهها نيوسوم الأحد إلى وزير الدفاع بيت هيجسيث: "السلطات المحلية والولائية هي الأنسب لتقييم الحاجة إلى الموارد لحماية الأرواح والممتلكات. في الواقع، إن قرار نشر الحرس الوطني، دون تدريب أو أوامر مناسبة، يُنذر بتصعيد خطير للوضع".
وأُعلنت كذلك منطقة سيفيك سنتر في حي الأعمال منطقة ممنوع التجمع فيها، وأظهرت لقطات جوية بثها التلفزيون سيارات شرطة وهي تسير في مواكب عبر شوارع مهجورة في وسط المدينة مع تمركز للشرطة عند التقاطعات. وأظهرت لقطات أخرى بعض المواجهات بين القوات الأمنية ومجموعات صغيرة من المتظاهرين.
يشار إلى أن اقتصاد كاليفورنيا تجاوز اقتصاد اليابان، وهو ما يجعل الولاية الأمريكية رابع أكبر قوة اقتصادية في العالم.
وتُظهر البيانات أن الناتج المحلي الإجمالي لكاليفورنيا بلغ 4.10 تريليون دولار أمريكي في 2024، متجاوزاً اليابان التي بلغ ناتجها المحلي الإجمالي 4.01 تريليون دولار أمريكي. ولا تتخلف الولاية الآن إلا عن ألمانيا والصين والولايات المتحدة ككل.
وبعد ظهر الأحد، اندلعت اشتباكات في لوس أنجلوس بين قوات الأمن ومحتجين على سياسة الهجرة التي ينتهجها ترمب الذي يؤكّد أنه مستعد لإرسال جنود إلى مدن أخرى من البلاد إذا لزم الأمر.
وأغلق عشرات المتظاهرين طريقا سريعا في مدينة كاليفورنيا لأكثر من ساعة بعد ظهر الأحد، في مواجهة محتدمة مع الشرطة التي أوقفت متظاهرين واستخدمت الغاز المسيل للدموع، بما في ذلك ضد صحافيين، وفق ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.
وأصيبت صحافية أسترالية برصاص مطاط في ساقها أطلقته الشرطة في وسط المدينة، بحسب لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي وقناة 9news التي تعمل فيها.
وأُحرقت 3 سيارات على الأقل وتعرضت اثنتان للتخريب أثناء مرور متظاهرين في منطقة محظورة في وسط مدينة لوس أنجلوس. من جهتها، أعلنت شرطة سان فرانسيسكو أنها أوقفت نحو 60 شخصا ليل الأحد خلال مواجهات مع محتجين.
نشر ألفَي عنصر من الحرس الوطني لاحتواء التظاهرات
وكانت الاشتباكات لا تزال مستمرة ليل الأحد والاثنين بين عشرات المتظاهرين، وكثير منهم يضع أقنعة وأغطية للرأس، وقوات الأمن، إذ قالت شرطة لوس أنجلوس: إن عناصر إنفاذ القانون أوقفوا 56 شخصا على الأقل في يومين، في حين أصيب 3 عناصر بجروح طفيفة.
وأمر ترمب بنشر ألفَي عنصر من الحرس الوطني لمحاولة احتواء هذه التظاهرات، واتهّم السلطات الديموقراطية في كاليفورنيا بعدم الكفاءة.
ودعا حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم المتظاهرين إلى عدم الوقوع في ما قال: إنه فخ نصبه الرئيس الجمهوري الذي يستغل الأزمة سياسيا في معقل ديموقراطي بشأن إحدى القضايا الرئيسية في سياسته وهي مكافحة الهجرة غير النظامية.
وكتب على إكس "لا تقعوا في فخ ترمب، ترمب يريد الفوضى وحرّض على العنف". وأضاف "ابقوا هادئين. حافظوا على تركيزكم. لا تمنحوه العذر الذي يبحث عنه"، متوعدا بأن "كل من يعتدي على عناصر الأمن أو يُلحق أضرارا بالممتلكات يُعرّض نفسه لخطر التوقيف". وكتب نيوسوم في وقت سابق "لم تكن لدينا مشكلة حتى تدخل ترمب". من جهتها، دعت الصين مواطنيها في لوس أنجلوس إلى توخي الحذر.
وأتى نشر الحرس الوطني بعد يومين من بدء احتجاجات سادتها اشتباكات وأعمال عنف في لوس أنجلوس، موطن عدد كبير من السكان ذوي الأصول الأمريكية اللاتينية، بعدما حاول سكان التدخل في مواجهة عمليات توقيف مهاجرين من جانب وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الفدرالية.
وتتم الاستعانة عادة بالحرس الوطني (وهو جيش احتياطي) لدى وقوع كوارث طبيعية على غرار حرائق لوس أنجلوس، وأحيانا في حالات الاضطرابات المدنية، لكن ذلك يقترن إجمالا بموافقة المسؤولين المحليين.
وأوضح الناشط الأمريكي كينيث روس الذي كان رئيسا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، أنها المرة الأولى منذ العام 1965 التي ينشر فيها رئيس أمريكي الحرس الوطني من دون طلب من حاكم الولاية.
المكسيك تدعو معاملة رعاياها بكرامة
وأعلنت الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم الأحد أنه تم توقيف مواطنين مكسيكيين خلال العمليات الأخيرة، داعية الولايات المتحدة إلى معاملتهم بكرامة، قائلة إن "المكسيكيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة هم (...) رجال ونساء نزيهون ذهبوا للبحث عن حياة أفضل وتأمين حاجات عائلاتهم. هم ليسوا مجرمين".
ومنذ توليه منصبه في يناير، شرع ترمب في تنفيذ تعهده اتخاذ إجراءات صارمة ضد دخول المهاجرين غير المسجلين الذين شبههم بـ"الوحوش" و"الحيوانات".
وقالت امرأة هي ابنة مهاجرين، لوكالة فرانس برس رافضة كشف اسمها "علينا الدفاع عن شعبنا. لا يهم إذا تعرضنا للأذى، ولا يهم إذا استخدموا الغاز المسيل للدموع، كل ذلك لن يوقفنا. كل ما تبقى لنا هو صوتنا".
ويثير الوجود العسكري على الأرض قلق جايسن جارسيا (39 عاما)، وهو من سكان لوس أنجليس وجندي سابق، أكثر مما يطمئنه. وهو قال إنه يخشى من "تصعيد" الوضع.
وقال توماس هينينج وهو متظاهر "أعتقد أنه تكتيك ترهيبي هذه الاحتجاجات سلمية. لا أحد يحاول إلحاق أي أذى في الوقت الراهن، مع ذلك فإن عناصر الحرس الوطني موجودون مع بنادق كبيرة حول المكان في محاولة لترهيب الأمريكيين من ممارسة حقوقنا التي يكفلها البند الأول" من الدستور.