شهية البنوك المحلية للصكوك الأجنبية

بينما يستمر البنك المركزي السعودي على نهجه الممتاز ووضوح أنظمته وإدارته وأعماله، ويستمر على مركزه القوي بالمحافظة على صافي الأصول الأجنبية لديه، نجد مجموعة من البنوك المحلية تتهافت على أسواق الدين لإصدار سندات وصكوك دين بالدولار وتبيعه خارجياً لتلبي احتياجات التمويل للمشاريع المحلية وتوسع دائرة الاستقطاب بداعي توافر السيولة متغافلة أثر تحويل العملة الأجنبية وعدم المحافظة على الأصول الأجنبية لديها.
وبحسب تقارير البنك المركزي السعودي فقد سجلت البنوك المحلية عجزاً في الأصول الأجنبية بشهر مارس الماضي بلغ أكثر من 104 مليارات ريال، ويشكك المراقبون بانخفاض هذا الرقم وسيتذبذب صعوداً ونزولاً بما يصل إلى 10% تقريباً، وأن البنوك مستمرة على نهجها، ما يحثنا على تسليط الضوء على أمر في غاية الأهمية قد يكون هذا أوانه، وهو أهمية إصدار نظام رقابي حازم للتعاملات البنكية خصوصاً فيما يتعلق بسقف الدين الأجنبي والاحتفاظ بالأصول الأجنبية.
وقد ذكرت أنه الوقت المناسب كون مشروع نظام البنوك المطروح للعامة في 2023 -الذي نتمنى أن يرى النور قريباً- لم يقر حتى الآن، وبمراجعتي القانونية له لم أقف على ممكنات قوية وواضحة لتدخل البنك المركزي للحد من مثل هذه الحالات، فلا زالت مواد الإشراف والرقابة فضفاضة يمكن معها تجاذب الآراء.
وأرى -كأقل تقدير- أن توضع نصوص عامة في الإشراف والرقابة تتحدث بشكل مالي لا إداري كما هو حاصل في الوقت الحالي، فصحيح أن النظام يمكن البنك المركزي من وضع اللوائح والتعاميم والقواعد، إلا أن ترك الأطر المالية المهمة قيد الاجتهادات قد لا يكون بالأمر الجيد، والقانون أقوى بكثير من اللائحة والتعميم والقواعد، وقد أتى في مشروع النظام ذاته سقوف ومحددات لضمان حقوق المودعين عبر الفصل السادس (صندوق حماية الودائع)، وعليه فإن وضع محددات وسقوف مالية تحد البنك من التعاملات الخاطئة هو أمر ممكن كذلك.
أعرف تماماً أن هناك من يرى أن وضع السقوف والمحددات داخل النظام سيعرقل الأعمال، وذلك كون تحديث النظام ثقيلا، وليس بالأمر السهل، لكن الأطر المالية العامة هي صلب العمل البنكي الذي من الطبيعي ألا يحدث أو يجدد إلا بالسنوات، لقد سار مما اطلعت عليه في وضع السقوف والمحددات البنك المركزي البريطاني في قانونه المكون من 144 صفحة، ولا أعني بالمحددات والسقوف أن تقتصر على الأرقام أو النسب المئوية.
فمن الممكن أن يكون المحدد إطارا عاما يترك للجنة مختصة داخل البنك المركزي، وتلزم بإصدار تحديثاته بشكل دوري، أو بأي طريقة تضمن صدور المحدد أو السقف بشكل دقيق وواضح وتضمن المراجعة السنوية له، وتضمن استقراراً لبنوكنا وتقيمها بأعلى درجات التقييم العالمي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي