رفع المحتوى المحلي في القطاعات غير النفطية .. الحج والعمرة نموذجا
يُعد المحتوى المحلي أجندة وطنية تسهم في تعزيز النمو المستدام للسعودية، وتشارك في تحقيقها مختلف شرائح الاقتصاد، من أفراد المجتمع والقطاعين العام والخاص.وقد عرّف تنظيم هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (551)بتاريخ 15/09/1442هـ، المحتوى المحلي بأنه "إجمالي الإنفاق في السعودية من خلال مشاركة العناصر السعودية في القوى العاملة، والسلع، والخدمات، والأصول، والتقنية، وما في حكمها".
فالمحتوى المحلي بشكل مبسط: هو المحافظة على أكبر قدر ممكن من المال المنفق على المشتريات لتكون داخل السعودية من قبل الفئات المستهدفة، سواء جهات عامة أو خاصة أو حتى أفراد المجتمع. ومن الأهداف الإستراتيجية لبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، رفع نسبة المحتوى المحلي في القطاعات غير النفطية.
إن مهام ومسؤوليات هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية تختص بتصميم الآليات والمعايير لاحتساب وقياس المحتوى المحلي ومساهمة المشتريات الحكومية، ودراسة وإطلاق الفرص لتنمية المحتوى المحلي في إنفاق الجهات الحكومية والقطاع الخاص، ووضع المتطلبات على تراخيص الأنشطة ذات الأثر العالي على المحتوى المحلي.
وقد ارتفع مؤشر قيمة المحتوى المحلي في الإنفاق النهائي للقطاع غير النفطي إلى 55.8% لتبلغ قيمته 1.32 مليار ريال. وتم التركيز على تمكين الصناعات المحلية، وتعزيز الاستدامة، ودفع عجلة الابتكار، من خلال تطوير التشريعات، وبرامج جديدة تهدف إلى زيادة نسبة المحتوى المحلي في الاقتصاد الوطني.
وكشف التقرير السنوي لهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، أنه خلال العام الماضي 2024 زاد الاعتماد على السلع والخدمات المحلية في عديد من المشاريع الوطنية الكبرى، ووصلت نسبة المحتوى المحلي في إنفاق الشركات المملوكة للدولة إلى 50.8%..
وأن قيمة فرص المحتوى المحلي المحققة من خلال إدراج المنتجات الوطنية في القائمة الإلزامية وتطبيق آلية الحد الأدنى على المنافسات الحكومية، وبرامج تحقيق الرؤية وعدد من المشاريع الأخرى بلغت 61.7 مليار ريال، كما قدر حجم الاستثمار المتوقع من الاتفاقيات المبرمة لتوطين الصناعة ونقل المعرفة 17.28 تريليون ريال منذ بداية تطبيقه.
ومن هذه الأرقام التي وردت سابقا فإن الحج من 1400 عام من الفرص الاقتصادية التي تُدرّ دخلاً مستداماً لسكان المناطق المقدسة عبر العصور، لكن السؤال المهم:
كيف نستثمر هذه المناسبة الروحانية لتعزيز المحتوى المحلي في القطاعات غير النفطية؟
مع انتهاء مناسك الحج هذا العام، التي نُفذت بكفاءة بإشراف مباشر من القيادة الكريمة وتنفيد الوزارات المعنية باحترافية وقبلها أمن وأمان ، تبرز نقطة في توظيف هذه المناسبة، لرفع نسبة المنتجات المحلية في القطاعات غير الربحية. فالحجاج عند عودتهم يبحثون عن هدايا تليق بمشاعر الحج، بدءاً من سجاد الصلاة، إلى المنتجات الأخرى المرتبطة بروحانية المناسبة بجودة مختلفة وطرق تسويقية مبتكرة بها وبما يشمل التغليف المبتكر، لكن معظم هذه المنتجات تُستورد.
هنا تكمن الفرصة! لماذا لا تتبنى وزارة الصناعة و الثروة المعدنية مشروعاً متكاملاً لتصنيع هدايا الحج محلياً؟ بدلاً من الاستيراد بدءا من سجاد الصلاة وصولاً إلى تطوير منتجات ذات قيمة مضافة عالية، تتناسب مع كل الفئات بتصاميم مبتكرة تعكس روحانية الحج وهوية السعودية، وجودة عالية تنافس المنتجات العالمية، مع توفير خيارات تناسب كل الفئات المستهدفة.
وبالإمكان أن يكون الحج منصة داعمة للصناعة المحلية، لتحقيق تبني شراكات إستراتيجية بين الوزارة والقطاع الخاص، حزم تمويلية ممكنة لتمكين المصانع وآليات تسويق تستفيد من المناسبة و روحانيتها باستخدام كل وسائل التواصل الاجتماعي التسويقية وتربط المنتج المحلي بالهوية الروحانية للحج.
اليوم.. نحن أمام مفترق طرق.. إما أن نستمر في استيراد هدايا الحج، أو نُحوّل هذه المناسبة إلى محركٍ للصناعة الوطنية.
فمتى نبدأ؟