الاكتتاب خيار استثماري يرتبط بتقييم مقبول
تمكنت 186 شركة مالية مرخصة من هيئة السوق المالية من تحقيق إيرادات مجمعة تقترب من 18 مليار ريال بنهاية العام 2024، كما بلغت الأرباح المجمعة للشركات المالية المرخصة في السعودية 8.8 مليار ريال، تمثل إدارة الأصول الحصة الأكبر من هذه الأرباح بـ5.8 مليار ريال، ومن ثم تأتي حصة جيدة من الأرباح من الاستثمارات الخاصة للشركات المرخصة، حققت الشركات 2.5 مليار ريال من استثمار مواردها الخاصة وحققت المصرفية الاستثمارية نحو 1.5 مليار ريال، تمثل أرباح 2024 نموا بنسبة 39% عما حققته الشركات المرخصة في 2023، عناصر رئيسية أسهمت في هذا النمو جودة السوق، أولا: زيادة الإقبال على المنتجات الاستثمارية ثانيا: تعزيز الشركات المرخصة لأرباحها باستثمار مواردها الخاصة، وأخيرا: اتساع أكبر للقواعد التشريعية أتاح مساحة أكبر لاستقطاب منظومة أوسع من المنتجات الاستثمارية.
كانت ولازالت الشركات المالية المملوكة للبنوك تقتطع الحصة الأكبر من سوق المنتجات الاستثمارية وتتنافس الشركات الاستثمارية الأخرى على جزء بسيط من هذه السوق، إلا أن الملاحظ في السنوات الثلاث الأخيرة وأيضا في 2024 خصوصا اقتطاع الشركات الاستثمارية المرخصة المستقلة حصة إضافية من هذه السوق، فمعدل النمو الذي حققته الشركات التابعة للبنوك أقل من معدل نمو السوق وأيضا أقل من معدل نمو الأرباح في الشركات المستقلة، ستبقى الحصة الأكبر في كفة هذه الشركات التابعة للبنوك إلا أن المنافسة بدأت ترتفع من الشركات المستقلة كذلك وهذا صحي عموما.
تبقى الطروحات الأولية عنصرا أساسيا في زيادة عمق السوق المالية وزيادة معدلات تمثيل الشركات المشاركة في الاقتصاد الوطني ضمن السوق، فقطاعات جديدة تدرج وأنشطة جديدة تدخل ضمن تشكيل الشركات المدرجة. نجحت السوق المالية السعودية في استقطاب 44 شركة لتكون ضمن الشركات المدرجة في السوقين الرئيسي والموازي، واستطاعت هذه الاكتتابات جمع 13.2 مليار ريال سعودي كمتحصلات نهائية لقيم الشركات المطروحة في السوقين، ومن المنظور الأوسع للطروحات فإن السوق أيضا نجحت في إغلاق طروحات لصكوك وأدوات دين بقيمة تجاوزت 40 مليار ريال.
هذا النشاط الاستثماري انعكس إيجابا على أداء الشركات المرخصة وعزز من شهية المستثمرين ليكونوا جزءا من هذه الأسواق والطروحات والتغطيات الكبيرة دلالة على الإقبال والرغبة في زيادة نسب التخصيص التي يحصل عليها المستثمرين. لا شك أن هذا الإقبال يرتبط بجودة المطروح وجودة السوق فطالما أن السوق تمر بظروف جيدة والطروحات تحقق عوائد مجزية سيستمر الإقبال بمعدلاته المرتفعة الحالية.
مرت الاكتتابات الأخيرة بتحديات ظاهرة بعد أن ألغي 3 منها وأيضا انخفاض الإدراج الجديد في يومه الأول في تحرك غير مألوف للاكتتابات الجديدة ولا شك أن هذا سيعزز من قلق المقبلين الجدد إلى السوق والمكتتبين أو من يبحثون خيارات الطرح.
رغم أنه تحرك غير مألوف فإنه طبيعي في حقيقة الأمر، فالمشاركة قرار استثماري والعائد في هذه القرارات غير محدد أو مضمون، لكن يقع على كاهل المصرفية الاستثمارية ومستشاري الطرح ومديري الاكتتابات دور مهم في مثل هذه المرحلة في أطر وأنماط التقييم التي يتبعونها في تقدير الشركات والقطاعات ومقارنتها محليا وفي الأسواق الأخرى، لأن فشل الطرح مضر لمدير الاكتتاب والسوق، وأيضا مضر في الإقبال على الطرح من الشركات الخاصة، وهو ضرر يمتد إلى أسواق الملكية الخاصة. يجب ألا يفقد سوق الطروحات الأولية الوهج فلا يزال المشوار طويلا للوصول إلى حد التشبع وأيضا من المهم عدم الإسراع في اقتطاع مكاسب سريعة ضمن طريق طويل.