طرود البريد بالسعودية..سوق الـ7 مليارات ريال بين محفزات التقنية وتكلفة الميل الأخير
يتوقع أن يسجل سوق الطرود البريدية في السعودية نموا سنويا يصل إلى 8% من حجمه البالغ حاليا 7 مليارات ريال، بدعم من ازدهار التجارة الإلكترونية، بحسب أحدث دراسات موردور إنتليجنس المتخصصة في القطاع.
لكن في الوقت نفسه، يواجه القطاع عدة صعوبات تكمن في ارتفاع تكلفة الشحن خاصة الميل الأخير، والبنية التحتية القوية ومهارة العاملين وتأهيلهم، إضافة إلى ضعف المساحات التخزينية التي تستوعب السوق، بحسب خبراء في القطاع تحدثوا لـ "الاقتصادية".
وتسليم الميل الأخير هو الجزء الأكثر تكلفة في الرحلة من مركز النقل إلى وجهته النهائية، لذلك يجب أن يتم بكفاءة حتى لا تتعرض الشركة لخسائر، لأنها قد تسهم في جذب مزيد من العملاء وتحقيق رضا العملاء الحاليين أو فقدهم تماما.
الخبراء أكدوا أهمية تبني التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والروبوتات، واستخدام الطائرات دون طيار والمركبات ذاتية القيادة في التوصيل، لبناء سوق سعودية قوية.
شركات أجنبية تبحث عن بوابة دخول
يقول لـ"الاقتصادية" الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة طرود، فيصل آل مخلص، إنه يتم تمرير بضائع أكثر من 1200 شركة شحن وتوصيل محلية وعالمية عبر منصة طرود، فيما تتجاوز الشحنات السنوية 6 ملايين طرد من خلال الشركة فقط.
أضاف، أن الشركات الأجنبية تبحث عن بوابة دخول في الخدمات اللوجستية، لذا فإن تسهيل دخولها يسهم في جذب الاستثمارات بما يزيد التنافسية للمستثمر الأجنبي ويخدم السوق بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030.
أوضح، أن الشركة تتفاوض مع شركتي أمازون الأمريكية وترنديول التركية وعدد من منصات الشحن الأوروبية لإيجاد مستودعات لهم في السعودية، مشيرا إلى أنه تم تأمين 26 مستودعا للشركتين بمساحات تصل إلى 40 ألف متر مربع.
ووصلت القيمة السوقية للشركة التي انطلقت برأس مال 60 ألف ريال في 2022، إلى 300 مليون باستثمارات مع شركتي أرامكو وعلم، فيما تم تعيين محاسب ومستشار مالي للمضي قدما في إجراءات الطرح خلال 18 شهرا، بحسب آل مخلص.
التجارة الإلكترونية تدعم نمو السوق
من ناحيته، عزا المدير الإقليمي لشركة "إيراد يو بي إس" للطرود في السعودية والبحرين، علي السيد، نمو سوق الطرود في السعودية إلى زيادة التجارة الإلكترونية، فيما يرجح أن يصل عدد مستخدميها إلى 28 مليونا بحلول 2027، ما يدعم الطلب.
وتوقع أن يتزايد حجم استثمارات الشركة في عديد من الأنشطة اللوجستية، كتطوير البنية التحتية للعمليات التشغيلية، النقل الذكي، التخزين وإدارة المخزون، الابتكار والتكنولوجيا، السيارات الكهربائية، المنافذ البرية والجوية، والذكاء الصناعي.
تحديات تؤثر في الأداء والكفاءة
بحسب السيد، يواجه سوق نقل الطرود في السعودية عقبات تؤثر في أدائه وكفاءته، منها البنية التحتية التي لا تزال في مرحلة النمو والتطوير، وأيضا محدودية المساحات التخزينية في المستودعات ومرافق التخزين المجهزة تجهيزا جيدا.
أضاف، أن هذه التحديات تعيق نمو قطاع توصيل الطرود وقد تؤثر في تنفيذ الطلبات وإدارة المخزون، لكن يمكن حلها من خلال تشجيع الاستثمار الخاص في البنية التحتية للمستودعات.
ومن التحديات أيضا، فجوة الاعتماد على التكنولوجيا، إذ يعد دمج الأدوات والمنصات الرقمية أمرا ضروريا للرؤية التشغيلية واتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات، حيث إنها في مرحلة التطور والتحول السريع، بحسب السيد.
ونوه أكرم إلى أن القطاع يتطلب قوة عاملة ماهرة. ونقص المهارات يمثل فجوة في إدارة سوق النقل وتحديا كبيرا، ما يؤكد الحاجة إلى مزيد من الاكاديميات وبرامج التعليم والتدريب، والتعاون مع المؤسسات الأكاديمية.
أشار إلى أن عدم إلزام المتاجر الإلكترونية باستخدام العنوان الوطني كشرط أساسي للبيع قد يؤدي إلى صعوبة في التوصيل، وزيادة التكاليف لدى شركة نقل الطرود، وتأخر التسليم، أو التسليم إلى عنوان خاطئ.
كيف يمكن بناء سوق قوية في السعودية؟
يرى المدير الإقليمي لشركة "إيراد يو بي إس" للطرود في السعودية والبحرين، أنه لتحقيق سوق قوية للطرود في السعودية، يجب الاستثمار في البنية التحتية مثل الطرق والجسور والمطارات والموانئ، المناطق الحرة، التخزين، المستودعات المعاصرة، لتحسين كفاءة النقل والخدمات اللوجستية.
وذلك علاوة على دعم نمو التجارة الإلكترونية من خلال تحسين البنية التحتية الرقمية بكل أشكالها، وتسهيل الإجراءات الحكومية وتوفير بيئة أعمال محفزة للاستثمار، وتوفير الحوافز اللازمة من خلال تحسين الشفافية، إضافة إلى دعم ريادة الأعمال والابتكار في مجال الخدمات اللوجستية.
وأكد أهمية زيادة الوعي بأهمية العنوان الوطني وكيفية استخدامه وتوفير برامج التعليم لتلبية احتياجات سوق العمل، واستقطاب وتدريب الكوادر الوطنية في العمليات التشغيلية والموارد البشرية والإدارات القيادية، وتعزيز المهارات اللازمة للتنمية الاقتصادية.
السوق بين محفزات وتحديات
الخبير المتخصص في قطاع الخدمات اللوجستية، نشمي الحربي، ذكر أن أبرز محفزات النمو في سوق الطرود، نمو التجارة الإلكترونية 42% بين 2019-2024، والمبادرات الحكومية، والتطور التقني والرقمي، وزيادة الاستثمارات الأجنبية في القطاع اللوجستي، وتغير سلوك المستهلك السعودي مع ميل 77% للتسوق عبر الإنترنت.
في المقابل، لخص العقبات في تأخر التسليم بسبب صعوبة الوصول للمناطق النائية، وتكاليف الشحن المرتفعة (تكلفة الميل الأخير تمثل 28% من إجمالي تكلفة الشحن)، التعامل السيئ مع الطرود وضعف التواصل مع العملاء، فقدان أو ضياع الطرود (5% من إجمالي الشحنات).
وذلك علاوة على تأثير العوامل الجوية وظروف الطريق في عمليات النقل، وتجاهل العنوان الوطني الجديد من بعض شركات الشحن، والمنافسة غير العادلة والتحديات التنظيمية والتشريعية، وصعوبات مواكبة التطور التكنولوجي وتحديات الأمن السيبراني.
وقال الحربي، إنه لبناء سوق قوية للطرود في السعودية، نحتاج إلى تطوير البنية التحتية الداعمة من خلال بناء أنظمة معلومات جغرافية متطورة، وتعزيز الاستفادة من العنوان الوطني وضمان تكامله مع أنظمة الشركات، وتبني التقنيات الحديثة (الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، الروبوتات).
وذلك إلى جانب استخدام الطائرات بدون طيار والمركبات ذاتية القيادة في التوصيل، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتشجيع الاستثمارات، وتطوير الأطر التنظيمية والتشريعية لضمان المنافسة العادلة.