انهيار التحالف بين ماسك وترمب يضع أسهم "تسلا" في مهب الريح

انهيار التحالف بين ماسك وترمب يضع أسهم "تسلا" في مهب الريح
سيارات "تسلا" في متجر للشركة في كولما، كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأميركية - بلومبرغ

عندما فاز الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات في نوفمبر الماضي، اعتبر المستثمرون أن شركة "تسلا" من أكبر الرابحين. لكن هذا الرهان يبدو الآن في مهب الريح، بعدما تابع المستثمرون انهيار التحالف القوي السابق بين الطرفين في بث مباشر تقريباً.

تصاعدت التوترات التي كانت تغلي منذ فترة بشأن مشروع ترمب الأساسي للضرائب والإنفاق إلى حرب علنية بالكلمات أمس الأول، إذ لوّح ترمب بإلغاء العقود الحكومية والدعم المقدم لشركتي "تسلا" و"سبيس إكس" (SpaceX) التابعة لـ"إيلون ماسك". ورد ماسك بالتهديد بإخراج طائرة تابعة لـ"سبيس إكس" تُستخدم من قِبل الحكومة الأميركية من الخدمة، قبل أن يتراجع عن تهديده في وقت لاحق من اليوم نفسه.

أسهم "تسلا"
هبطت أسهم "تسلا" بنسبة 14% أمس الأول لتمحو أكثر من 150 مليار دولار من قيمتها السوقية. كما تضررت شركة "ديستني تك 100" (Destiny Tech100)، عبارة عن صندوق استثمار مغلق، وتملك حصة كبيرة في "سبيس إكس"، إذ تراجعت أسهمها 13%. تُعد أسهم "تسلا" الآن في طريقها لتسجيل أسوأ أسبوع لها منذ أكثر من عام، كما أنها أصبحت الأسوأ أداء منذ بداية العام بين مجموعة "العظماء السبعة" من شركات التكنولوجيا، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ".

قال دان آيفز، المحلل لدى شركة "ويدبوش" (Wedbush) وأحد أبرز المتفائلين بشأن "تسلا": "إنه شجار من مستوى المدارس المتوسطة، حيث تحول أعز الأصدقاء إلى صديق وعدو في نفس الوقت". أضاف: "إنها حالة من عالم الخيال بالنسبة للمستثمرين، لأن آخر ما يريدونه هو أن يتحول ترمب من داعم كبير لماسك وتسلا إلى خصم لهما".

توقفت حالياً المشاحنات الكلامية بين ماسك وترمب، لكن الأضرار التي لحقت بالطرفين خلال ساعات قليلة قد يصعب إصلاحها. ارتفعت أسهم "تسلا" 5.5% أمس، لتعوض جزءاً بسيطاً من خسائرها الكبيرة أمس الأول.

رحيل ماسك
انسحب ماسك من دوره ضمن إدارة ترمب الأسبوع الماضي، استجابةً لدعوات من مساهمي "تسلا" بضرورة التراجع خطوة إلى الوراء. وقد بدا الانفصال ودياً في البداية، حيث ألمح ماسك إلى رغبته بالبقاء ضمن الدائرة المحيطة بالبيت الأبيض. لكن منذ خروجه، بات ينتقد بصوت عال مشروع القانون الذي يمثل محور سياسة ترمب الداخلية.

بدأ الشرخ بين الطرفين يتسع الثلاثاء الماضي، عندما وصف ماسك مشروع ترمب الضريبي بأنه "عمل بغيض مثير للاشمئزاز". قال آيفز: "أعتقد أن هناك قضايا أخرى أيضاً يختلفان حولها". تابع "لقد كانت تجربة سياسية صادمة بالنسبة لماسك، فالعمل في واشنطن يختلف كثيراً عن إدارة شركة".

يزيد الطين بلة أن السياسات التي يتبناها ترمب والجمهوريون قد تُعرض مليارات الدولارات للخطر بالنسبة لـ"تسلا". يعني إقرار مشروع القانون إلغاء ائتمان ضريبي بقيمة تصل إلى 7500 دولار لمشتري بعض طُرز "تسلا" وغيرها من السيارات الكهربائية بحلول نهاية العام الجاري، أي قبل 7 سنوات من الموعد المحدد. ووفق تقديرات بنك "جيه بي مورغان"، فإن ذلك قد يُكبد الشركة خسارة تصل إلى 1.2 مليار دولار في أرباحها السنوية.

البقاء أو المغادرة؟
ارتفعت أسهم "تسلا" بنسبة 29% خلال الأسبوع الذي أعقب فوز ترمب في الانتخابات، ما عكس تفاؤل المستثمرين بأن ولاية ثانية لترمب ستعود بالنفع على الشركة. لكن منذ السادس من نوفمبر الماضي، لم تحقق الأسهم سوى عائدات 4.3%، وسط موجة تخارج من قبل المستثمرين. ويقارن هذا الأداء بعائدات 20% حتى نهاية جلسة تداول 30 مايو المنصرم.

قال بول ستانلي، الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة "غرانيت باي ويلث مانجمنت" (Granite Bay Wealth Management)، إن الصدام العلني بين ترمب وماسك "يزيد من المخاطر السياسية والسمعة المحيطة بتسلا". أضاف أن الجدل المستمر قد يقوض ثقة المستثمرين ويزيد من تقلبات السهم. وقال: "نظراً للصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها منصب الرئاسة، فلا أرى كيف يمكن أن يكون هذا الأمر إلا سلبياً بالنسبة لتسلا وماسك".

في المقابل، ترى إيرين تونكل، المحللة لدى "بي سي إيه ريسيرتش" (BCA Research)، أن أسهم "تسلا" "مبالغ في تقييمها"، مشيرة إلى أن سعرها مرتفع بشكل كبير بالنسبة لشركة تواجه تباطؤاً في النمو ومنافسة شديدة في قطاع يتميز بهوامش ربح منخفضة.

قالت تونكل: "كانت السوق تسعر الأسهم بناء على أحلام كثيرة، بداية من الروبوتات الشبيهة بالبشر، وصولاً إلى الإنتاج الضخم للسيارات الذاتية القيادة بالكامل". تابعت: "كان من الحتمي أن نشهد تراجعاً".

لكن بعض المستثمرين حققوا مكاسب من تداعيات أمس الأول. جنى البائعون على المكشوف أرباحاً دفترية تُقدر بنحو 4 مليارات دولار، بحسب ماثيو أونترمان من شركة "إس3 بارتنرز" (S3 Partners LLC). قال أونترمان إن "تسلا" تُعد ثالث أكثر الأسهم التي يتم بيعها على المكشوف ضمن مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، بعد شركتي "إنفيديا" و"مايكروسوفت".

التحلي بالصبر
تأتي هذه التجاذبات في وقت حساس بالنسبة لـ"تسلا"، إذ تستهدف الشركة إطلاق خدمتها المرتقبة للروبوتاكسي في 12 يونيو الجاري بمدينة أوستن في ولاية تكساس، وهو إنجاز يُعد محورياً ضمن خطة ماسك لإعادة تشكيل الشركة بالتركيز على تقنيات القيادة الذاتية والذكاء الاصطناعي.

وسيعتمد نجاح الإطلاق على تحسينات في البرمجيات تُقلل من حالات "الانفصال" -الحالات التي يُضطر فيها الإنسان إلى استعادة التحكم بالمركبة- ما يقرب "تسلا" من منافستها "وايمو" (Waymo) التابعة لشركة "ألفابت"، وفق مذكرة صادرة عن محللي "بلومبرغ إنتليجنس" مانديب سينغ وروبرت بيغار.

قال دان آيفز من "ويدبوش" إن إطلاق خدمة الروبوتاكسي الأسبوع المقبل يُمثّل "بداية الرؤية الذاتية القيادة والفصل الجديد من النمو الذهبي"، معتبراً أن أسهم "تسلا" "مباعة بصورة مفرطة حالياً". لكنه أضاف أن على المستثمرين التحلي بالصبر.

اختتم آيفز: "ما زلت أعتقد أنهما سيظلان صديقين وداعمين لبعضهما البعض، لكن هذه المرحلة بالتأكيد تُعد فترة توتر عصبي للمستثمرين في تسلا".

الأكثر قراءة