السعودية وسوق النفط اقتصادا وتأثيرا
تعد السعودية المصدر الأكثر موثوقية للنفط في العالم فعند أي توترات تصيب الإمدادات النفطية لأي سبب سياسي، اقتصادي أو مناخي تكون السعودية الملاذ الآمن لمستوردي النفط حول العالم وخصوصا الدول الكبرى من الناحية الاقتصادية والاستهلاكية. هذه الدرجة العالية من الموثوقية تبقي الأنظار دائما نحو السعودية في أي من هذه الأحوال وخصوصا عندما تبدأ أسعار النفط التراجع لمستويات منخفضة تجاريا لكثير من المنتجين التجاريين تبقى السعودية الأقدر على المحافظة على مستويات الإنتاج للتكلفة الإنتاجية وللاحتياطيات النفطية التي وهبها الله لهذه الأرض.
عند تراجع أسعار النفط وفي الظروف الاقتصادية غير المواتية وعند اجتماعات منظمة أوبك وأوبك+ يزداد التركيز على قرار السعودية في هذا الاتجاه. يترقب الإعلاميين ما يصرح به وزير النفط السعودي في كل مره، ومنذ تولي الأمير عبد العزيز بن سلمان وزارة النفط أصبح للتصريحات الوزارية النفطية طابع أكثر عمق يميل إلى التركيز على أساسيات السوق العرض والطلب وأيضا حركة السوق من حيث التداول والمضاربات وتأثير تداول عقود النفط في سعر النفط ذاته وبعبارات مباشرة وصريحه.
اقترب إنتاج السعودية النفطي في العام 2024 يوميا ما يقارب 9 ملايين برميل ويقترب معدل التصدير النفطي للسعودية من 6 ملايين برميل نفط يوميا. ينتظر العالم الاقتصادي اليوم وأسواق النفط كذلك قرار الصادر من أوبك+ في ظل تراجع أسعار النفط والتوجه نحو إنهاء فترة الخفض الطوعي للإنتاج الذي قدمته المنظمة بتمديد انتهى في مارس الماضي وسنجد أسعار النفط تتحرك الاثنين المقبل وفقا لقرار أوبك+ في اجتماعها الأخير وكيف سينعكس ذلك على الفائض من المعروض النفطي يوميا في العالم وهل سيقود ذلك إلى زيادة حدة التنافسية في الوصول إلى أسواق أكثر وتخفيضات فورية أكبر.
وسط هذا الترقب للقرارات من أوبك وأوبك+ ينظر العالم الاقتصادي والاعلامي إلى السعودية وسط خططها الاقتصادية الشمولية التي تعتزم تنويع قاعدتها الاقتصادية وتخفيض تأثير تقلبات أسعار النفط منذ أن أطلق ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان خطة السعودية "رؤية 2030" ازداد التركيز والمتابعة لخطوات السعودية الكبرى نحو التنوع الاقتصادي, وبكل تأكيد يزداد التركيز عليها في ظل الظروف المتقلبة للتحديات التي تتعامل معها السعودية ذلك بالرغم من التقدم الواسع الذي تحرزه خطط الرؤية, إلا أن التقلبات تثير شهية المتابعين بشكل أكبر نحو البلاد، وفي الأفق ننتظر إتمام تنفيذ عديد من المشاريع الضخمة واستضافة أحداث عالمية كبرى.
حظيت فايننشال تايمز بمقابلة مع وزير المالية محمد الجدعان وهي لقطة مهمة لها وسط تقلبات أسعار النفط الحالية والتحديات المستقبلة المتوقعة, التقطت العناوين الصحفية ما يلفت الانتباه وذلك طبيعي, إلا أن حديث معالي الجدعان اتسم بالواقعية نحو التحديات والإصرار على إتمام ما قد بدأته السعودية في خطتها لتنويع القاعدة الاقتصادية, الظروف الحالية تتفق مع المنطقية في حديث الوزير فيما يخص العزم على استمرار الإنفاق الحكومي ومراجعة أولويات الإنفاق دون المساس بالجوهر العام للتوجه فهي فرصة لإعادة ترتيب الخطط وليست مساحة للتراجع عنها.
لم يكن يتوقع من وزير المالية السعودي أن يتعامل مع المتغيرات الحالية وكأن شيئا لم يكن، بل كانت الرسالة الواضحة هي الاستمرار في رعاية الإنفاق للمحافظة على النمو الاقتصادي المحلي بمنهجية تضمن استدامة النمو وقوة الموقف المالي والاقتصادي على وجه. في نهاية المطاف تبقى العناوين الإعلامية العريضة باب يشد الانتباه إلى المحتوى.