مع تراجع النمو .. هل أسهم الشركات التي توزّع أرباحا خيار آمن للمستثمرين؟
لا تتباطأ وتيرة التضخم في الولايات المتحدة فحسب، بل يرافقها تراجع في النمو، ما يدفع المستثمرين إلى توجيه أنظارهم نحو الشركات التي توزّع أرباحًا منتظمة وتنميها.
وفقا لـ "بارونز"، يبدو أن أسوأ موجة تضخم شهدها الاقتصاد الأمريكي منذ جيل باتت تحت السيطرة، لكن النمو يؤرق المستثمرين. أفاد مكتب التحليل الاقتصادي الخميس بانكماش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول بمعدل سنوي 0.2% - ليس بسوء القراءة الأولية البالغة 0.3%، لكنه لا يزال سلبيًا.
يشير تقرير صادر يوم الخميس عن محللي شركة الأبحاث "نيد ديفيس ريسيرتش"، إد كلسولد وثان نجوين، إلى أن مزيج النمو البطيء والتضخم المستقر يفضل أسهم الشركات التي توزّع أرباحًا، خصوصًا تلك التي تواصل رفع توزيعاتها.
أجرى تقرير "نيد ديفيس ريسيرتش" دراسة عوائد أسهم مؤشر ستاندرد آند بورز 500 خلال 9 أنظمة اقتصادية مختلفة تعود إلى 1973. كانت بيئة النمو الضعيف والتضخم المستقر نادرة نسبيًا، لم تحدث سوى 6% تقريبا من الفترة، مقارنةً بظروف أكثر شيوعًا مثل نمو قوي، أو نمو مستقر مع تضخم مستقر.
خلال فترات النمو البطيء والتضخم المستقر، حققت الشركات التي تزيد توزيعاتها عوائد سنوية متوسطة بلغت 6.2%، فيما حققت الشركات التي توزع أرباحًا دون زيادتها 4.4%. في المقابل، سجلت الشركات التي اكتفت بتوزيع أرباح ثابتة خسائر سنوية بلغت 1.7%، بينما تكبدت الشركات التي لا توزع أرباحها خسائر تجاوزت 10% في المتوسط.
مع أن تقرير "نيد ديفيس ريسيرتش" لا يتطرق إلى الأسباب، إلا أن تفسيرها ليس معقدًا. فالشركات التي توزع أرباحًا وتزيدها بانتظام من الشركات الرائدة عادة، ذات نماذج أعمال راسخة وتدفقات نقدية قوية، أي نوع الشركات التي تصمد في اقتصاد متقلب.
لحسن الحظ، حافظت توزيعات أرباح شركات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 على وتيرة قوية رغم التحديات. فعلى مدار الـ12 شهرًا الماضية المنتهية في أبريل، بلغ إجمالي التوزيعات 76.54 دولار للسهم، ارتفاعًا من 71.03 دولار في الفترة نفسها من العام السابق، بحسب بيانات "ستاندرد آند بورز جلوبال".
كتب هوارد سيلفربلات، المحلل في ستاندرد آند بورز جلوبال، في مذكرة صدرت أول الشهر: "استمر نمو توزيعات الأرباح، لكنه أبطأ مما كان مأمولاً، مع أنه يتماشى مع التوقعات في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي". وأضاف: "في هذه المرحلة، لا يبدو أن حالة عدم اليقين قد أوقفت زيادة التوزيعات، لكنها حدّت من حجمها، حيث بدت مستويات الالتزامات المستقبلية متواضعة".
تشكل توزيعات أرباح أسهم القطاع المالي النسبة الأكبر من إجمالي توزيعات أرباح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 15.8%، تليها التكنولوجيا 15.4%، والرعاية الصحية 14.2%، والسلع الاستهلاكية الأساسية 10.8%.
بالطبع، يمكن للمستثمرين الذين لا يفضلون شراء أسهم فردية أن يتوجهوا إلى صناديق الاستثمار المشتركة وصناديق المؤشرات المتداولة التي تركز على أسهم بتوزيعات.
وقد قدّم تقرير نيد ديفيس تحذيرًا واحدًا بشأن تحليله للسوق، حيث ذكر أنه إذا تجنب الاقتصاد الركود، فقد يرتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، مع بقاء التضخم مستقرًا. قد يُضعف ذلك ميزة الشركات التي تزيد توزيعات أرباحها على تحقيق عوائد أفضل مقارنةً بغيرها.
كتب كلِسولد ونجوين: "مثل هذا النظام الاقتصادي سيظل يفضل الشركات التي توزّع أرباحًا على تلك التي لا توزّع، والتي تزيد توزيعاتها على تلك التي تخفضها، لكن بفروقات أقل."