أوروبا تستعيد الثقة في زمن الفوضى.. هل حانت اللحظة العالمية لليورو؟
في ظل فوضى عالمية تتصاعد بفعل الحروب والتوترات التجارية، يلوح في الأفق ما وصفته رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد بـ"اللحظة العالمية لليورو" – فرصة نادرة للعملة الأوروبية لتفرض نفسها كملاذ آمن في نظام مالي يتزعزع.
بينما تتراجع الثقة بالدولار الأمريكي، مدفوعة بسلسلة من السياسات المتقلبة التي يتبناها ترمب، بدأ المستثمرون حول العالم بتحويل وجهتهم نحو اليورو والأسواق الأوروبية، وفقا لمجلة فورتشن.
قد عكست نتائج استطلاع "يوروبارومتر"، الذي شمل أكثر من 26 ألف مشارك بين 26 مارس و22 أبريل، تزايد الثقة في الاتحاد الأوروبي مقارنة بالحكومات الوطنية، في مؤشر واضح على تصاعد مكانة أوروبا كقوة اقتصادية موثوقة.
جاء هذا التحول بعد أن فرضت واشنطن تعريفات جمركية جديدة، هزت الأسواق العالمية ودقت ناقوس الخطر في صفوف المستثمرين.
ارتفع اليورو إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات مقابل الدولار الأمريكي بعد أيام من إعلان الرئيس دونالد ترامب عن الدفعة الأولى من الرسوم الجمركية.
أكدت لاجارد في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع في برلين: "إن التغييرات الجارية تُمهّد الطريق لـ"لحظة يورو عالمية". وأضافت أنه لكي تتمكن العملة من الاستفادة من الوضع الراهن، يجب على أوروبا البناء على قاعدتها الجيوسياسية والاقتصادية والقانونية. "بصفتها لاعبا رئيسا في التجارة العالمية، تمتلك أوروبا بالفعل أحد المكونات الأساسية لأساس جيوسياسي قوي، مما يخلق إمكانية لحدوث دائرة فاضلة من تدويل اليورو."
الاقتصاد الأوروبي يستفيد أيضا من زيادات في الإنفاق المالي، خصوصًا في ألمانيا التي أطلقت إصلاحات جديدة وزادت من الإنفاق الدفاعي، ما عزز الثقة في مستقبل النمو الأوروبي. كما أن هذه الدفعة الاقتصادية ساهمت في أداء قوي للأصول الأوروبية، على عكس الاتجاه العام في الأسواق العالمية.
المفارقة أن الجنيه الإسترليني هو الآخر شهد ارتفاعًا وسط تقلبات الدولار، وهو ما يشير إلى تحول أوسع نحو عملات أخرى أكثر استقرارًا.
أشار البنك الاستثماري جولدمان ساكس إلى أن الدولار بات "مبالغًا في قيمته" وفق أغلب المؤشرات.
لكن التحديات لا تزال ماثلة. فالتهديدات الأمريكية بفرض رسوم 50% على صادرات الاتحاد الأوروبي لا تزال قائمة، رغم تعليقها مؤقتًا بعد اتصال "ودي" بين ترمب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين..
صرح هيروفومي سوزوكي، كبير خبراء استراتيجيات الصرف الأجنبي في SMBC، لوكالة رويترز: "هناك رد فعل أولي يتمثل في ارتفاع الدولار وضعف الين. ومع ذلك، وبالنظر إلى الإجراءات القضائية مثل الاستئناف، لا أتوقع ارتفاعًا مستمرًا في قيمة الدولار".
وهذا يمنح أوروبا المزيد من الفرص للاستفادة من هذه اللحظة، وربما، مع مرور الوقت، اغتنام "لحظة اليورو العالمية" التي أشارت إليها لاجارد.