مع اكتتاب "ناس".."الاقتصادية" تستعرض واقع الطيران الاقتصادي ونموه المستقبلي

مع اكتتاب "ناس".."الاقتصادية" تستعرض واقع الطيران الاقتصادي ونموه المستقبلي

نجحت شركات الطيران منخفض التكلفة في إحداث تغيير جوهري في القطاع العالمي عبر توفير تذاكر بأسعار مشجعة تسهل السفر الجوي ما زاد من توسعه بأكثر من ضعفين على مدى 20 عاما. شهد نموا من 13% في 2005 إلى 32% قبل عامين.

القطاع التجاري شهد تحولات كبرى مع ظهور ذلك النوع من الطيران الذي أثر في النموذج التقليدي ذات الخدمات الكاملة التي كان يهيمن على القطاع، حيث تتصدر الشركات التي توفر سفرا منخفض التكلفة بمعدل نمو سنوي مركب 8.5% على مدى العشرين عاما الماضية (مقارنةً بـ2.3% للشركات ذات الخدمات الكاملة).


في السعودية، تفوق ذلك النموذج على متوسط دول مجلس التعاون الخليجي البالغ 31% بينما يقل عن نسبة الكويت التي يبلغ متوسطها 43%، تحقق نسبة انتشار تتجاوز 65% من سوق السفر الجوي، بينما تتأخر شركات أخرى في السعودية عن الأسواق الناضجة مثل إسبانيا وإيطاليا.

وشهدت السعودية نموا قويا في سوق الطيران منخفض التكلفة مقارنة بذات الخدمات الكاملة، رغم انخفاض حاد في عدد الركاب الكلي خلال الجائحة، إذ تمتلك الشركات الآن حصة سوقية تبلغ 39%، بزيادة 20% في 10 أعوام، وفقا لنشرة إصدار "طيران ناس".

ناس ومنافسو منطقة الخليج

بدأت اليوم شركة الطيران الاقتصادي السعودية "ناس" طرح 10.25 مليون سهم للأفراد تمثل 20% من إجمالي أسهم الطرح، في وقت جاء نمو إيراداتها الأفضل بين الشركات الـ4 العاملة بالقطاع نفسه في منطقة الخليج، لينمو 19% إلى ملياري دولار، فيما الأقل "الجزيرة" بـ5%.

من ناحية الأرباح، جاء نمو طيران ناس ثالثا بين المنافسين بـ8% خلال 2024 إلى 116 مليون دولار، فيما تصدرت "الجزيرة" نمو الأرباح بـ66% ثم فلاي دبي 19%، بينما جاءت العربية الأسوء أداء بتراجع أرباحها 5%، وفقا لوحدة التحليل المالي في "الاقتصادية".

ويتوافق مكرر الربح التشغيلي لـ "ناس" مع شركتي الجزيرة والعربية المدرجتيين في أسواق المنطقة البالغ 18 و11 مرة على التوالي، حيث جاء هامش الربح لطيران ناس ثالثا بـ6% والجزيرة الأقل، فيما تجاوز الهامش لدى شركتي العربية للطيران وفلاي دبي 20%.

بينما تفوقت "ناس" في هامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء وتكاليف الإيجار (EBITDAR) الشركات المثيلة النشاط نفسه بنسبة 32%، مقارنة بـ31% لـ"العربية"، و19% لـ"الجزيرة".

أعداد المسافرين للشركات الأربع ارتفعت 16% إلى 53.8 مليون مسافر، وسجلت "ناس" أعلى نمو بـ31% عند 14.7 مليون مسافر، و"الجيرة" أقل نمو بـ4%. وتصدرت "العربية" أكبر عدد للمسافرين بـ18.8 مليون مسافر تمثل 35% من الإجمالي.

واقع الطيران في السعودية

سوق الطيران السعودية هي السوق الرائدة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي وثاني أكبر سوق دولي بعد الإمارات، إذ أسهمت التطورات الإستراتيجية للمطارات من 1950 إلى 1990 وإنشاء الهيئة العامة للطيران المدني (GACA) في تعزيز المنظومة في السعودية

يشار إلى أنه في 2007، أصبحت شركة "ناس" أو NasAir كما كانت تسمى سابقًا، أول شركة طيران وطنية منخفضة التكلفة في السعودية، وقد حفزت التوسعات المستمرة في المطارات وجهود تحرير القطاع منذ عام 2012 المنافسة والاهتمام الإقليمي.

بدورها تأسست شركة الخطوط الجوية السعودية في سبتمبر 1945، وبدأت تشغيل رحلاتها الجوية في السعودية، وتطورت لتصبح شركة طيران رئيسية في الشرق الأوسط، وفي المقابل دشنت شركة أديل في 2016 للمنافسة في القطاع منخفض التكلفة.

وفي 2023، أطلق صندوق الاستثمارات العامة (PIF) طيران الرياض، ثاني شركة وطنية في القطاع بالسعودية.

تواجه شركات الطيران الداخلية منافسة من نظيرتها الدولية على الرحلات الخارجية، نظرا لكون السعودية سوقا مفتوحة وتتسم بالحرية، حيث تحتل كل من الخطوط الجوية القطرية والإماراتية والخطوط التركية والباكستانية والمصرية وغيرها المراكز العليا في قائمة المسارات الدولية من السعودية وإليها.

وفي الوقت الحالي، تعمل الشركات والشركات القابضة والمشغلة في المطارات معًا في منظومة تشرف عليها الهيئة العامة للطيران المدني، الذي يتمثل دورها في وضع معايير عالية من السلامة والأمن والحفاظ عليها، والمساعدة في جعل القطاع أكثر جاذبية للمستثمرين، ومراقبة جودة الخدمات وتعزيزها.

انتشار قوي للرحلات الداخلية

تتمتع السعودية بانتشار قوي للرحلات المحلية (الداخلية) إضافة لفرص النمو في كل من الأسواق المحلية والدولية مدفوعة بالسياحة يحتل معدل انتشار الرحلات الجوية الداخلية في السعودية المرتبة السابعة من بين أكبر 20 سوقًا محليًة في 2023.

ويُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى عدد السكان الكبير (32.2 مليون) الذين يعيشون في مساحة كبيرة مترامية الأطراف (2.15 مليون كيلومتر مربع).

يوجد في السعودية شبكة من المطارات التي تغطي المدن الرئيسية والوجهات السياحية، بما في ذلك 29 مطارًا تجاريًا: 12 مطارًا دوليًا و3 مطارات إقليمية و14 مطارًا محليًا. بالمقارنة، فإن قدرات السكك الحديدية الوطنية والحافلات بين المدن محدودة في السعودية.

تحتل السعودية حاليا المرتبة 11 من بين أكبر 20 سوقًا للسفر الجوي الدولي. ولا تزال السعودية تمتلك فرصة للنمو نظرًا لاعتماد السفر الدولي من وإلى الدول المصنفة أعلى من السعودية بشكل أساسي على السياحة، حيث تُصنف بعض المدن كمراكز عبور عالمية (مثل الدوحة، دبي وسنغافورة).

من خلال رؤية 2030 تستثمر السعودية بصورة نشطة في المشاريع السياحية التي بدورها ستحقق زيادة في معدل الفرد في الإقبال على السفر الدولي.

أهداف طموحة
تهدف الإستراتيجية السعودية للقطاع إلى تعزيز السوق المحلية لتحقق المركز الأول في الشرق الأوسط ويحقق الهدف المتمثل في الوصول إلى 330 مليون مسافر بحلول عام 2030 بما في ذلك 30 مليون مسافر ممن يعبرون السعودية خلال رحلاتهم.

إضافة إلى ذلك تستهدف الإستراتيجية إلى تحقيق السعودية لـ4.5 مليون طن من الشحن الجوي بحلول عام 2030، وسيتم تحقيق هذه الزيادة التي تعادل 5 أضعاف المستوى الحالي لعام 2023 (0.9 مليون طن) من خلال زيادة سعة المستودعات وإنشاء مناطق حرة وإنشاء مناطق اقتصادية لجذب مقدمي الخدمات اللوجستية العالميين. وتم تطوير عديد من المبادرات بما يتعلق بالبنية التحتية واللوائح لتسهيل وتحقيق هذه المستهدفات.

حصة منخفض التكلفة
تشير التوقعات المتمثلة في الوصول إلى 330 مليون مسافر عن طريق المطارات إلى تحقيق 226 مليون مسافر داخلي ودولي ونحو 30 مليون مسافر دولي للعبور، ما يشمل فقط المسافرين المغادرين الذين يسافرون إلى السعودية أو من داخلها.

وتسهم توقعات أعداد المسافرين عبر المطارات في تقييم الموارد والبنية التحتية للمطارات، بينما تعمل توقعات عدد المسافرين للشركات كأساس لإسهام الشركات الفردية في حركة الركاب.

حسب توقعات الإستراتيجية السعودية، فمن المتوقع أن تتجاوز شركات الطيران منخفضة التكلفة 100 مليون مسافر بحلول 2030 ممتلكة حصة سوقية تراوح بين 60% و70% على المسارات الداخلية، ونحو 45% من إجمالي حركة الركاب في السعودية بحلول عام 2030.

نموذج هجين
هيمنت شركات الطيران ذات الخدمات الكاملة سابقا على القطاع في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي مثل طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية والخطوط الجوية السعودية، حيث بدأت جميعها عملياتها في القرن العشرين.

وقد تغير هذا المشهد في 2003 مع إطلاق العربية للطيران وهي أول شركة طيران منخفض التكلفة في المنطقة ومنذ ذلك الحين اكتسب النموذج منخفض التكلفة زخمًا مع دخول طيران ناس وطيران الجزيرة وغيرها من الشركات.

ويشير هذا التنويع إلى التوجه نحو تعزيز نطاق الوصول والأسعار التنافسية، ما يزيد من خيارات السفر في المنطقة.

ربحية متقاربة لشركات المنطقة
رغم نماذج الأعمال المتنوعة، فإن شركات الطيران الخليجية منخفض التكلفة المدرجة في المقارنة المعيارية لديها هوامش متقاربة للربح قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء وتكاليف الإيجار (EBITDAR).

يبلغ المتوسط 29%، مع حصول طيران دبي وطيران ناس والعربية للطيران على هامش للأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء وتكاليف الإيجار (EBITDAR) بنسبة 33% و32% و21% على الترتيب، وحصول طيران الجزيرة على أقل نسبة إذ تبلغ نسبتها 19%.

توسيع الوجهات
تألف أساطيل الشركات منخفض التكلفة المشمولة في المقارنة المعيارية عادة من طائرات إيرباص A320. في المقابل، باستثناء فلاي دبي التي تستخدم طائرات بوينج 737 بصورة حصرية وتمتلك أكبر أسطول مكون من 88 طائرة.

ونظر إلى متوسط عمر الأسطول، فإن شركة ناس تمتلك أحدث أسطول من ناحية متوسط العمر (2 و3 أعوام) ضمن مجموعة شركات التي تسير رحلات منخفضة التكلفة المدرجة في المقارنة.

وتماشيا مع نمو قطاع الطيران في جميع أنحاء العالم وتحديدًا في دول مجلس التعاون الخليجي، تسعى جميع شركات الطيران منخفض التكلفة إلى وضع خطط طموحة لتوسيع أساطيلها وتطمح إلى مضاعفتها بحلول عام 2031.

وانطلاقًا من الهدف الطموح للسعودية المتمثل في زيادة عدد المسافرين في 2030، فإن طيران ناس تتفوق لأن لديها طلب شراء لعدد 120 طائرة مؤكدة (تم استلام 53 طائرة وسيتم تسليم 67 طائرة أخرى)، إضافة إلى مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع إيرباص في يوليو للحصول على 90 طائرة إضافية أكثر من 70 طائرة اختيارية.

وتعمل الشركات على زيادة عدد الطائرات المستخدمة في المسارات متوسطة إلى الطويلة المدى في أسطولها (حتى 6 آلاف كيلومتر) ما يشير إلى توجه إستراتيجي إلى سوق الرحلات متوسطة المدى، وتميل أيضًا مثيلاتها الدولية إلى اتباع نماذج أعمال مختلفة

نموذج العمل يؤثر في الأداء المالي
تشهد هوامش الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء وتكاليف الإيجار EBITDAR اختلافات كبيرة بين الشركات الطيران منخفض التكلفة، إذ يبلغ المتوسط بين الشركات المدرجة في المقارنة المعيارية 22%، مع تحقيق طيران ناس للهامش الأكبر بـ32%، وفي المقابل، تسجل سبايس جيت أدنى هامش بنسبة 3%.

تشابه الإقليمية والدولية
على غرار الشركات الخليجية، تتكون أساطيل شركات الطيران منخفض التكلفة من خارج هذه الدول بشكل أساسي من طائرات من إيرباص A320 وA321، باستثناء سبايس جيت التي تتكون معظمها من طائرات بوينج 737، إضافة إلى أسطول طائرات A320 الكبير التي تمتلكه شركة إنديجو، فإنها تشغل أيضًا طائرات ATR .

وفيما يتعلق بمتوسط عمر الأسطول، تمتلك شركة طيران ناس أحدث أسطول من بين شركات الطيران غير الخليجية. وتسعى شركات الطيران منخفض التكلفة غير الخليجية إلى توسيع أساطيلها، مع زيادة كبيرة متوقعة مدفوعة بالنمو المتوقع في السوق.

يذكر أن شركات الطيران منخفضة التكلفة تركز على الطائرات ذات المدى المتوسط والطويل، ما يشير إلى انتقال إستراتيجي نحو الرحلات المتوسطة والطويلة وتخطط شركة إنديجو وويز أير لتوسيع أساطيلها بزيادة 977 و311 طائرة على التوالي.

وحدة التحليل المالي

الأكثر قراءة