صحة المرأة .. لا يجب أن تكون أولوية بحثية
المعلومات التي تُشكل الطب الحديث والعلاجات، تعتمد في معظمها على التركيب البيولوجي الذكوري، مع أن النساء اللواتي يتلقين رعاية سريرية أكثر من الرجال عالميًا.
وهنا المفارقة: تستفيد النساء من خدمات الرعاية الصحية أكثر، لكن تظل احتياجاتهن الصحية الخاصة غير مدروسة وغير مُلباة.
وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، تعيش النساء أطول 5 سنوات من الرجال في المتوسط، لكنهن يقضين نسبة تزيد بـ25% من حياتهن بصحة سيئة أو إعاقة مقارنةً بالرجال.
هذه الفجوة المستمرة في أبحاث صحة المرأة تقوض القدرة العالمية على مواجهة التحديات الصحية. وسد هذه الفجوة قد يمنح كل امرأة 7 أيام صحية إضافية سنويا، ويسهم بتريليون دولار أمريكي تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي العالمي سنويًا بحلول 2040.
أصدر التحالف العالمي لصحة المرأة، بالشراكة مع شركة كيرني ومؤسسة جيتس، ورقةً بيضاء تدعو إلى إصلاحاتٍ في السياسات لتعزيز الابتكار والشمولية في مجال صحة المرأة، مؤكدةً على الحاجة إلى أبحاثٍ سريريةٍ تمثل المرأة.
فعلى الرغم من الاختلافات البيولوجية بين الرجال والنساء - الأعضاء والهرمونات والجينات - لا تزال الأبحاث الخاصة بها غير كافية.
يُركز 7% فقط من أبحاث الرعاية الصحية على حالاتٍ خاصةٍ بالنساء. ورغم ارتفاع مشاركة النساء في التجارب السريرية على مدى الثلاثين عامًا الماضية، إلا أن الفجواتٍ لا تزال موجودة.
تواجه الحوامل والمرضعات مخاطر أكبر - حيثُ خضع 5% فقط من الأدوية لاختباراتٍ وتصنيفاتٍ للاستخدام الآمن أثناء الحمل والرضاعة. ونتيجة لذلك، تواجه المصابات بأمراض مزمنة خيارا صعبا بين التوقف عن العلاج أو أخذأدوية ذات مخاطر غير معروفة.
البيانات الدقيقة والأبحاث السريرية التي تمثل فئة ما ضرورية لاتخاذ قرارات الرعاية الصحية. ومع ذلك، البيانات المصنفة حسب الجنس غائبة في أغلب التجارب المنشورة. فمثلا، 7% فقط من تجارب الصداع النصفي و17% من تجارب أمراض القلب الإقفارية تُبلغ عن نتائج لكل جنس. هذه الفجوة تعيق تطوير علاجات فعالة مصممة لتجارب النساء مع المرض.
تؤثر الفجوة بين الجنسين في أبحاث الصحة على التشخيص والعلاج والنتائج الصحية العامة للنساء عالميًا. حالات مثل بطانة الرحم، وانقطاع الطمث، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والخرف لا تخضع لأبحاث كافية، على الرغم من تأثيرها الكبير في صحة المرأة.
يسفر عن هذا النقص في الأبحاث ضعفا في الفهم وعلاجا غير مضمون النتائج.
ففي عام 2000، 52% من الأعراض الجانبية المسجلة في الولايات المتحدة أبلغت عنها نساء. واحتمالية سحب الأدوية من السوق بسبب مخاطر على النساء أعلى 3 مرات ونصف. وهذا يُبرز الحاجة المُلحة لإعطاء صحة المرأة الأولوية في البحث العلمي.
ويوصي التقرير، المعنون "وصفة للتغيير: توصيات لسياسات أبحاث صحة المرأة"، بخمسة محاور إستراتيجية لسد الفجوة البحثية:
إطلاق العنان للابتكار
يمكن لتسريع عملية مراجعة الأدوية الجديدة وترخيصها، إلى جانب الحوافز المالية، والشراكات بين القطاعين العام والخاص أن تُعزز الاستثمار والابتكار في صحة المرأة.
توسيع نطاق مشاركة المرأة في التجارب السريرية
يجب إعطاء الأولوية لتمثيل المرأة كما يجب في التجارب السريرية، ولا سيما في مجالات مثل أمراض القلب والأورام. وتقترح الورقة أيضًا إطارًا لصحة الأمومة يشرك حيثما أمكن، الحوامل والمرضعات، مع تقديم حوافز للجهات المهتمة.
تحسين تفصيل بيانات التجارب السريرية
إن جمع البيانات وتحليلها وإجراء تقييمات منفصلة للمنافع والمخاطر حسب الجنس ضروري لفهم التأثيرات في كل جنس. كما أن تمكين تبادل البيانات عالميًا سيساعد على التوصل إلى معلومات قيمة من مجموعات البيانات الصغيرة أو المحدودة.
تصميم التجارب السريرية مع مراعاة المرأة
تثقيف أصحاب المصلحة ومنح فرص للمشاركة في التجارب السريرية وتصميم التجارب بما يعكس الاختلافات البيولوجية بين الجنسين في العلاج والمرض، يضمن توسعا في أبحاث صحة المرأة.
تعميق الفهم للاختلافات بين الجنسين
يجب أن تتضمن ملصقات الأدوية، والإرشادات السريرية، ونشرات المرضى بيانات محددة حسب الجنس بوضوح. كما ينبغي اعتماد إرشادات المساواة بين الجنسين لضمان الشفافية في إعداد التقارير البحثية.
التغيير ممكن. من خلال اعتماد هذه الركائز الخمس، يُمكننا إعداد أبحاث سريرية تعكس الاختلافات الفسيولوجية بين الرجال والنساء لنتائج تخدم صحة الجميع.
ففي العقدين الماضيين، شهدنا نجاحًا في مجالات مثل الأمراض النادرة وطب الأطفال، حيث أدت التدخلات والحوافز إلى تحسين النتائج.
حان الوقت لتحقيق هذا الطموح في مجال صحة المرأة. يجب على الحكومات، والجهات الممولة، وممولي الأبحاث، والباحثين، والجهات التنظيمية، وقادة الرعاية الصحية، أن يتحدوا لسد الفجوة في أبحاث صحة المرأة.