من مقهى صغير في الأحساء إلى شركة مسجلة في 20 دولة .. فما قصة "ريشيو"؟
في 2018، لم يكن يتجاوز مقهى "ريشيو" مساحته الـ80 مترا مربعا، ولا رأسماله حاجز الـ500 ألف ريال لتنطلق العلامة من مدينة الأحساء، بقيادة مهندس معماري وجد ضالته في ريادة الأعمال.
تحدث محمد الملحم الذي يشغل اليوم منصب نائب الرئيس التنفيذي للإعلام والاتصال، خلال جلسة حوارية في أسبوع التمويل المقام في الرياض عن بدايات ريشيو، حيث لم يكن حينها متفرغا بالكامل لريادة الأعمال، إذ كان يعمل ضمن شركة سعودية كبرى، بينما كان شريكاه يعملان مهندسَين في المنطقة الشرقية.
في تلك الفترة كان سوق القهوة المختصة في السعودية لا يزال في بداياته، لكن ريشيو وضعت خطة توسع واضحة، مدعومة بحوكمة مبكرة، أسهمت في رسم ملامح نمو مستقبلي مدروس.
بالتزامن مع انطلاقته حينها، انطلقت مبادرات حكومية عدة لدعم المنشآت الصغيرة، وبرامج الامتياز التجاري التي ساعدت ريشيو ليتوسع في توقيتا مثاليا لانطلاق العلامة.
ينبع أولى محطات التوسع
إستراتيجية ريشيو لم تكن تستهدف المدن الكبرى في البداية، بل ركزت على مدن متوسطة ذات منافسة أقل، لكنها ذات فرص واعدة، وكانت ينبع من أوائل المدن المستهدفة، حيث افتتحت فيها 5 فروع قبل جائحة كورونا، ورغم الجائحة كان فرع ينبع من أكثر الفروع ازدحاما بفضل موقعه الإستراتيجي وجودة الخدمة.
استمر التوسع إلى مدن مثل: جيزان، حفر الباطن، والرياض، حيث خاضت الشركة سوقا مزدحمة ومليئة بالتقلبات في العلامات التجارية.
لكن، بحسب الملحم، فإن كل خطوة كانت مدروسة، مع تحليل دائم لحالة السوق تسعير المنتجات واحتياجات العملاء.
من الامتيازات إلى إدراج
الانتقال إلى مرحلة التوسع الأكبر، تطلب رؤية مختلفة وإجراءات أكثر صرامة، منها الحوكمة، إعداد القوائم المالية، واستقطاب مستثمرين إستراتيجيين ورغم تردد المؤسسين في البداية فإن عرضا من شركة "دراية المالية" للاستحواذ على حصة أقلية غيّر مسار الأمور.
كانت خطوة فارقة، إذ يقول الملحم "شركة بحجم دراية أضافت لنا كثيرا مهنيا وشخصيا، وأسهمت في تسريع جاهزيتنا للطرح".
من فريق لا يتجاوز 6 موظفين، باتت ريشيو اليوم تضم أكثر من 150 موظفا إداريا، ونحو ألف موظف يعملون تحت مظلتها في الفروع المختلفة داخل وخارج المملكة.
التوسع الجغرافي والهوية المحلية
ريشيو اليوم حاضرة في أكثر من 35 مدينة سعودية، من نيوم وتبوك شمالا، إلى صامطة جنوبا، ومن ينبع غربا إلى مدن المنطقة الشرقية وتطمح الشركة في أن يعكس كل فرع طابع المدينة،التي يقع فيها من خلال الاستعانة بشيف من أبناء المنطقة يقدم مأكولات محلية ضمن هوية الفرع.
بداية جديدة ما بعد الإدراج
خطوة الإدراج، كما يصفها الملحم، لم تكن نهاية المسيرة، بل بدايتها من جديد، موضحا أن "ريشيو" اليوم ليست علامة سعودية فقط، بل هي علامة مسجلة في 20 دولة حول العالم، وكان لا بد من مواكبة هذا التوسع برؤية استثمارية مستدامة.
ويبلغ رأسمال الشركة حاليا 20 مليون ريال، فيما تصل قيمتها السوقية إلى 192 مليون ريال بحسب إغلاق أمس.
يوضح الملحم الذي تحول من مهندس معماري إلى أحد رواد الأعمال الذين آمنوا أن الابتكار ليس حكرا على التصميم، بل ممكن أيضا في فنجان قهوة.