إصلاحات دعم الطاقة ومعاشات التقاعد

تعاني بلدان كثيرة من تدني النمو الاقتصادي وارتفاع الدين، وستحتاج إلى تدابير مالية جريئة لاستعادة مواردها العامة. وتمثل إعانات دعم الطاقة ونظم معاشات التقاعد مجالين أساسيين لتحقيق وفورات محتملة، ولكن إصلاحهما قد لا يحظى باستحسان عام.
ويتطلب نجاح هذه الإصلاحات تأييدا شعبيا، ويمكن للحكومات توظيف إستراتيجيات مختلفة لكسب مزيد من التأييد. فقد استحدثنا طريقة جديدة لقياس المعنويات العامة عبر تحليل ما يزيد على مليوني مقال يرصد إصلاحات دعم الطاقة في 170 بلدا منذ 1990 وإصلاحات معاشات التقاعد في 134 اقتصادا منذ 1960.
وتقوم الإصلاحات الفعالة على تصميم التغيير بدقة وتنفيذه في الوقت المناسب لكسب مزيد من التأييد الشعبي. فالتغيير التدريجي خلال أوقات الرخاء الاقتصادي يحظى عادة بمزيد من الاستحسان. وبالمثل، فإن السياسات التي تركز على إعادة توزيع الموارد على الفئات الأكثر تضررا، وبناء الثقة في المؤسسات، والتواصل الفعال من شأنها أن تحد من المقاومة الشعبية للإصلاحات. ويمكن استخدام الوفورات المالية المحققة من هذه الإصلاحات في دعم البرامج الاجتماعية ومشروعات البنية التحتية ذات الشعبية الكبيرة التي يمكن للمواطنين رؤيتها واستشعار أهميتها.
التأثير في المالية العامة
تمثل إصلاحات دعم الطاقة والإنفاق على المعاشات التقاعدية ضرورة قصوى لتعزيز الموارد العامة وتشجيع النمو الشامل، وتنشأ عنها عوائد هائلة.
ففي المتوسط، تنفق البلدان الصاعدة والبلدان منخفضة الدخل 1.5% من إجمالي ناتجها المحلي على دعم الطاقة، أي ما يتجاوز ما تخصصه للإنفاق الاجتماعي على الفقراء. وعلاوة على ذلك، فإن دعم الوقود يعود بالنفع الأكبر على المجموعات الأعلى دخلا، نظرا لأنها أكثر استهلاكا للوقود. ومن خلال تخفيض هذا الدعم، يمكن للبلدان تحرير هذه الأموال وتوظيفها في أغراض أخرى، والقضاء على التشوهات السعرية، والتشجيع على زيادة كفاءة استخدام الطاقة، وتعزيز النمو الشامل على المدى الطويل.
ويشكل الإنفاق على المعاشات التقاعدية 8% من إجمالي الناتج المحلي في الاقتصادات المتقدمة و4% في الأسواق الصاعدة، ويُتوقع أن يشهد زيادة حادة مع تقدم السكان في العمر. ويمكن أن يساعد إصلاح المعاشات التقاعدية على ضمان استدامة نظم التقاعد، ودعم التوظيف، ولا سيما لمصلحة الشباب.
أهمية المعنويات
غالبا ما تنطوي التغيرات الكبيرة في دعم الطاقة ونظم المعاشات التقاعدية على عدة تحديات. فدائما ما تكون زيادات أسعار الوقود مدعاة للسخط الشعبي، كما يمكن أن يثير التغيير في نظم الضمان الاجتماعي مخاوف بشأن زيادة الاشتراكات أو الاضطرار للعمل لسنوات أطول قبل التقاعد.

السبيل إلى زيادة التأييد

تتنوع الإستراتيجيات التي يمكن لصناع السياسات استخدامها لكسب التأييد اللازم لتنفيذ الإصلاحات. فالتدرج في تنفيذ الإصلاحات، حيثما أمكن، يتيح للأفراد والشركات الوقت اللازم للتكيف، ما يمكن أن يسهم في زيادة التأييد الشعبي.
ومن شأن التعويض العاجل للمتضررين من الإصلاحات أن يساعد على بناء التأييد اللازم والحد من المخاوف. فقد نجحت أستراليا في رفع سن استحقاق المعاشات التقاعدية، بالتوازي مع إجراء زيادة كبيرة في المزايا الممنوحة لكبار السن، تجاوزت 10% بالنسبة للمتقاعدين من محدودي الدخل. غير أن بعض هذه الإجراءات يمكن أن تكون لها تداعيات طويلة المدى.
التواصل الواضح.

إن فاعلية التواصل والتعاون مع أصحاب المصلحة شرط أساسي لكسب التأييد الشعبي اللازم لإصلاحات دعم الوقود والمعاشات التقاعدية. فإلقاء الضوء على دور هذه الإصلاحات في تحسين السلامة المالية للبلد وتوسيع نطاق توفير الخدمات العامة يمكن أن يساعد على تراجع المخاوف وزيادة التأييد.
وختاما، فرغم أن الإصلاحات التدريجية خلال فترات الرخاء الاقتصادي هي الخيار الأسهل، غالبا ما تحتاج بلدان عديدة إلى إجراء تصحيحات هائلة خلال فترات التحديات. وفي الحالتين، تمثل المعنويات العامة عاملا مهما للغاية لبلوغ النجاح. وعلى الحكومات استثمار جهودها في التواصل الواضح، والعمل على إشراك أصحاب المصلحة وتثقيفهم على غرار المتبع في التعامل مع الجوانب الفنية لهذه الإصلاحات المعقدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي