كابوس على الطريقة الصينية.. شبح الحرب التجارية يطارد هوليوود
تعتمد أفلام هوليوود ذات الإنتاج الضخم على الأسواق الخارجية في أكثر من نصف إيراداتها، وفي بعض الأحيان، تفوق الإيرادات خارج الولايات المتحدة ما تحققه تلك الأفلام في الداخل بنسب كبيرة.
فيلم "فاست إكس" 2023 على سبيل المثال، والذي بلغت ميزانية إنتاجه 340 مليون دولار، حقق إيرادات بقيمة 146 مليون فقط داخل الولايات المتحدة من إيرادات إجمالية بلغت 714 مليونا. يعني هذا أن نحو 79% من الإيرادات جاءت من صالات العرض في دول العالم.
تمثل الصين، البالغ تعداد سكانها أكثر من 1.4 مليار نسمة، أحد الأسواق الرئيسية لأفلام هوليوود، إذ بلغ حجم إيرادات شبّاك التذاكر الصيني نحو 17.71 مليار دولار العام الماضي، شكلت الأفلام الأمريكية نحو 3.5% منها.
لكن مع اشتداد الحرب الجمركية بين البلدين، باتت الإيرادات الضخمة التي تجنيها صناعة السينما الأمريكية من الصين والتي تصل إلى 585 مليون دولار، في مهب الريح، خاصة أن هوليوود تراجعت إيراداتها في الأعوام الأخيرة بسبب منع عرض الكثير من الأفلام الأمريكية في الصين، وذلك بحسب ما ذكرته مجلة "إكوناميكس تايمز".
تخطط الصين لحظر أفلام هوليوود، بعد أن صرحت بأنها لن تقبل أبدا ما وصفته بـ "ابتزاز" الولايات المتحدة لها، في أعقاب تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المتصاعدة بفرض رسوم جمركية على بكين.
أثر "الدومينو" الخطر الأكبر
في أوائل أبريل الجاري، فاجأ ترمب العالم بفرض رسوم جمركية "متبادلة" وبنسب متفاوتة على عشرات الدول، وخص دولا بعينها برسوم مرتفعة، وفي مقدمتها الصين، التي تحقق فائضا كبيرا في المعاملات التجارية مع الولايات المتحدة.
الإجراء الذي أغضب بكين، دفعها إلى الرد برسوم أعلى على الصادرات الأمريكية إلى الصين، وأدخل البلدان في سلسلة من الرد والرد المضاد، حتى وصلت الرسوم الجمركية إلى أرقام في خانة المئات.
لم تكن الصين الساخط الوحيد على رسوم ترمب الجمركية، فالاتحاد الأوروبي كان قد عبر أيضا عن غضبه من التحرك الأمريكي الأحادي الجانب، وكان على وشك فرض رسوم إضافية على وارداته من الولايات المتحدة، قبل أن يتراجع الرئيس الأمريكي ويعلق رسومه 90 يوما.
بكين، التي استثناها ترمب من التعليق، لم تترك وسيلة ضغط على الرئيس الأمريكي إلا وطرقت بابها، بما في ذلك باب هوليود، التي باتت مهددة بخسارة أحد أكبر زبائنها.
لكن الخطر الأكبر الذي يهدد صناعة السينما الأمريكية الضخمة هو "أثر الدومينو"، أي أن تشكُّل الطريقة الصينية في الضغط على الولايات المتحدة أنموذجا يحتذى به لدول أخرى، إذا ما واصل ترمب نهج استخدام سلاح الرسوم الجمركية.
منافس شرس
كانت بكين قد بدأت قبل عدة أعوام سياسة جديدة، وهي تقليل عرض الأفلام الأجنبية، حيث لا تتجاوز 34 فيلما سنويا بمقابل 25 سنتا لكل تذكرة تباع داخل الصين، والترويج للإنتاج المحلي.
أتت هذه السياسة بثمارها أخيرا، حيث حقق فيلم الرسوم المتحركة "Ne Zha 2" إيرادات تجاوزت 2.2 مليار دولار، وهو الأعلى في 2025. وجاء أكثر من 99% من إيرادات الفيلم من الصين وحدها.
يفوق حجم صناعة السينما في الصين نظيره في الولايات المتحدة بأكثر من 1.7 مليار دولار، إذ تبلغ إيرادات شباك التذاكر للأفلام الأمريكية حول العالم نحو 16 مليار دولار، وفقا لأحدث الإحصاءات.
ستكون هوليوود إذا في حاجة شديدة لعلاقات طيبة مع الصين، ليس لكونها سوقا ضخمة فقط، وإنما أيضا لأنها قد تكون منافسا شرسا لها في المستقبل إذا اختارت دول العالم أن تحذو حذو بكين.