هاريس وترمب .. نهجان مختلفان والنتيجة مزيد من الديون الأمريكية
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، برزت قضية الدين العام كأحد التحديات الاقتصادية الأساسية التي تواجه كلا المرشحين، الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب.
ويبلغ الدين الوطني الأمريكي حاليا نحو 35.7 تريليون دولار، مع نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز 120%، وهو رقم يثير تساؤلات ملحة حول قدرة الاقتصاد الأمريكي في المستقبل.
المثير في الأمر أن هناك إجماعا أمريكيا بأن الدين الأمريكي سيزداد بغض النظر عن الفائز في الانتخابات، ويتمحور الخلاف حول مقدار الزيادة التي سيضيفها الفائز إلى إجمالي الدين الحالي.
وهنا قال لـ"الاقتصادية" الدكتور جيمس رودوس، أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة كامبريدج: إن كلا من هاريس وترمب يطرح وعودا انتخابية تتسم بتفاؤل مبالغ فيه، وبتكلفة مالية باهظة، ولم يحدد أي من المرشحين كيفية تغطية تكاليف تلك الوعود.
أضاف، أن الدين الوطني الأمريكي سيرتفع بمقدار تريليونات الدولارات بغض النظر عمن سيفوز بالانتخابات، وهذا سيفاقم المشاكل المالية الأمريكية.
تبرز إحدى مفارقات الانتخابات الأمريكية في أن المتنافسين هاريس وترمب رفضا بشدة نتائج تقرير لجنة الميزانية الفيدرالية الذي أشار إلى أن خطة هاريس الاقتصادية ستزيد الدين الأمريكي 3.5 تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة، في حين أن برنامج الرئيس الأمريكي السابق ترمب سيتسبب في ارتفاع الديون الأمريكية بمقدار 7.5 تريليون دولار.
ومع ذلك، يصر كل من ترامب وهاريس على أن برامجهما الاقتصادية تتمتع بالقدرة على زيادة الإيرادات الحكومية وخفض الإنفاق العام، ما سيسهم في تقليص الدين الوطني.
من جانبه، يرى الخبير الضريبي هيو بريان، أن نقطة القوة والجاذبية في الخطة الاقتصادية لمرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترمب، هي أيضا نقطة الضعف الأساسية التي قد تؤدي إلى تفاقم الدين الأمريكي.
وقال لـ"الاقتصادية": إن جاذبية برنامج ترمب تكمن في التخفيضات الضريبية، لكنها إستراتيجية عالية الأخطار، إذ تعتمد على النمو الاقتصادي كحل للديون، وقد تؤدي إلى نتائج إيجابية في حال كان الاقتصاد قويا، لكن إذا لم يتحقق النمو المتوقع فقد تؤدي التخفيضات الضريبية إلى زيادة الديون بشكل كبير.
والتخفيضات الضريبية السابقة لترمب عندما كان في السلطة، أضافت 1.15 تريليون دولار إلى الدين الوطني من 2017 إلى 2019.
بريان ذكر أنه على النقيض، تعهدت هاريس بإلغاء التخفيضات الضريبية للأثرياء، ورفع المعدل الضريبي على الشركات، لكنها ستُبقي على التخفيضات الضريبية للأمريكيين الذين يكسبون 400 ألف دولار سنويا، إضافة إلى إعفاءات ضريبية للأسر التي لديها أطفال وللشركات الناشئة، وخططها طموحة في مجال الرعاية الاجتماعية والصحية، وهذا يعني زيادة في الإنفاق الحكومي وبالتالي زيادة الديون.
تعتبر الزيادة في الإنفاق جوهر مشكلة الديون الأمريكية، فالولايات المتحدة ليس لديها مشكلة إيرادات بقدر ما تعاني من مشكلة إنفاق، حيث تنفق أكثر بكثير مما تجنيه ضريبيا.
يمثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية ومدفوعات فوائد الديون ثالوثا يؤدي إلى تفاقم المديونية الأمريكية عاما بعد عام، وتشير التوقعات إلى انخفاض النفقات الحكومية الأخرى مثل الإنفاق العسكري والتعليم والأمن الداخلي، ومن المتوقع أن تنفق الولايات المتحدة على مدفوعات الدين أكثر من إنفاقها العسكري هذا العام.
بدورها، ذكرت لـ"الاقتصادية" الدكتورة إميلي أوربان، أستاذة الاقتصاد المقارن، أن الخطوة الأولى لحل مشكلة الدين الأمريكي هي ضرورة الاعتراف بها، لكن كلا المتنافسين، ترمب وهاريس، لم يذكرا كلمة دين ولو مرة واحدة خلال المناظرة التي جرت بينهما.
وأضافت، أن في برنامج ترمب الانتخابي لم تذكر كلمة الديون الأمريكية بتاتا، وبالنسبة لهاريس، فإنها تذكرها بشكل عابر، وكلا المرشحين سيجعل مشكلة الديون الأمريكية أسوأ مستقبلا، ما يهدد الازدهار الأمريكي على المدى الطويل.