المستثمر كين فيشر يفسر لـ«الاقتصادية» أسباب نزيف الأسواق في الاثنين الأسود
بغض النظر عن المخاوف، فإن الانخفاضات الحالية هي تصحيح وليست سوقا هابطة. هناك عبارة أسطورية منسية منذ زمن طويل، لكنها صحيحة إلى حد كبير، وهي: "تموت السوق الصاعدة بهدوء، وليس بضجيج عال". وما يحدث اليوم أثار ضجة كبيرة، حيث انخفضت أسعار الأسهم العالمية بنسبة 10% خلال 14 يوم تداول فقط، وهو ما يعد انخفاضا سريعا للغاية عن أعلى مستوى في معظم المؤشرات الرئيسة.
نعم، وصلت "تداول" إلى أعلى مستوياتها في وقت سابق، تحديدا في شهر مارس، مع وجود ضعف في قطاع الطاقة والبنوك، وهما القطاعان المحركان لتداول. ولكن شهدت السوق العالمية عاما نابضا بالحياة، بداية من مؤشر إس آند بي 500 إلى معظم أسواق أوروبا، والأسواق الناشئة، وغيرها من الأسواق حتى تاريخ 16 يوليو. أنت تعرف كيف هي المخاوف، ينكر الناس خوفهم، ولكن يفسرونها بناء على عواطفهم. وعندما تتدهور الأسواق يعطي الناس لها معنى غير واقعي.
في أغلب الأحيان تبدأ الأسواق الهابطة الحقيقية ببطء. كان الاستثناء الوحيد الحقيقي في العصر الحديث هو جائحة فيروس كورونا في 2020، وهي فترة غير اعتيادية للغاية لأنها تأثرت بالإغلاقات الحكومية السريعة، وإلا فإن الأسواق الهابطة تتطور ببطء.
منذ ما يقارب 40 عاما، أطلقت على سوق الأسهم لقب "المخادع الرائع" في مقالاتي، لأن ما يحدث عادة هو أنه يقوم بخداع المستثمرين إلى أكبر حد ممكن، ولأطول فترة ممكنة، وبالطبع مقابل أكبر قدر ممكن من المال. وينجح بفعل ذلك بمرور الوقت بشكل متكرر ويؤثر في الجميع حتى أنا وأنت. إن طريقة عمل سوق الأسهم هي، جذب الأشخاص من خلال الفرص المختلفة، والحصول على مكاسب عند ارتفاع الأسعار، ثم تشجيعهم على الاستمرار تدريجيا من خلال أسعار أرخص وفرص أكبر، ثم سحبهم إلى القاع من خلال خوفهم وانسحابهم عند الانخفاض، ما يجعل الأشخاص يشعرون كأنهم حمقى. ومن ثم تكرار كل هذا في الدورة المقبلة.
لا تصل سوق الأسهم "المخادع الرائع" إلى هدفها عن طريق تخويف الأشخاص القريبين من قمة النجاح باستخدام هذه الطريقة الشرسة. لأنها لم تتسبب في خسارة كافية للمستثمرين. ولذلك يجب خفض الأسعار تدريجيا، ما يجعل الأشخاص يرون الهبوط فرصة للشراء. كما يخيف التحرك المفاجئ الناس ويجعلهم ينسحبون في وقت مبكر جدا.
قاعدة عامة، تقريبية، ولكنها جيدة: إن الثلثين الأولين من السوق الهابطة يشكلان ثلث نسبة انخفاضه فقط، بينما يشكل الثلث الأخير ثلثي حجم الانخفاض. وهذا هو الحال، في أغلب الأحيان. إنها الطريقة التي تعمل بها سوق الأسهم، ولذلك أطلقت عليها لقب "المخادع الرائع".
لكن التصحيح، والهبوط السريع والحاد عن القمة، يجلب المخاوف بسرعة، ثم تتلاشى بعد ذلك بنفس السرعة تقريبا. إنها في الواقع دليل على وجود سوق صاعدة أخرى بعد انتهاء التصحيح. عادة ما يعود السوق للارتفاع بعد التصحيح بشكل أبطأ قليلا من نزوله السريع.
تجاهل تفكيك تجارة الين، والمخاوف بشأن العملات عامة، وضعف العملات المشفرة، ومخاوف الركود في الولايات المتحدة المرتبطة بقاعدة "سهم" وهي مؤشر ركود دقيق للغاية، وإبقاء البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة دون تغيير، والتحول الرئاسي الذي حدث بين كمالا هاريس وبايدن الذي أدى إلى تحول استطلاعات الرأي بعيدا عن زعامة دونالد ترمب، كل هذه الأمور تقلق المستثمرين بشدة. لا توجد كلمات كافية في مقالي لشرح سبب كون كل هذه المخاوف زائفة، ولكنها كذلك. من المحتمل أن تنخفض الأسهم أكثر من هنا. لكننا سنكون قريبين في المرحلة التالية من هذه السوق الصاعدة. وعندما تنتهي السوق الصاعدة لن تنخفض بسرعة، بل ستتدحرج ببطء لإرضاء "المخادع الرائع".