حزب العمال وكيفية تحقيق النجاح الاقتصادي

في محاولة لمداواة الأداء الاقتصادي الهزيل في المملكة المتحدة على مدار العقد الماضي أو نحو ذلك، صرحت حكومة حزب العمال الجديدة بقيادة كير ستارمر بأنها ستقدم استراتيجية صناعية موجهة نحو إنجاز مهام بعينها. لكن لكي تنجح الحكومة، يتعين عليها أن تحول نفسها وتستثمر في تعزيز قدراتها.

ويبدو أن ستارمر وأعضاء حكومته يدركون هذه الحقيقة. ففي غضون أيام من الانتخابات، أطلقوا شركة صندوق الثروة الوطنية، وأنشأوا مجالس تنفي اقتصاد المهام. يسعى الحزب إلى "دفع عجلة النمو الاقتصادي"، و"جعل بريطانيا قوة عظمى في مجال الطاقة النظيفة"، و"استعادة شوارعنا"، و"هدم الحواجز التي تحول دون توافر الفرص"، و"بناء خدمة صحية وطنية تليق بالمستقبل".

وكما نوضح بالتفصيل في تقرير جديد تقدم تجارب بلدان أخرى دروسا قيمة لحكومة المملكة المتحدة الجديدة في سعيها إلى تحقيق هذه الأهداف. ففي حين كانت الاستراتيجيات الصناعية في الماضي "تنتقي الفائزين"، بمعنى تحديد قطاعات أو تكنولوجيات بعينها لتلقي الدعم الحكومي، فمن الواجب عليها الآن انتقاء المهام، وهذا بدوره سيحفز الاستثمار والإبداع عبر مختلف القطاعات.

ينبع خطر آخر من كيفية تسلسل السياسات. كانت وزيرة الخزانة راشيل ريفز حريصة على الإشارة إلى أن الحكومة ستلتزم بالقواعد المالية التي تحد من الاستثمار الحكومي إلى أن ينخفض ​​الدين ويرتفع النمو. لكن الإفراط في التضييق من شأنه أن يقوض الدور الذي يلعبه الاستثمار العام في توليد النمو المستدام والشامل. علاوة على ذلك، تستخدم الاستراتيجية الصناعية الموجهة نحو إنجاز مهام بعينها الاستثمار العام لحشد الاستثمار الخاص، وهذا من شأنه أن يزيد من قدرة الاقتصاد الإنتاجية، ويولد تأثيرات جانبية، ويوجد تأثيرا مضاعفا، فتنخفض في نهاية المطاف نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.

في حشد رأس المال الخاص، يجب أن يضمن الصندوق الجديد هيكلة الاستثمارات العامة لتقاسم ليس فقط المخاطر لكن أيضا المكافآت. يجب أن تعود الفائدة على العمال، وليس فقط الملاك، ويجب أن تكون الاستدامة شرطا أساسيا على الدوام. ومن خلال تقاسم الأرباح عبر المحفظة، من الممكن أن تعوض المكاسب من الصفقات الناجحة عن الخسائر الناجمة عن صفقات أخرى.

تتلخص المهمة في التحول من "دعم الأعمال" إلى المطالبة بأشكال من التعاون تحقق المنفعة المتبادلة. على سبيل المثال، بينما كان ليذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، اختار قانون الرقائق الإلكترونية والعلوم في الولايات المتحدة، وهو يمثل إحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها الاستراتيجية الصناعية في الولايات المتحدة، أن يكون التمويل مشروطا بأن تعمل الشركات على الحد من عمليات إعادة شراء الأسهم، وأن تستثمر في تنمية القوى العاملة، وتقدم أجورا عادلة وخدمة رعاية الأطفال للموظفين، وتلتزم بأحكام الاستدامة وتقاسم الأرباح. في مواجهة هذه المتطلبات، كثفت الشركات جهودها .

أخيرا، يتعين على الحكومة أن تقاوم الاتجاه قصير النظر المتمثل في خفض قدرة الدولة وتفويض وظائف أساسية خارجيا إلى شركات استشارية كبرى، شركات تسعى إلى تحقيق الربح وليس لديها أي حافز لمساعدة العملاء على التعلم. لقد تسببت هذه الاتكالية في تآكل قدرة الوكالات العامة بدرجة خطيرة على تحقيق مهام طموحة.

الواقع أن إنهاء دورة نقص الاستثمار المزمن في المملكة المتحدة وسياسات الضمادات يتطلب الاستعانة باستراتيجية صناعية موجهة نحو إنجاز مهام بعينها وتعمل على تحديد اتجاه جديد للنمو. ولكن لكي تنجح هذه الاستراتيجية، لا بد من تحويل عمل الحكومة.


خاص بـ «الاقتصادية»

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2024.            
 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي