التخزين السحابي .. قطاع استثماري واعد أسهمت الجائحة في كشف مزاياه

التخزين السحابي .. قطاع استثماري واعد أسهمت الجائحة في كشف مزاياه
يتوقع أن تسجل قيمة قطاع التخزين السحابي نحو 117.1 مليار بنهاية العام الجاري. المصدر: رويترز

كانت المعرفة، حتى بداية القرن العشرين، تتضاعف كل قرن ونصف تقريبا، حسب "منحى تضاعف المعرفة البشرية" الذي استخدم، لأول مرة في سبعينيات القرن الماضي، من قبل المصمم المعماري الأمريكي ريتشارد بوكمينسيتر فوللر.
وتضاعفت خلال 40 عاما فقط، منذ 1930 حتى 1970، ثم تضاعفت خلال 20 عاما اللاحقة (1970-1990)، وبعدها تقلصت المدة إلى 10 أعوام في 2000.
وابتداء من 2014، أعلن خبراء أن التضاعف حدث خلال 8 أشهر فقط، مع توقعات باستمرار ذات المنحنى لتبلغ 72 يوما بحلول 2030.
تؤكد هذه الأرقام أن منسوب تراكم المعرفة الإنسانية في ارتفاع مستمر، وبوتيرة غير مسبوقة في التاريخ البشري، تفوق قدرة النظريات على التحليل والتفسير، وذلك بفضل التطور التكنولوجي والرقمي، ما جعل إنسان العصر الرقمي، وبخلاف أبائه وأجداده، يبحث لا عن المعارف والمعلومات؛ فنحن في عصر البيانات بامتياز، وإنما عن الطرق المثلى لتخزينها وحمايتها.
واهتدت الثورة الرقمية إلى فكرة التخزين السحابي التي تمثل حلا مثاليا للتعاطي مع مشكلة تخزين البيانات والحفاظ عليها، من خلال تقنية أو نموذج حوسبة يتيح للمستخدمين تخزيم البيانات والملفات الوصول إليها عبر الإنترنت العام أو عن طريق اتصال بشبكة خاصة، دون الاعتماد على الأقراص الثابتة أو الوسائط المادية.
ويتولى العملية مزود شركات خدمات التخزين السحابي، يقوم بعمليات التخزين في خوادم خاصة، يحرص على تشغيلها وصيانتها مع ضمان إبقائها في أمان، فهم من يدبر القضايا الأمنية وما يتعلق بالسرية، فضلا عن ذلك يتيح وصول الزبون إلى البيانات، في أي وقت وعلى نطاق غير محدود، بكل مرونة ويسر متى احتاج إليها.
وحولت الحاجة الماسة في العوالم الرقمية إلى الحلول التخزين السحابي إلى قطاع استثماري واعد في العالم المعاصر، وأسهمت جائحة كورونا من جهتها في الكشف عن مزاياه الكثيرة، بدءا من الوصول إلى البيانات بعيدا عن ثقل أجهزة التخزين، إلى جانب سهولة مشاركة الملفات مع الآخرين، وتقليل مخاطر التلف والسرقة، بفضل الحماية العالية جدا، ثم وجود نسخ احتياطية قابلة للاسترداد، بشكل فوري وتلقائي، ناهيك عن فعالية التكلفة قياسا إلى ما تتطلبه أجهزة التخزين التقليدية (المال والمساحة والصيانة).
وبلغة الأرقام، قفزت قيمة سوق التخزين السحابي العالمي، في غضون عامين فقط، من 50,1 مليار دولار (2020) إلى 90,63 مليار دولار (2022)، مع تقديرات ببلوغها بنهاية العام الجاري نحو 117,12 مليار دولار، ويتوقع أن تصل إلى 343,33 مليار دولار بحلول 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره %24 خلال خمس سنوات (2024-2029).
توقعات تؤكد أننا أمام سوق استثمارية واعدة، تعززها الأرقام المتعلقة بالحجم الإجمالي للمعلومات (البيانات) التي يتم استحداثها أو استهلاكها في جميع أنحاء العالم، فبحسب تقارير الخبراء، سيقفز العالم من 79 زيتا بايت "ZB" (1021 بايت)، في 2021، إلى أزيد من 181 زيتا بايت برسم عام 2025.
كما تعززها أرقام المنتدى الاقتصادي العالمي التي تتحدث عن حاجة الإنسان الرقمي إلى تخزين 463 إكس بايت "EB" (1018) من البيانات يوميا، ما يعادل بوسائل التخزين التقليدية 221765 قرص DVD يوميا.
وتزيد المنافسة المحتدمة بين عمالقة السوق السحابية؛ أمازون ممثلا في "AWS"، ومايكروسوفت وجوجل، إذ يحتكر هؤلاء الثلاثة 2/3 من إجمالي السوق المزدهرة، من صدقية تلك التقديرات والتوقعات.

 

الأكثر قراءة