أشباه الموصلات والاستثمار في احتياجات الصناعة المستقبلية
ليس غريبا الاهتمام في المملكة بالصناعات المتقدمة خصوصا صناعة أشباه الموصلات إذ أن المملكة ستكون واحدة من أهم الأسواق لهذه الصناعة في الوقت الحالي وستكون أهم بكثير في المستقبل، ولهذا أعلنت المملكة عن إنشاء صندوق بقيمة مليار ريال للاستثمار في شركات أشباه الموصلات التي تخطط لبدء عملياتها محليا، وذلك في خطوة لتحفيز الشركات الناشئة الصغيرة والمتوسطة لتبني الصناعة، وكان الإعلان خلال فعاليات "منتدى مستقبل أشباه الموصلات" المنعقد في مدينة الرياض في الفترة من 5-6 يونيو 2024م، والذي شهد حضورا واسعا من العلماء والخبراء لمناقشة هذا الموضوع المهم والذي سينعكس على الاتجاهات العامة في الصناعة في المملكة.
التطور في هذه الصناعة كبير جدا والطلب على أشباه الموصلات أصبح عال في ظل التطور الكبير في شكل الصناعة الحديثة ومستقبلها الذي سيشهد اهتماما أكبر بالتقنيات المتقدمة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي وصناعة السيارات الكهربائية والمدن الذكية وشبكة الاتصالات المتقدمة بالإضافة الى المشاريع المستقبلية التي ستعتمد على التقنية بشكل رئيسي.
المملكة لديها مشاريع طموحة واستثنائية تتعلق ببناء مدن بمواصفات تقنية متقدمة والتي بدأت في نيوم، كما انها اختارت أن تبدأ من حيث انتهى الآخرون في القطاع الصناعي للعب دور رئيسي في شكل الاقتصاد في المستقبل خصوصا وانها وعلى مدى عقود كانت من الدول الأهم في قطاع الطاقة، وهي مستمرة في العمل على تنويع اقتصادها وان يكون لها مركزا متقدما عالميا حيث انها ضمن الدول العشرين الاضخم عالميا في حجم اقتصادها وتتطلع لان تتقدم بشكل أكبر في ظل العمل الذي تقوم به لتنويع مصادر الدخل وأن لا يمثل النفط الجزء الأهم من مصادر الدخل خلال الفترة القادمة.
لعل أحد أهم القطاعات التي ستدعم المملكة في تحقيق مستهدفاتها لتعزز من مركزها في القطاع الصناعي وتوفير احتياجاتها من المحتوى المحلي لإتمام المشاريع العملاقة هو الاهتمام بصناعة أشباه الموصلات والتي تستهدف المملكة ان تستقطب خمسين شركة في قطاع صناعة أشباه الموصلات خلال ستة أعوام بما يعزز من تطور هذه الصناعة وتوفير جزء من احتياج السوق المحلي من هذه الصناعة.
وهنا يمكن ان العمل على بناء منظومة تعليمية تدعم هذه الصناعة حيث ان الحراك الاقتصادي العالمي والتحولات فيه تتسارع مما يتطلب معه بناء استراتيجية تجعل من قطاع التعليم والتدريب في المملكة أكثر مرونة وأسرع في مجاراة احتياج المملكة الحالي والمستقبلي فيما يتعلق بالصناعات المتقدمة التي تتناسب مع برامج المملكة ورؤيتها وتعزيز فرص العمل ذات الدخل العالي الذي يعتبر هدفا لسوق العمل في المملكة باستقطاب أصحاب المواهب والمبتكرون من مختلف دول العالم وبناء جيل شغوف بالابتكار.
أحد أهم فرص الدعم لهذه الصناعة هو دعم رواد الأعمال في مثل هذه القطاعات والذي يصعب عليهم الوصول الى نتائج كبيرة دون دعم ولعل هذا هو غرض الصندوق من خلال احتضان المبتكرون ودعم مشاريعهم وتمكينهم من توفير احتياجاتهم وتسريع الوصول الى نتائج من خلال دعم مادي ولوجستي وتقديم امتيازات للمستثمرين في هذا القطاع.
فالخلاصة أن صناعة أشباه الموصلات في المملكة أصبحت ذات أهمية كبيرة باعتبار الحاجة الى هذه الصناعة لدعم المشاريع الخاصة بالمدن الذكية والمتقدمة في مدينة نيوم وقطاع الصناعة خصوصا السيارات الكهربائية كما انها توفر فرص عمل ذات عائد عال للقوى العاملة الوطنية وتعزز من فرص استقطاب الكفاءات والمبتكرون الى المملكة.