خطة ماسك للترويج لـ"تسلا" عفا عليها الزمن
إذا لم تكن تعلم أن شركة "تسلا" تقف على أعتاب موجة جديدة من النمو، فلا يفتك أن تعرف أنها تعمل الآن على خفض قوتها العاملة بواقع أكثر من شخص من كل عشرة أشخاص. هذا كله وارد في المذكرة الداخلية.
فقد أبلغ الرئيس التنفيذي إيلون ماسك الموظفين بهذا الأمر في نهاية هذا الأسبوع، ومفاده أن أكثر من 14 ألف موظف - بناء على سجلات الموظفين في نهاية 2023 - سيغادرون شركة صناعة السيارات الكهربائية بدءا من تاريخه.
ينطوي هذا الإعلان على جزء من الأسف، وثلاثة أجزاء من التفاؤل. تظهر عبارة "المرحلة التالية من النمو" في الفقرة الأولى من المذكرة، مع انتشار مفردات بالمعنى نفسه على امتداد المذكرة أيضا. هذه كلها أمور طبيعية تماما في الشركات، والتي تضطر لأن تستغني عن عدد كبير من الموظفين مع التركيز على الكيان الأصغر حجما، والأكثر لياقة.
لكن هذه هي "تسلا" في لحظة مثيرة للاهتمام من تطورها، لذا فإن السياق في هذا الصدد مهم.
شهد العام الماضي سلسلة من الأحداث المتعلقة بـ"تسلا"، والتي ميزتها كشركة سيارات. تمكنت الشركة من صناعة عدد كبير جدا من المركبات يفوق الطلب عليها. وخفضت الأسعار لتعديل هذا الوضع، فكانت النتائج مختلطة بالتأكيد. تم تقليص الهوامش نتيجة لذلك. كما أطلقت نموذجا جديدا براقا لاستعادة قدر من النشاط، لكن بنجاح أقل من المؤكد. بذلت قصارى جهدها لإعادة توطيد مكانتها في أذهان المستثمرين كشركة ذكاء اصطناعي.
حسنا، هذا الجزء الأخير ليس قريبا من نموذج شركة صناعة سيارات، لكنه أقرب إلى "تسلا". بعد كارثة أرقام المبيعات الفصلية في وقت سابق من الشهر الجاري، والتي تخلفت بفارق كبير، ثم الدراما الغريبة جراء تقرير "رويترز" الذي أفاد بأن "تسلا" تخلت عن خططها لصالح تقديم نموذج منخفض التكلفة - والذي تم نفيه تماما - أعلن ماسك عن طرح سيارة أجرة روبوتية وشيكة. مهما كان الشيء الذي سيتم الكشف عنه في أغسطس، يترسخ شعور بأن "تسلا" تسعى إلى إعادة صياغة القصة حول رؤى موسعة للذكاء الاصطناعي، بدلا من الواقع الحالي المتمثل في تقلص أحجام المركبات.
المستقبل لا يروج لنفسه
في الواقع، خلال عطلة نهاية الأسبوع نفسها التي أبلغت فيها "تسلا" الموظفين بتسريح كوادر، خفضت رسوم الاشتراك الشهري على حزمة مساعدة السائق ذاتية القيادة إلى النصف. كما هي الحال بالنسبة إلى الصناديق ذات الأربع عجلات، يبدو أن المستقبل لا يروّج لنفسه بنفسه. ففي حين أن السعر الجديد لهذه الخدمة والبالغ 99 دولارا أمريكيا شهريا قد يغري المزيد من السائقين للتسجيل للحصول على الحزمة بهذه الطريقة، فمن المحتمل أيضا أن ينتقص من أولئك الذين يشترون الحزمة مقدما، البالغة 12 ألف دولار حاليا، ما يضيف مزيد من العوامل المعاكسة التي تؤثر في هوامش الربح، على الأقل في المدى القريب.
ستتيح عمليات تسريح الموظفين قدرا من الحماية للشركة، لكن يتعذر تحديد الميزات المتأتية من ذلك. فمنذ 2022، بلغ متوسط التعويضات التي قدمت للموظفين العالميين في "تسلا" نحو 34 ألف دولار. وبافتراض زيادة بنسبة 10 % منذ ذلك الحين - حيث ظل التضخم ثابتا - وتسريح 14500 موظف، فإن هذا يعادل إجماليا يبلغ نحو 550 مليون دولار قبل خصم تكاليف إنهاء الخدمة والضرائب. واستنادا إلى التوقعات المتفق عليها حاليا، ربما يمثل ذلك 4 %- 5 % من أرباح عام 2024. بالطبع، هذه مجرد تخمينات، لكن هذا يبدو أشبه بتوفير القليل من المال أكثر من كونه تحولا جذريا بالنسبة إلى الموارد المالية، ولسهم الشركة.
لتحقيق ذلك، تحتاج "تسلا" إلى نموذج جديد منخفض التكلفة لتجديد تشكيلتها والتوسع في السوق. أو سيارة أجرة آلية تعمل حقا. يبدو النموذج الأول على الأقل مضللاً لعام أو لعامين. يشير الرحيل المفاجئ لأحد مسؤولي "تسلا" القلائل، وهو أندرو باجلينو، كبير مهندسي الطاقة ومجموعة نقل الحركة، إلى أن هذا الجدول الزمني قد يكون متفائلا. يبدو هذا التصور الأخير، كما هي الحال دائما، مبالغا فيه إلى حد كبير.
تضيف عمليات تسريح الموظفين في "تسلا" إلى السرد المتمثل في كونها شركة سيارات تتعامل مع التباطؤ. ومع ذلك، لا يزال سعر سهمها يعادل نحو 55 ضعف الأرباح الآجلة - وهي القيمة نفسها تقريبا في بداية الشهر، قبل أن تتفوق أرقام المبيعات على تلك التوقعات (أو كان ينبغي أن يحدث ذلك). يبدو أن المستثمرين لم يتلقوا المذكرة بعد. ستعلن النتائج في الأسبوع المقبل.
خاص بـ "بلومبرغ "