«مركزي جدة» حافظ للأمن الغذائي .. أم بوصلة اقتصادية؟
ما إن وطئت قدمي ساحاته بعد شروق الشمس، حتى استقبلتني رائحة الفواكه الاستوائية التي تفوح من المكان، وأذهلتني أرفف الخضار الطازجة بألوانها الزاهية، ولتلمح عيني عربات محملة بأنواع مختلفة من أصناف الثمار من مشارق الأرض، ومغاربها تملأ المكان، وأخرى تتسابق لخدمة الزبائن في أرجاء السوق، ولتدهشني سلاسة العرض والطلب بين مشترين مجادلين يبحثون عن أفضل العروض وباعة مهرة يتناوبون على عرض بضاعتهم بأسلوب يبرز جودتها، ليذكرني هذا المشهد بالمقولة الشهيرة "إن الأسواق المركزية هي بوصلة المجتمع الاقتصادية".
وما إن توقفت للحظة في مكان مزدحم وسط السوق لأرى كيف انتشرت الزينة الرمضانية استعدادا للشهر الكريم في المباسط البالغ عددها 450 مبسطا موزعة على مساحة 40 ألف متر مربع، هي مساحة السوق، حتى أخذني فضولي لأسير نحو أصوات متداخلة تتعالى وتمتزج فيها اللهجات والثقافات في ساحة كبيرة منعزلة في أطرافه، تمتلئ بكراتين الخضار الطازجة القادمة من معظم مزارع السعودية، لأكون شاهد عيان على بدء صفقات المزادات في أكثر من مكان، وفي وقت واحد، لعدة منتجات محلية حيث يرفع المنتج عاليا، ليبدأ المنادي بإعلان السعر الافتتاحي، ثم تتوالى النداءات من الباعة المتنافسين، كل منهم يرفع السعر قليلا حتى يرسو المزاد على أعلى مزايد على نوع محدد من الخضار، وتستمر الصفقات حتى انتهاء البضائع ليتكرر مشهد يوميا مستمر منذ أكثر من أربعة عقود هي عمر مركزي جدة للخضار والفواكه.
بحسب نائب رئيس طائفة دلالي حلقات الخضار والفواكه في محافظة جدة المهندس معتصم أبو زنادة، فإن واردات السوق تراوح هذه الأيام بين 2500 إلى 3000 طن يوميا، يذهب 40 % منها إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، تحسبا لدخول شهر رمضان. وتبلغ نسبة الفاكهة المستوردة فيها 65 % والباقي خضراوات، معظمها إنتاج محلي.
ولفت إلى أن الأصناف المستوردة الأكثر رواجا هذه الأيام هي التفاح والموز والبرتقال والعنب والليمون ويوسف أفندي، إضافة إلى بعض الأصناف الوطنية مثل الطماطم والورقيات بأنواعها.
وأضاف: تكمن أهمية مركزي جدة بحكم أنه سلة غذائية تحفظ الأمن الغذائي، وفي الوقت نفسه بوصلة اقتصادية لقياس مبيعات الجملة للفواكه والخضار، كما أنه مركز توزيع وتغذية للمنطقة الغربية تزداد الحاجة إليه في مواسم العمرة والحج، نظرا لوجود ميناء جدة الإسلامي.
لذلك يرتفع السحب منه باستمرار، وتزداد معه القوة الشرائية بنسب متفاوتة لا تقل عن 10 % مقارنة بالفترة نفسها من الأعوام الماضية بالذات من المطاعم والفنادق والمستشفيات والمنتجعات السياحة.