Author

الابتكار في تعزيز الميزة التنافسية للشركات

|

*أستاذ وباحث في الهندسة والأنظمة الابتكارية

في عصر العولمة والتقنيات الرقمية المتطورة، يحدث التطور في التكنولوجيا بوتيرة غير مسبوقة، وأصبحت القدرة على التنافس أمرا حاسما وضرورة قصوى لبقاء الشركات في مجال الأعمال والاقتصاد بشكل عام، ولم تعد المنافسة تعتمد على النماذج والممارسات التقليدية السابقة فقط، خصوصا بعدما أصبح هذا المجال في الوقت الحاضر، بيئة ذات حراك سريع جدا وفي تطور مستمر، وهنا يبرز دور الابتكار كقوة قوية يمكنها إنشاء شركات ذات قدرة تنافسية أو تدميرها. وفي مقال سابق بعنوان "الابتكار وإفلاس الشركات" تحدثت عن أن الابتكار لم يعد خيارا يلجأ إليه عند الحاجة، بل أصبح ضرورة ومطلبا، وأن الشركات التي لا تضمنه ضمن استراتيجياتها وكياناتها لن تستطيع التجديد والتطوير بل وستفقد قدرتها على المنافسة وأيضا ستحكم على نفسها بالتراجع والإفلاس. والكل يعلم أن تحقيق الميزة التنافسية يكون بتوافر أربعة مصادر، تشمل التنوع في الخدمات وتوافر المنتج والتكلفة المنخفضة، وأهم هذه المصادر، هو القدرة على التطوير والابتكار حيث يكمن هذا الدور الحاسم في تحسين القدرة التنافسية وكقوة ضرورية للبقاء والنمو والتطور والاستدامة، وأداة أساسية لتحقيق التميز والصدارة في السوق.

إن تعزيز الدور الابتكاري في الشركات يتطلب فهما عميقا لأهميته وكيفية دمجه بفاعلية في جميع الجوانب، فالابتكار ليس مجرد إضافة للمنتجات أو الخدمات فقط، بل يمثل تحولا ثقافيا كذلك في جميع العمليات من تسويق وتفاعل مع العملاء وغير ذلك، ويبرز أثره في تحسين تلك العمليات وتطوير استراتيجياتها، كما يتطلب تشجيعا للأفكار الجديدة والمخاطر المحتملة في بيئة العمل التي يجب أن تكون بيئة تحفيزية على التفكير والإبداع والابتكار وتجريب الأفكار الجديدة دون خوف من الفشل، ويتطلب أيضا الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تلعب دورا حاسما في ذلك التعزيز.

هناك عديد من الشركات التي فهمت بعمق دور الابتكار في تحقيق وإيجاد ميزة تنافسية كبيرة لها، وعززت لهذا الدور وأصبحت ذات قوة لا يستهان بها، من تلك الشركات على سبيل المثال، شركة أبل التي من خلال ابتكاراتها المتجددة باستمرار استطاعت تحقيق شهرة واسعة واكتساب عملاء شديدي الولاء لها، وأصبحت بذلك واحدة من أكثر الشركات سوقية في العالم، ومن الأمثلة أيضا على الشركات التي عملت على تعزيز الابتكارات النوعية في بيئتها وتبنيها تقنيات جديدة، مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والروبوتات، شركة أمازون التي استثمرت بشكل كبير في كثير من تلك الابتكارات النوعية في مجال التكنولوجيا واللوجستيات، ما سمح لها بتحسين عملياتها في تقديم خدمات تسوق مميزة وتوصيل سريعة ومتطورة وفاعلة، ونجحت بذلك في بناء ميزة تنافسية قوية مكنتها من التفوق في سوق التجارة الإلكترونية والخدمات السحابية عالميا، وأرى أن الشركات التي تعزز الدور الابتكاري في منظوماتها ستكون أكثر جاذبية وأقوى تنافسية من غيرها للمستثمرين، حيث يعكس تفوقها في ذلك قدرتها على تحقيق نمو مستدام وعوائد مالية مأمولة، ما يؤدي أيضا إلى توسعها وانتشارها بشكل كبير وتحقيق عديد من الفرص الاستثمارية الجيدة.

إنشرها