سليمان الحبيب .. ما قصة خامس أغنى طبيب في العالم؟
بعد دراسة أكثر من 100 شخصية ثرية عبر التاريخ، توصل الكاتب الأمريكي توني روبنز في كتابه "أيقظ قواك الخفية" أن معظم هؤلاء لم يولدوا أغنياء، بل رغم اختلاف عصورهم، إلا أن هناك صفات مشتركة بينهم، أولها الرؤية وتحصيل العلم، وثانيها، الجرأة في تنفيذ ما يؤمنون بهِ، وأوضح "روبنز" أنه لو منحت الجميع مليون دولار، فبعد عام واحد سيخسر الفاشل أمواله ويضاعفها الناجح.
تلك القاعدة طبقت على الطبيب السعودي سليمان الحبيب، الذي اقتربت ثروته من 12 مليار دولار وفقا لوكالة بلومبرغ منذ أيام، إذ ارتفعت أسهم مجموعته بنسبة 30 %، ليكون ثالث أغنى شخص في الشرق الأوسط وخامس أغنى الأطباء عالميا، ويملك "الحبيب" عشر مستشفيات ومراكز طبية، إلى جانب إدارة 22 منشأة طبية و22 صيدلية في جميع أنحاء المملكة والإمارات والبحرين.
وزادت ثروة سليمان الحبيب بنحو 5.2 مليار ريال منذ مطلع العام، لتصل إلى نحو 45 مليار ريال مع صعود السهم 13 % بإغلاق اليوم الأحد، وذلك بعد أن سجلت المجموعة أعلى أرباح تاريخية خلال 2023 عند 2.05 مليار ريال، وبنسبة نمو 24 %.
وبدأت الرحلة من جدة حيث ولد "الحبيب" عام 1953 ودرس فيها حتى الانتقال إلى الجامعة، وعلى عكس الشائع لم يكن ما يريده "سليمان" هو الطب، بل الهندسة المعمارية، لكنه لم يجد فيها مكانا فقرر الالتحاق بكلية الطلب عام 1970 ليتخرج في جامعة الملك سعود بالرياض في 1977 وقد أدرك أن مصيره ارتبط بالأطفال الذين تخصص في علاجهم، ولأنه آمن مبكرا بأن "لكل مرحلة طموحها"، سافر إلى أدنبرة للحصول على زمالة الكلية الملكية البريطانية 1984، وانقطع للعلم، فبنص ما قاله في لقاء تلفزيوني "حتى قلعة أدنبرة التي يزورها الجميع بمجرد الوصول لم أزرها بسبب حبي للتعلم".
إلى جانب التحصيل العلمي، منحت الزمالة البريطانية لـ"الحبيب" سعة الرؤية، فبمجرد عودته إلى السعودية وعمله في مستشفى الملك خالد الجامعي الذي صار كبير الأطباء فيه، لاحظ نمو سوق الرعاية الصحية، وحين سئل لاحقا عن سر الإقدام على أولى خطواته قال "أدركت أن أي تطور يحدث في أمريكا ينتقل إلى أوروبا بعد خمس سنوات وإلى باقي العالم بعد خمس سنوات أخرى، ولأن القطاع الصحي الخاص كان منتشرا في أمريكا وأوروبا اتخذت الخطوة الأولى".
لكن تشخيص مرض طفل، لا علاقة له بتشخيص تراجع إيرادات مؤسسة، وهنا ظهرت مواهب "الحبيب" كرجل أعمال، بداية من رفضه الشراكة لأنه من أنصار العمل منفردا في البداية خاصة إذا كانت تؤمن بفكرتك، كما لا داعي أن تتسبب في خسارة الآخرين إذا خانك التوفيق، وأثبتت السنوات أن التوفيق حالف "سليمان" منذ افتتاح أول عيادة 1993 حتى الوصول إلى سلسلة من المستشفيات والصيدليات داخل وخارج المملكة، بما يقدر بنحو 28 مليار دولار، بالتزامن مع إنفاق سعودي على الرعاية الصحية بلغ 37 مليار دولار في 2022، ووصول تقديرات الفرص الاستثمارية في نفس المجال إلى 48 مليار ريال خلال 2024.
وسجلت الشركة أعلى توزيع سنوي عند 4.32 ريال للسهم الواحد وبقيمة 1.5 مليار ريال، لتبلغ حصة سليمان الحبيب من التوزيعات 605.25 مليون ريال، إذ يمتلك حصة بالشركة تبلغ 40.03 %.
تلك الطفرة نتيجة تفكير استثماري كشف عنه "الحبيب" الذي كانت أولى خطواته، التوقف عن ممارسة الطب 1994، موضحا أن الطبيب الناجح يحتاج إلى الممارسة الطويلة وإلا أصبح "تليفونا قديما"، وهذا ليس متاحا بعد التحول لرجل أعمال، أما البند الثاني فوجود شركة جودة خارجية تقيم عمله لأنه يريد عينا غريبة تتابع ما يفعله.
أما العنصر الثالث فكان البيئة السعودية نفسها، فتطور بلاده المستمر دفعه إلى اتخاذ خطواته بثقة، ويقول "سليمان": "في بلادي المستقبل دوما أفضل"، لذلك طرح 17.4 مليون سهم من مجموعته لأول مرة في 2020، بسعر 50 ريالا للسهم وكان الطرح الأول من نوعه بعد طرح أرامكو حينها.
ما زال الرجل السبعيني شغوفا باتخاذ خطوة جديدة كل عام، لذلك ليس غريبا أن يتخطى قريبا توماست فريست أغنى طبيب في العالم، أما الشباب الباحثون عن "الحبيب" لإعطائهم نصيحة، فعليهم الوجود في معارض السيارات التي يهواها "سليمان" خاصة سيارات "ليمتد إيدشن"، ولا يتعجبون حين يقفون أمام ثالث أغنى شخص في الشرق الأوسط منتظرين نصائح المال فيقول لهم نصيحته الذهبية "لا تخشوا الفقر".