تناغم بين الرؤية السعودية ومؤتمر الأطراف COP16

في مؤتمر الأمم المتحدة الذي عقد في ريو دي جانيرو البرازيل في 1992، وسميت حينها بقمة الأرض وكان معنيا بالبيئة والتنمية (UNCED) إذ تم اعتماد ثلاث معاهدات دولية سميت لاحقا اتفاقيات "ريو الثلاث"، وهي (أولا): اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC).

(ثانيا): اتفاقية التنوع البيولوجي (CBD).

(ثالثا): اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر(UNCCD)

وتعالج هذه الاتفاقيات الثلاث بشكل جماعي القضايا البيئية الحرجة، فاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) هي معاهدة بيئية دولية تهدف إلى معالجة تغير المناخ تم اعتمادها في التاسع من مايو 1992، وتسعى للوصول إلى الحياد الصفري وتثبيت مستويات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي في الغلاف الجوي عند مستوى تخفف من حدة التقلبات المناخية العنيفة، وتأتي اتفاقية التنوع البيولوجي (CBD) كمعاهدة دولية ملزمة في الخامس من يونيو 1992، وتهدف إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي، وضمان الاستخدام المستدام لمكوناته، وتعزيز التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن الموارد الجينية.

تأتي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD) التي تم اعتمادها في باريس في 17 يونيو 1994، لمكافحة التصحر والتخفيف من آثار الجفاف من خلال برامج عمل وطنية تتضمن استراتيجيات طويلة الأجل مدعومة بترتيبات التعاون والشراكة الدولية.

إن هذه الاتفاقيات الثلاث تعمل من خلال ما يسمى بمؤتمر الأطراف (COP)، وهو الهيئة الإدارية للاتفاقية، بحيث تعمل الهيئة الإدارية (COP) علـى توفير إطار للتعاون الدولي في مواجهة التحديات التي تعالجها الاتفاقية وذلك بعقد مؤتمر يجمع الأطراف الموقعة على الاتفاقية بانتظام لمراجعة تنفيذها، واتخاذ القرارات بشأن القضايا الرئيسة، واعتماد البروتوكولات والمبادئ التوجيهية لتعزيز أهداف الاتفاقية، وتشارك المملكة بفاعلية في الاتفاقيات الثلاث للأمم المتحدة، وقد تشرفت شخصيا بحضور مؤتمر الأطراف (COP28)، الذي انعقد في الإمارات قبل عدة أسابيع، وهو الاجتماع الذي عقد على طاولة الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، ولأن المملكة تقع في المنطقة الأكثر ندرة في المياه التي تتأثر بشدة بالتصحر وتدهور الأراضي، فإن موضوع مكافحة التصحر من أهم مستهدفات رؤية السعودية 2030، ولذلك تبنت القيادة السعودية الرشيدة، حماية البيئة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، بعدد من المبادرات البيئية الرائدة، منها المحميات الملكية ومبادرتا "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، وهي مبادرات لا تقل أهمية عن مبادرة الجدار الأخضر الكبير التي تبناها مؤتمر الأطراف المعني بمكافحة التصحر، وهو مشروع طموح أطلقه الاتحاد الإفريقي في 2007 بهدف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي في إفريقيا، بإنشاء حزام أخضر بعرض 15 كيلومترا وطول 7000 كيلومتر من الأشجار والشجيرات والنباتات الأخرى عبر كامل عرض القارة الإفريقية، خاصة في منطقة الساحل، جنوب الصحراء الكبرى.

ففي ظل هذه التناغم بين مستهدفات ومنجزات الرؤية السعودية ومؤتمر الأطراف سعت المملكة من خلال وزارة البيئة والمياه والزراعة إلى توقيع اتفاقية تمهد الطريق لعقد الدورة الـ16 لمؤتمر أطراف الاتفاقية (COP 16) في الرياض في الفترة من الثاني إلى 13 ديسمبر 2024، وبذلك يعد مؤتمر الرياض COP16 أكبر اجتماع على الإطلاق للأطراف الـ(197) في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق، في وقت يصادف 2024 الذكرى الـ30 لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وتأتي هذه المبادرة المهمة جدا لتعزيز الجهود الدولية للحد من تدهور الأراضي والتصحر، التي تؤثر في نحو (ثلاثة) مليارات نسمة بتدهور الأراضي، وتسبب بخسائر تقدر قيمتها بـ(ستة) تريليونات دولار من الخدمات الإيكولوجية المفقودة، وسيتضمن الحدث الذي يستمر مدة أسبوعين جزءًا رفيع المستوى، إضافة إلى الأحداث المرتبطة به بما في ذلك تجمع النوع الاجتماعي ومنتدى الأعمال من أجل الأرض.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي