التنافسية وبناء الفرق المتينة

مدير الصندوق الاستثماري يعمل ليل نهار ليهزم المؤشر ـ والمؤشر يمثل العموم والمتوسط والرائج الحالي من الأداء ـ كذلك المستثمر الذي يملك الحصص في كيان تجاري يسعى للربح، تنحصر توقعاته في تحقيق عوائد "معقولة ومقبولة" على الأقل، والعوائد المعقولة المقبولة هي ما يساوي أو يتجاوز معدل العوائد لهذا القطاع أو في هذه السوق. هذا يعني أداء مماثلا للغير ـ على الأقل ـ أو أفضل من الغير. وهذا يعني أنه حتى في المنظمات التي تصنف نفسها أنها تعمل في بيئة قليلة المنافسة، أو أنها تنافس نفسها، فهي بشكل أو بآخر تقوم على دافع مشترك يقول: "يجب ألا تتخلف عن العموم، وعن المتوسط، وعن الأداء الرائج وإلا تعثرت" في نظر أصحاب المصلحة الأساسيين وفشلت في تحقيق أهداف المنظمة. 
التنافس عنصر أساس في العمل التجاري، يبدأ من التنافس على العمل البيعي، وإرضاء العملاء، وينتهي إلى التنافس على تحقيق معدلات الربح التي تضمن التنافس على عوائد المستثمرين. تحتاج المنظمات التي تسعى لتجاوز متوسط العوائد لملاكها إلى تبني الطبيعة التنافسية في أعمالها وثقافتها. من خلال الاعتراف بأهمية التنافس وتحديد درجة التنافس المطلوبة، يمكن لفرق القيادة التنفيذية توجيه استراتيجياتها وأهدافها وتوقعاتها وفقا لذلك. يتطلب هذا التحدي إعداد وبناء فريق يتطلع إلى التفوق ويبتعد عن الحد الأدنى ومناطق الخطر والاضطراب. 
الفريق الذي تختل إحدى قواعده أو تضعف إحدى حلقاته من نواحي التنافسية، يعجز عن الوصول إلى التناغم المطلوب الذي يحقق به مستهدفاته. وقد تكون منطقة الضعف هنا مرتبطة بتعريف معيار التنافسية لدى أحد أفراد هذا الفريق. مثل هذا الفرد سيرضى بالأداء الأقل، لأنه لا يملك دوافع التفوق، ولا يتمكن في العادة من الربط بين أدائه كفرد، وأداء فريقه، وأداء المنظومة التي يعمل بها ضمن السياق الأكبر الذي يحقق مستهدفات أصحاب المصلحة. 
عند بناء الفرق القوية، من المهم اختيار الأفراد الذين يمتلكون الكفاءات والخبرات المناسبة للتفوق في بيئة تنافسية. هذا يشمل البحث عن أعضاء فرق لديها سجلات جيدة في تحقيق نتائج استثنائية، الذين يتمتعون بالدافع القوي، ويمتلكون المهارات والمعرفة اللازمين للتفوق على منافسيهم ـ ومن ذلك قدرتهم على قراءة السوق ومعرفة نوعية القدرات الموجودة في الأماكن الأخرى. يضمن ذلك تجهيز الفريق بالقدرات المطلوبة لمواجهة التحديات واستغلال الفرص التي تنشأ. 
من المفارقات في هذا السياق عضو الفريق الجيد في مجاله الذي يعتقد أن المنافسين يملكون أعضاء في مثل مكانه لكن أقل قدرة، إذ يدخل الغرور إليه ويبدأ في التقليل من الآخرين، بالتالي تخبو لديه شعلة التنافس ويبرد أداؤه. هذا الاطمئنان المخادع مدمر، خصوصا لو انتقل إلى أكثر من فرد من أفراد الفريق. تستطيع معرفة ذلك إذا كثرت العبارات التي يقلل فيها أفراد الفريق من الفرق الأخرى المنافسة، "هم لا يفهمون، نحن أفضل منهم، ولا يملكون الأدوات". ينبئ هذا السلوك المليء بالسخرية والتنمر والجهل بالغرور ويضعف التنافسية، بالتالي سينعكس عاجلا أو آجلا على الأداء العام، وسيقوم بتنزيل ترتيب الفريق في الأداء وفي سلم التنافسية ويجهزه للابتعاد عن معدلات السوق وتطلعات الملاك. 
بينما تعد التنافسية أمرا مهما، فإن تعزيز المعايير الأخلاقية وثقافة التعاون والتحسين المستمر داخل الفريق مطلب ضروري لضبط النمو السلبي للتنافسية. يجب أن تتعايش الروح التنافسية الصحية مع العمل الجماعي، ما يشجع على مشاركة الأفكار والمعرفة وأفضل الممارسات بين أعضاء الفريق. توفر هذه البيئة الأجواء الملائمة للابتكار والإبداع، ما يمكن الفريق من استكشاف استراتيجيات الحصول على الميز التنافسية. 
إضافة إلى ذلك، الالتزام بالتحسين المستمر يضمن أن يقوم أعضاء الفريق بتحسين قدراتهم باستمرار والبقاء في صدارة المشهد المتغير بسرعة. على الرغم من أهمية التنافس، فمن الضروري العثور على التوازن والحفاظ على أسس أخلاقية قوية. 
يجب أن تكون الروح التنافسية الصحية مبنية على العدل والاحترام والاحترافية. من خلال التأكيد على الممارسات الأخلاقية والنزاهة داخل الفريق، يمكن للفريق التركيز على تحقيق أداء متميز مع الحفاظ على الثقة والمصداقية. يمكن أن يكون التنافس الدافع للابتكار والنمو، فالفريق الذي يتبنى التنافسية من المرجح أن يستكشف استراتيجيات وتقنيات جديدة للحصول على الميز التنافسية. كما أن الرغبة في التفوق على الآخرين بشكل واع تدفع أعضاء الفريق للتفكير خارج الصندوق وتحدي المعتقدات التقليدية واتخاذ المخاطر المحسوبة. 
عند بناء الفرق القوية، تعد التنافسية متطلبا حاسما لتحقيق نتائج استثنائية، وهذا يحدث من خلال اختيار الأفراد المناسبين المفعمين بالحماس وبالطاقة المتجددة التي تقرب الأداء الكلي للفريق والمنظمة من معدلات السوق وتسمح بتجاوزها. 
تعزيز التعاون والالتزام بالمعايير الأخلاقية واستغلال التنافس لسبر أغوار الابتكار يمكن المنظمات من إيجاد فريق قادر على تحقيق أداء متفوق وصنع قصص نجاح ترضي أصحاب المصلحة ويمكن التعلم منها.          

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي